لبنان العائد للحاضنة العربية

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

على فكرة

الجمعة 10/يناير/2025 - 07:51 م 1/10/2025 7:51:06 PM

أخيراً حدث ما بدا مستحيلاً خلال أكثر من عامين من شغور موقع رئيس الجمهورية اللبنانية، بسبب عجز الأحزاب والمكونات الطائفية وممثليها من الكتل النيابية فى البرلمان اللبنانى عن التوافق على مرشح رئاسى. أخيرا أصبح قائد الجيش «جوزيف عون «رئيسا للبنان. وسواء حدث ذلك بضغوط خليجية وأمريكية كما يروج من ينتمون إلى محور المقاومة ووفق ما تنشر وسائل الإعلام الأمريكية، أو فرضته التغيرات التى طرأت على المنطقة بحرب إسرائيل الوحشية على غزة وعلى لبنان وجنوبه، وسقوط نظام بشار الأسد فى سوريا، أو الاثنين معا، فإن انتخاب العميد جوزيف عون (60 عاما) ليصبح الرئيس الرابع عشر،هو لحظة إيجابية فارقة فى تاريخ لبنان المعاصر، بالنظر للطبيعة المعقدة والتقسيم المحاصصى، التى انطوى عليها هذا الموقع فى النظام السياسى منذ استقلال لبنان عام 1943.
مهدت الخطوة التى اتخذها «سليمان فرنجية «مرشح محور المقاومة بسحب ترشيحه لموقع الرئاسة، الطريق لتفاهمات أفضت إلى انتخاب عون. وفى الجلسة الأولى لمجلس النواب اللبنانى أمس الأول، لم يحصل جوزيف عون على أكثرية الثلثين، التى تشكل النصاب القانونى المطلوب ويبلغ 86 صوتا لتحقيق الفوز، وحصل على 71 صوتا فقط من بين 128 صوتا هم أعضاء البرلمان. ولعل ممثلى حزب الله وحركة أمل وبعض داعميهم فى محور المقاومة من أعضاء البرلمان، قد أردوا بعث رسالة للداخل والخارج،أن المرشح المدعوم إقليميا ودوليا، ليس بوسعه الفوز بدون أصواتهم. وحين حصل العميد جوزيف عون فى الجولة الثانية من التصويت على أغلبية كبيرة من الأصوات بلغت 99 صوتا، بات من المؤكد أن تفاهمات وترضيات وصفقات قد تمت،مع الثنائى الشيعى، لكى يمنح ممثلوه أصواتهم له.
وفى مشهد لا يوجد سوى فى لبنان وحده، أظهرت الفضائيات العميد جوزيف عون وهو يدلف وحيدا دون حشود نيابية ترافقه إلى مقر البرلمان بعد إعلان فوزه، مصحوبا فقط بحارسين، بينما «نبيه برى» رئيس مجلس النواب كان يجلس فى مقعده داخل مبنى البرلمان، بعد أن أدار العملية الانتخابية بحذق وبراعة، فى انتظاره لكى يلقى القسم الجمهورى. وهو مشهد رمزى معبر، وعميق الدلالة فى شكله العام، يؤكد علو سلطة التشريع والمراقبة وارتفاع شأنها، فوق رموز كل السلطات التنفيذية أيا كانت مراتبها.
وبانتخاب رئيس جمهورية جديد فى لبنان، هل بات هناك خاسرون ورابحون؟ نعم. خسرت كل الأطراف الداخلية والخارجية التى راهنت على شل مؤسسات الدولة الوطنية، ورهن مصير اللبنانيين بخيارات لم يستفتوا بشأن قبولها، بل أجبروا عليها، بقوة السلاح وفرط قوة الاستقواء بالخارج الإيرانى،وتبين عجز ذلك الخيار عن حماية حدود البلاد من التمدد الإسرائيلى داخل الحدود اللبنانية، وتصعيد نيتنياهو حروبه التى تحصد أرواح المدنيين، وتقفز على القانون الدولى، وتدوس عليه بالأقدام. خسرت قوى النهب والفساد التى هيأ لها ضعف مؤسسات الدولة فرصا لمواصلة نهب أموال الشعب اللبنانى والمتاجرة بأزماته، التى عملت تلك القوى على إدامتها، وتعهد رئيس الجمهورية المنتخب بملاحقتها ورد الحقوق لإصحابها، وحصر السلاح فى يد الدولة وجيشها الوطنى.
أما الرابح المؤكد فهو الشعب اللبنانى الحبيب،الذى ارتفع صوته بالتهليل عندما حصل الرئيس عون على 86 صوتا بما يؤكد فوزه، حتى قبل الإعلان النهائى عن حصولة على غالبية أصوات مجلس النواب. فالتوافق الذى جرى لانتخاب الرئيس، يشى بإمكانية استمراره فى إدارة شئون البلاد، ويعد لبنان وشعبه باستقرار وتنمية مستدامة وإعادة الإعمار، بما يعيده، كما تجلى فى الخطاب البديع للرئيس عون إلى الحاضنة العربية، وإلى أدواره الحضارية فى المنطقة العربية. وهو أمل يصبو إليه كل عربى وكل محب للبنان ولشعبه الجسور، ولعله لم يعد عصيا على التحقق والاكتمال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق