اتجاه
الجمعة 10/يناير/2025 - 07:46 م 1/10/2025 7:46:17 PM
لإمام الدعاة، الشيخ محمد متولى الشعراوى، رحمة الله عليه، مقولة فاصلة فى شئون الحكم: «أن يحكمنا الإسلام، ولا نُحكَم بالإسلام»، وبتفسيره القاطع، أن نتبع الإسلام كمنهج حياة شامل، لا نكتفى بالكلام عنه، وإنما العمل بتعاليمه فى جميع مناحى الحياة، وكانت الرؤية عنده، أن يكون الإسلام هو الذى يحكم المجتمع، سواء على مستوى القيم الأخلاقية أو التشريعية أو النظم الاجتماعية، خشية الاقتصار على تطبيق بعض قواعد الشريعة، من دون أن تكون هى الأساس، الذى يوجه المجتمع والحياة..هنا يكون «الشعراوى»، قد وضع حدود ما يجب أن تكون عليه السلطة الدينية، حتى لا يُساء استخدام الدين، فى الادعاء على الناس، ووضع فروض الولاء، رغبا ورهبا.
< ولأن السلطة الدينية من أهم القوى المؤثرة فى المجتمعات، حيث تلعب دورًا مهمًا فى توجيه الشعوب، نحو القيم الدينية والأخلاقية. ما يدعو إلى الحذر والانتباه، من أن استخدام هذه السلطة بأساليب غير مدروسة أو احتكارها، قد ينتهى إلى العديد من المخاطر، التى تهدد استقرار المجتمع وحريات أفراده الأساسية، بداية من التسلط على حرية التفكير والتعبير، فيما أخطر الممارسات، عندما يتم تكريس سلطة دينية مطلقة، ربما يُجبَر الأفراد على تبنى معتقدات معينة، أو رفض الأفكار المخالفة لتفسيراتها، ما يقيد الحريات الفردية، ويحد من الابتكار والتطور الفكرى، ومثل هذ الأجواء، يتم قمع التنوع الفكرى وتغييب الحوار بين مختلف الآراء، ما يعرقل التقدم الاجتماعى والثقافى.
< والأكثر شيوعا مع هذا النوع من السلطة، استخدامها لتبرير الحكم الاستبدادى، وفى بعض الأحيان، يتم استغلال الدين لفرض سلطات سياسية دينية، حيث يستخدم كأداة لتأكيد سيطرة طبقة أو جماعة معينة على السلطة، ما يؤدى إلى التهميش والإقصاء للفصائل غير المتوافقة مع هذا النظام، ومن ثم التمييز ضد عرقيات وطوائف أقلية، تنعدم معه أى نوع من مظاهر العدالة الاجتماعية، يليه جبرا، عدم تمكين أفراد المجتمع، من الحصول على حقوقهم الأساسية، علاوة على أن السلطة الدينية قد تؤدى إلى خلق انقسامات اجتماعية وعنف، وفى حالات كثيرة، قد يتم تفسير الدين بشكل متطرف، ويُستخدم لتأجيج النزاعات والصراعات، يستحيل أن تتعايش معه الشعوب.
< وخطورة هذه السلطة، ليست حتمية ولا مطلقة، لكنها- الخطورة- تقاس على ماهية الهيئة التى تتولى إدارتها، ما إن كانت بيد دول أو جماعات متشددة وحتى المعتدلة.. هناك مثلا فى إيران، سلطة دينية معتدلة، وبحكم مذاهبهم ونظامهم الاجتماعى، يغطى نظام «ولاية الفقيه»، كل محددات السلطة السياسية، التى تتولى إدارة الدولة واستقرار المجتمع، ثم هناك نظام «الشورى» فى المملكة العربية السعودية، ويستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، فى ظل سلطة سياسية، منفتحة على الممارسة الديمقراطية، تقود البلاد نحو استقرار فى كل مناحى الحياة، وأيضا سلطة الإسلام «الليبرالى»، الذى يأخد تركيا، إلى واحدة من أهم دول العالم الحديث.
< لكن القول الثابت عن خطورة السلطة الدينية، إذا ما كانت بيد جماعات راديكالية، والأقرب لنا مثلا، حالة حركة «طالبان» المتشددة، منذ استعادت السلطة فى أفغانستان، فى أعقاب الانسحاب الأمريكى المُذِل، فى الـ31 من أغسطس 2021، فرضت قيودا قهرية على الشعب الأفغانى، حرمته من الحريات وميسور العيش، ومنعت النساء من التعليم، وأعادت البلاد إلى جاهلية القرن الواحد والعشرين، وفقا لفتاوى وسلطة رجال الدين، وهو النموذج للسلطة الدينية، الذى يهدد استقرار الدول، وأظن نسخته «المُدللة»، تستقر الآن فى سوريا، بنوايا دينية مكشوفة على الأرض، كل الخوف من اتساعها، لآن تكون نذير سلطوى باسم الدين، يهدد النظم الديمقراطية فى الدول الإسلامية..والعربية.
[email protected]
0 تعليق