استضافت كامكو إنفست وبنك برقان، أمس، مؤتمر الاستثمار 2025 بنجاح، الذي انعقد تحت شعار «استكشاف الاتجاهات... أفكار تحرّك الأسواق»، وناقش المؤتمر الذي حضره قادة فكر وخبراء في القطاع المالي والاستثماري، إلى جانب مستثمرين من المؤسسات والأفراد من الكويت والمنطقة، عدداً من الموضوعات الحيوية المتعلقة بالاقتصاد العالمي والعوامل الجيوسياسية وفئات الأصول المختلفة. ويأتي هذا المؤتمر دعماً للرؤية الهادفة إلى تحويل الكويت مركزا ماليا وتجاريا إقليميا.
وخلال كلمته الافتتاحية، رحّب الرئيس التنفيذي لـ «كامكو إنفست»، نائب رئيس مجلس إدارة بنك برقان، فيصل صرخوه، بالحضور والمشاركين، وأكد أهمية المؤتمر الذي يعكس الالتزام بتحليل القوى الرئيسية التي تشكّل الاقتصادات العالمية والإقليمية، بدءاً من التحولات الجيوسياسية والرقابية، وصولاً إلى التقدّم التكنولوجي والفرص المتاحة في كل قطاع.
كما سلّط صرخوه الضوء على الشراكة الاستراتيجية بين «كامكو إنفست» و«برقان»، عقب استحواذ البنك على حصة الأغلبية في شركة كامكو إنفست. ويجمع هذا التعاون مؤسستين عريقتين تتمتّع كل منهما بسجل حافل من الإنجازات والخبرة الواسعة، مما يخلق منظومة مالية متكاملة. ومن خلال الاستفادة من نقاط القوة المشتركة، تعمل المؤسستان على تعزيز الحلول الاستثمارية وفتح آفاق أوسع للعملاء في ظل المشهد المالي الذي يتسم بسرعة التغيّر.
صرخوه: المؤتمر يعكس الالتزام بتحليل القوى الرئيسية التي تشكل الاقتصادات العالمية والإقليمية
«أكسفورد إيكونوميكس»
واستطلع كبير الاقتصاديين في «أكسفورد إيكونوميكس» الشرق الأوسط، سكوت ليفرمور، آراءه حول المشهد الاقتصادي الكلي والجيوسياسي، مؤكدا توقعات «أكسفورد إيكونوميكس» باستمرار مسار النمو العالمي الثابت هذا العام، وإن لم يكن بمعدلات مرتفعة.
ورغم أن هذا قد يبدو وكأنه اتجاه شامل، فإنه في واقع الأمر يعكس 3 حالات مختلفة: الأداء الاقتصادي الاستثنائي للولايات المتحدة، وانخفاض نمو النشاط الاقتصادي في الصين، والركود الاقتصادي في أوروبا.
وعلى الصعيد العالمي، يتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة تدريجياً، باستثناء أوروبا، حيث لا تزال سياسات التيسير النقدي مقيّدة. وفي الوقت نفسه، ستؤدي السياسة المالية دوراً مهماً في رسم الآفاق الاقتصادية. في المقابل، تتمتّع دول مجلس التعاون الخليجي بمركز مالي جيد، وتحقق تقدّماً في تنويع اقتصاداتها، مما يجعلها من بين الأفضل أداءً في الاقتصاد العالمي.
وتظل حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية الخطر الرئيسي على التوقعات الاقتصادية. ورغم أن دول مجلس التعاون ليست حاليًا هدفاً مباشراً لأي إجراءات تجارية محتملة من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن أي اضطرابات تجارية عالمية من شأنها أن تؤثر سلباً على المنطقة، وفضلاً عن ذلك، تشكّل التوترات الجيوسياسية المستمرة في جميع أنحاء العالم تهديدات أخرى للاستقرار الاقتصادي العالمي.
الاستثمار في رأس المال البشري
وناقش خبراء اقتصاديون خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات المؤتمر التحولات الديناميكية التي تشهدها اقتصادات دول مجلس التعاون في ظل التحديات العالمية والإقليمية. شارك في الجلسة المستشار الأول في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، د. ميرزا حسن، ورئيس شركة ناصر سعيدي وشركاه، د. ناصر سعيدي، وأدارها رئيس قطاع الأسواق والاستثمارات المصرفية في «كامكو إنفست» عضو مجلس إدارة بنك برقان، عبدالله الشارخ.
