قالت ثلاثة مصادر مطلعة إن إدارة بايدن تخطط لفرض المزيد من العقوبات على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، مستهدفة عائداتها النفطية باتخاذ إجراءات ضد الناقلات التي تحمل الخام الروسي، بحسب "رويترز". وقالت المصادر إن إدارة بايدن تخطط لفرض عقوبات تستهدف الناقلات التي تحمل النفط الروسي المباع بسعر أعلى من سقف الغرب البالغ 60 دولارا للبرميل.
من جانبه، صرّح رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، أندري يرماك، بأنه يتوقع صدور قرارات إيجابية بشأن فرض العقوبات على أسطول الظل الروسي.
وقال "يرماك": "أسطول الظل الروسي ليس مجرد أداة للتحايل على العقوبات، بل هو وسيلة لتنفيذ عمليات تخريبية ضد حلف الناتو، ننتظر قرارات إيجابية"، بحسب تقارير غربية.
كما يبدو أن إدارة بايدن تسعى إلى تعزيز الدعم لأوكرانيا قبل تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 يناير الجاري، نظرًا لشكاوى الزعيم الجمهوري المتكررة بشأن تكلفة الدعم الأمريكي لأوكرانيا، ومن غير الواضح ما هو النهج الذي سيتبعه ترامب في فرض العقوبات على روسيا.
الأنباء المتداولة عن العقوبات أعادت لى العناوين الرئيسية قصة "أسطول الظل الروسي".. وخلفيته ولماذا يتحرك الغرب ضده؟
العقوبات الأمريكية والغربية
قال مسؤول أمريكي لـ "رويترز" إن الإدارة الأميركية أبلغت وزارة الخارجية الهندية بالعقوبات المقبلة، مشيرا إلى أن السوق المليئة بالنفط وحقيقة أن أسعار النفط منخفضة يمكن أن تساعد الهند على تلبية احتياجاتها من الخام، ولم ترد وزارة الخارجية الهندية على طلب "رويترز" للتعليق على الأمر.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: "إنها حزمة كبيرة للغاية. تضم شركتي نفط روسيتين وأكثر من 100 ناقلة نفط وتجار نفط وشركات تأمين روسية وما إلى ذلك"، دون أن يذكر أسماء الكيانات، بينما قال مصدر ثان إن العقوبات من المرجح أن تستهدف بعض الأشخاص المتورطين في شبكات تداول النفط فوق سقف السعر.
في 16 ديسمبر الماضي، وافق مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي على الحزمة الخامسة عشرة من العقوبات ضد روسيا، والتي تضمنت إجراءات جديدة ضد الأسطول الروسي، بما في ذلك السفن التابعة لدول ثالثة التي تساهم في دعم الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
كما فرضت الحكومة البريطانية عقوبات على 20 سفينة وشركتين تجاريتين بسبب تورطها المزعوم في تجارة النفط الروسية.وفي 17 أكتوبر، فرضت الحكومة البريطانية عقوبات إضافية على 18 ناقلة نفط روسية وأربع ناقلات غاز مسال.
كما فرضت مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا سقف 60 دولارا على النفط الروسي في أواخر عام 2022، مما حظر استخدام الخدمات البحرية الغربية مثل النقل والتأمين والتمويل لشحنات النفط التي يبلغ سعرها عند الحد الأقصى أو أعلى.
ما هو أسطول الظل الروسي؟
وبعد مرور أكثر من عامين على بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ورغم العقوبات الغربية الواسعة على موسكو، وفي مقدمتها العقوبات الاقتصادية التي تستهدف قطاع النفط على وجه الخصوص، فإنه لا يزال النفط الروسي يصل إلى وجهاته عن طريق ما يُسمى "أسطول الظل".
حيث يُطلق مصطلح "أسطول الظل" على ناقلات النفط المستعملة التي اشترتها شركات الشحن الروسية بهدف إيصال النفط الروسي إلى الدول التي لا تفرض حظرًا على هذا النفط مثل الصين أو الهند.