وأكد المتحدثون أهمية تقليص الاعتماد على عائدات النفط، التي تتسم بالتذبذب، مشيرين إلى أن دول الخليج حققت نمواً اقتصادياً كبيراً بفضل النفط، إلّا أن التحديات الحالية، مثل انخفاض أسعاره والاعتماد المتزايد عليه، تستدعي إصلاحات هيكلية لتعزيز التنويع الاقتصادي. وأجمع الخبيران على أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد يتطلب التحول إلى نموذج يعتمد على زيادة الإنتاجية.
وتطرقت الجلسة إلى الموازنة بين الانضباط المالي والإنفاق الحكومي الاستراتيجي، حيث شدد المشاركون على أن الاستثمارات العامة الكبيرة ضرورية لدعم الابتكار وتعزيز تنافسية الصناعات، لكنها يجب أن تظل ضمن إطار يضمن الاستدامة المالية. كما ناقشوا سبل تمويل الإصلاحات الاقتصادية، مشيرين إلى أهمية إصدار الديون بشكل مدروس، والاستفادة من صناديق الثروة السيادية كآليات لتمويل هذه الإصلاحات دون التأثير على الاستقرار المالي على المدى الطويل.
واختُتمت الجلسة بمناقشة تأثير حالة عدم اليقين العالمية، مثل تقلّب أسعار الفائدة والتوترات التجارية، على الاقتصادات الإقليمية. وسلط د. حسن ود. سعيدي الضوء على أهمية تبنّي سياسات نقدية مرنة، والدور المحوري للبنوك المركزية في التعامل مع التطورات المالية العالمية. كما أكدا أن الاستثمار في رأس المال البشري، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتعميق التعاون الإقليمي، عوامل أساسية لمواجهة الصدمات الخارجية، وبناء مستقبل اقتصادي مزدهر ومستدام لدول مجلس التعاون الخليجي.
مستقبل ازدهار وتنويع اقتصادات الخليج يعتمد على الاستثمار في رأس المال البشري وتعزيز دور القطاع الخاص وتعميق التعاون الإقليمي
الاستثمار الموضوعي
وفي الجلسة النقاشية المتعلقة بأسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي، تطرق المشاركون إلى التحولات الاقتصادية الكلية والهيكلية الرئيسية التي تشكل المشهد الاستثماري مع دخولنا عام 2025، وشارك في الجلسة رامان سوبرامانيان، العضو المنتدب ورئيس قسم أبحاث الحلول العالمية في «MSCI»، وإياد غلام، رئيس قسم أبحاث الأسهم في الأهلي كابيتال في السعودية، وتوماس ماثيو، نائب رئيس في إدارة استثمارات الأسهم والدخل الثابت في كامكو إنفست، فيما أدارت الجلسة سارة دشتي، نائب رئيس في إدارة الأسهم والدخل الثابت في كامكو إنفست.
وتستمر التحديات العالمية، مثل ارتفاع معدلات التضخم، وأسعار الفائدة، والتوترات الجيوسياسية، والحرب التجارية المستمرة في التأثير على ديناميكيات الأسواق. بالمقابل، تسعى دول مجلس التعاون الخليجي بنشاط إلى تنويع الاقتصاد والانتقال إلى مصادر الطاقة البديلة، مع وجود مشاريع كبيرة مثل رؤية السعودية 2030 والمبادرات الجديدة في الكويت التي تخلق فرصا استثمارية.
وسلطت الجلسة النقاشية الضوء على الأهمية المتزايدة للاستثمار الموضوعي، مع التركيز على المشاريع الكبرى والأحداث الرئيسية كمواضيع أساسية للاستثمار، خاصة في البنية التحتية، والبناء والأعمال الانشائية، والسياحة، ومن المتوقع أن تولّد هذه المواضيع فرصاً عبر مختلف القطاعات مثل الصناعات والمرافق والعقارات والقطاع المصرفي، مما يؤثر بشكل كبير على السوق.
وبسبب عدم استقرار الاقتصاد الكلي في السنوات القليلة الماضية، لا يزال الوزن الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي في مؤشرات الأسواق الناشئة لدى MSCI أقل من وزنه المحدد بنسبة 4%، مما يشير إلى فرصة لزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي. ومن بين العوامل التي تحفّز الاستثمارات الأجنبية إمكانية زيادة السعودية لسقف تملك المستثمرين الأجانب إلى 100%، وهو ما قد يستقطب تدفقات تتراوح بين 9 و10 مليارات دولار. إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تضيف التغييرات الأخيرة في قواعد الاستثمار الأجنبي في مكة المكرمة والمدينة المنورة 600 مليون دولار إلى وزن السعودية في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة في مايو المقبل، على افتراض ثبات أوزان الشركات الأخرى.
إن الأهمية المتزايدة لدول مجلس التعاون الخليجي في أسواق الأسهم العالمية تتجلى في زيادة وزنها داخل مؤشر MSCI للأسواق الناشئة. وكما أشار رامان سوبرامانيان من «MSCI»، فقد قفز هذا الوزن الإجمالي من أكثر من 1% بقليل في يونيو 2014، عندما أضيفت قطر والإمارات، إلى أكثر من 7% حالياً، وهذا النمو الكبير هو نتيجة للأداء القوي لدول مجلس التعاون الخليجي، والذي يتجاوز مؤشر MSCI للأسواق الناشئة بأكثر من 2% سنوياً، وزيادة فرص الاستثمار بالمنطقة 4 مرات على مدى السنوات العشر الماضية، مما يؤكد الارتفاع السريع لدول مجلس التعاون الخليجي في أسواق الأسهم العالمية.
وفي مواجهة التحولات الهيكلية التي تؤثر على أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي، يحتاج المستثمرون إلى تبني نهج استراتيجي للاستفادة من الفرص الناشئة. وفي ظل بيئة اقتصادية كلية عالمية متغيرة ومع تسارع التنوع الاقتصادي، سيكون الاستثمار الموضوعي الذي يركز على التحولات الهيكلية في الأسواق بدلا من القطاعات التقليدية أو التحركات قصيرة الأجل، نقطة أساسية بالنسبة للمديرين النشطين الذين يسعون إلى الاستفادة من التوجهات الكبرى طويلة الأجل في أسواق الأسهم بالمنطقة.
الجلسة الرابعة ناقشت موضوع استثمار رأس المال في الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
التمويل المدعوم بالأصول
وفي الجلسة النقاشية الثالثة، تم التطرق إلى فرص الاستثمار في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، والفرص المتاحة في أسواق الدين والأسهم. وتناولت الجلسة أثر ارتفاع أسعار الفائدة على إعادة صياغة استراتيجيات العقار. وضمت الجلسة النقاشية كلاً من إيان ووربويز، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة يوروبيان غرين لوجيستكس سبيس (EGLS)، وفابريس فرايكين، الشريك الإداري والمؤسس لشركة فليكسام إنفست، ومحمد العثمان، رئيس تنفيذي أول للاستثمارات البديلة في كامكو إنفست، وأدار الجلسة حسن فران، الرئيس التنفيذي لـ «كامكو إنفست - لندن».
وسلط المشاركون في الجلسة الضوء على أثر ارتفاع تكاليف الاقتراض على استراتيجيات الاستثمار، إذ أدى هذا التحول إلى التركيز المتجدد على الأساسيات وممارسات إدارة المخاطر القوية والتنويع، مدركين ضعف القدرة على التنبؤ بأداء السوق التقليدي. بالتالي، أصبح من الأهمية بمكان الآن حماية المستثمرين من الخسائر واختيار الأصول بعناية.
وفي مجال العقارات، تناولت الجلسة النقاشية السلوك المتغير للمستأجرين، مما يجعل تحديد المراكز الاستراتيجية في السوق أمراً بالغ الأهمية. ورغم أن اتجاهات السوق بالمجمل قد لا تضمن تحقيق العوائد، فإن الفهم الشامل لظروف السوق المحلية ونشاط المستأجرين واستراتيجيات التنويع من شأنه أن يقلل المخاطر ويحسن الاستقرار، كما تطرقت الجلسة إلى العلاقة بين أسعار الفائدة وتسعير الأصول واتجاهات التطوير العقاري.
وبالنسبة لأسواق الدين، لا يزال الائتمان الخاص يوفر فرصاً جذابة، وخاصة في التمويل المدعوم بالأصول، مستفيداً من زيادات أسعار الإيجار والتحوط من التضخم. ونظراً لتزايد مخاطر التخلف عن السداد في بعض القطاعات المثقلة بالديون، فإن إدارة المخاطر بعناية تشكل أهمية بالغة. ويعتمد الحفاظ على عوائد قوية في الاستثمارات ذات العائد المرتفع على الاختيار الدقيق للأصول، والهياكل المدعومة بضمانات، واستراتيجيات فعالة لتوليد فرص استثمارية جديدة.