وحسب تقرير لوزارة الخزانة الأميركية صدر في عام 2020، فالناقلات التي تتبع "أسطول الظل" تقوم بتغيير الأعلام التي تحملها، وإيقاف تشغيل أجهزة الإرسال حتى لا يتم تتبعها، أو حتى إرسال إشارات خادعة، إضافة للقيام بتبادل النفط في البحر.
بعض هذه الناقلات تقوم بتغيير اسم السفينة، وتعمد إلى استخدام أسماء شركات وهمية، أو تزوير المستندات لإخفاء ملكية الناقلة التي تُبحر عادة من دون أي تأمين حقيقي عليها، حيث تهدف من خلال كل هذه الترتيبات إلى البقاء بعيدًا عن متناول هيئات إنفاذ القانون البحري.
وقدّرت شركة الذكاء الاصطناعي البحري "ويندوارد" في أواخر سنة 2023 أن "أسطول الظل" الروسي يتكون من نحو 1400 إلى 1800 سفينة، وهو ما يعادل خُمس تجارة النفط العالمية، وفق ما ذكرته شبكة "سي إن إن" الأميركية.
ووفق تقرير لوكالة "بلومبرغ" عام 2023، فإن طرق التفاف روسيا على العقوبات الغربية عززت أعمال عشرات التجار وشركات الشحن الذين يصعب تعقبهم، في وقت يبلغ ما يتقاضونه بوصفهم "ناقلين بالظل" 11 مليار دولار سنويًا من عائدات موسكو من النفط بين وقت مغادرة النفط روسيا وحتى وصوله إلى المشترين.
لماذا يشكل تهديدًا ؟
أصدرت المنظمة البحرية الدولية في نهاية عام 2023 قرارًا خاصًا دعت فيه الدول الأعضاء إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد التسجيل الاحتيالي للسفن وتعزيز عمليات التفتيش على الناقلات في الموانئ.
فيما وُصف النشاط المكثف لأسطول الظل الروسي يهدد الأمن البحري العالمي. فعادةً ما تقوم هذه السفن بإيقاف أجهزة التتبع (نظام تحديد المواقع)، وهو انتهاك صارخ لقواعد المنظمة البحرية الدولية، مما يعرّض السفن الأخرى للخطر ويقوض نظام الأمن البحري الدولي.
وبحسب تقرير تحليلي لـ "نيويورك تايمز" فإن أسطول الظل الروسي قد يشكل الآن خطرًا أكثر إلحاحًا على الغرب، فمؤخرًاصعدت قوات الكوماندوز الفنلندية على متن ناقلة نفط يشتبه المسؤولون في أنها قطعت كابلات حيوية تحت الماء في بحر البلطيق، بما في ذلك كابل يحمل الكهرباء بين فنلندا وإستونيا.
وكشف المسؤولون أن السفينة "إيغل إس"، تحمل كل السمات المميزة للسفن التابعة لأسطول الظل الروسي، وقد انطلقت من ميناء روسي قبل وقت قصير من قطع الكابلات، وهو ما اعتبر أول حالة معروفة لاستخدام سفينة أسطول الظل لتخريب البنية التحتية الحيوية في أوروبا عمدًا، كما قال المسؤولون والخبراء، وهو تصعيد واضح من جانب روسيا في صراعها مع الغرب، فيما كانت الشكوك في أن روسيا تستخدم سفن الظل لأكثر من مجرد التهرب من العقوبات قائمة قبل قطع الكابلات؟
في أبريل الماضي، أخبر قائد البحرية السويدية إحدى وسائل الإعلام المحلية، أن هناك أدلة على استخدام مثل هذه السفن لإجراء استخبارات إشارات نيابة عن روسيا، وأن بعض سفن الصيد تم رصدها بهوائيات وصوارٍ لا تُرى عادة على السفن التجارية.
ألقت سفينة مسجلة في هونغ كونغ "نيو نيو بولار بير"، مرساها وقطعت خط أنابيب الغاز بين فنلندا وإستونيا، وسُمح لهذه السفينة بالإبحار إلى المياه الدولية قبل أن تتمكن السلطات من التحقيق.
0 تعليق