وفي ظل ارتفاع أسعار الفائدة، شدد المشاركون في نهاية الجلسة النقاشية على ضرورة تبني نهج استباقي من المستثمرين والتركيز على الأساسيات. وأكدوا أن الاستثمار الناجح، سواء في العقارات أو الائتمان الخاص، يعتمد على تحديد الأصول القوية والمرنة وإدارة المخاطر بعناية لضمان العائدات طويلة الأجل.
التمويل المدعوم بالأصول يقدّم عوائد قوية في الأسواق ذات العائد المرتفع مستفيداً من ارتفاع أسعار الإيجار والتحوط من التضخم
التخارج من الشركات الناشئة
وناقشت الجلسة الرابعة موضوع استثمار رأس المال في الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تم التطرق إلى أهمية عمليات التخارج الناجحة من أجل ازدهار هذه المنظومة بالمنطقة، وناقش المشاركون استراتيجيات تخارج المؤسسين والمستثمرين، والعوامل التي تجعل عمليات التخارج ناجحة، وكيف يمكن للحكومات دعم النمو، والتأثير المتزايد لرأس المال الخاص في المنطقة.
وشارك في هذه الجلسة كل من عبدالعزيز العمران، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Impact46، وسليمان العنجري، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لتطبيق Yiswa والشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للعمليات السابق لشركة دبدوب، وإيلي حبيب، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أنغامي، وأدارت الجلسة دلال الشايع، نائبة رئيس أول للاستثمارات البديلة في «كامكو إنفست».
سلّط المشاركون خلال هذه الجلسة الضوء على كيفية تأثير عمليات التخارج على دورة رأس المال في الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فالتخارج الناجح يُمكّن المؤسسين الناجحين من إطلاق مشاريع جديدة، وجذب المستثمرين المتمرسين ذوي الخبرة، وإعادة تدوير رأس المال في السوق. والتخارج الناجح سواء كان من خلال الاكتتابات العامة الأولية أو عمليات الاندماج والاستحواذ، أمر بالغ الأهمية لتوفير السيولة وتحفيز إعادة الاستثمار وتعزيز الابتكار. إن الفهم العميق للعوامل التي تدفع إلى التخارج الناجح، إلى جانب الاستراتيجيات اللازمة للتغلّب على التحديات الإقليمية، من شأنه أن يمكّن رواد الأعمال والمستثمرين من النجاح في هذه البيئة الديناميكية، وبالتالي خلق حلقة جديدة من ريادة الأعمال وإعادة الاستثمار. وينال المؤسسون الذين يتخارجون بنجاح من شركاتهم الناشئة خبرة قيمة، ومصداقية بجانب السيولة. وفي الأغلب يواصل العديد من رواد الأعمال إطلاق مشاريع جديدة، مستفيدين من خبراتهم المكتسبة لبناء وتوسيع نطاق أعمالهم بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
الابتكار التحولي
كانت الجلسة الأخيرة عبارة عن مقابلة مباشرة أجراها فيصل العثمان، رئيس في إدارة الأسهم والدخل الثابت في «كامكو إنفست»، مع كاثي وود، الرئيس التنفيذي وكبير مسؤولي الاستثمار في «آرك إنفست»، التي تؤمن بأن الابتكار التحولي هو المحرك الأساسي للنمو طويل الأجل، حيث يعمل على تغيير الصناعات من خلال تبسيط العمليات، وزيادة إمكانية الوصول، وخفض التكاليف. وتركز «آرك إنفست» بشكل حصري على التقنيات التحولية، عبر تحديد الشركات القيادية والمستفيدة في هذا القطاع، بهدف تحقيق نمو طويل الأجل لرأس المال.
وأشار العثمان إلى أن «كامكو إنفست» تستثمر في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي والتكنولوجيا عبر مجموعة متنوعة من الفرص الاستثمارية، إدراكاً للإمكانات التحولية لهذه المجالات في تطور الاقتصاد العالمي. ومن خلال البحث الفعّال عن الفرص في مختلف جوانب سلسلة القيمة التكنولوجية، تسعى للاستفادة من النمو والابتكار العالمي.
0 تعليق