كشف متحف آثار الإسماعيلية عن قصة آلة السمسمية، التي تعد جزءا أصيا من التراث الشعبي في مدن قناة السويس، وترجع الدراسات التاريخية أصول السمسمية أو الطنبورة إلى آلة "الكنار" المنقوشة على جدران المعابد الفرعونية، والتي كانت تُستخدم في المناسبات الاحتفالية والدينية.
قصة السمسمية في مدن القناة
يرجح التاريخ الشفهي الذي يتناقله أبناء مدن القناة أن السمسمية انتقلت إلى السويس والإسماعيلية وبورسعيد مع العمال القادمين من جنوب مصر للمشاركة في حفر قناة السويس وأعمال الحراسة.
ويشير الباحثون إلى أن أصول الآلة تعود إلى تمازج الثقافات على البحر الأحمر، حيث تأثرت بالموسيقى القادمة من جدة مع العائدين من الحج.
أما عن أول من عزف الطنبورة، فكان عازفا يُدعى "عبد الله كبربر"، جاء من النوبة أو السودان.
وقد استخدم الآلة في جلسات السمر الليلية بين العمال، حيث ارتجل أغاني ساخرة تعبر عن يومياتهم وتنتقد وجود الإنجليز والفرنسيين خلال فترة حفر القناة.
ورغم أن بداية حفر قناة السويس كانت من بورسعيد شمالا، إلا أن توثيق الثقافة الشعبية المرتبطة بالطنبورة بدأ من السويس جنوبا.
ووفقا لروايات سبعة من بين أحد عشر عازفا وقوا تاريخ الآلة، فإن "عبد الله كبربر" كان الرائد في استخدام الطنبورة، ومع انتقالها إلى مدينتي الإسماعيلية وبورسعيد، أُدخلت تعديلات على أوتارها الخمسة، ليُطلق عليها لاحقًا اسم السمسمية.
وشهدت السمسمية تحولات كبيرة جعلتها رمزا ثقافيا ومقاوما، خصوصًا خلال حربي 1967 وأكتوبر 1973.
فقد استخدمت الفرق الموسيقية السمسمية للتعبير عن صمود أبناء مدن القناة، ونقل أخبار الحرب إلى بقية المحافظات المصرية.
وقد أصبحت ألحان السمسمية مرآة تعكس معاناة المهرين وأبطال المقاومة الشعبية، مما جعلها أحد الأسلحة الثقافية في مواجهة التحديات.
ومع تطور مدن القناة من قرى صغيرة إلى مدن كبيرة، ارتبطت حياة السكان بالسمسمية كرمز للهوية الثقافية والتاريخية.
ونجحت هذه الآلة الموسيقية البسيطة في التعبير عن وجدان أهالي مدن السويس، والإسماعيلية، وبورسعيد، لتبقى شاهدة على تاريخ طويل من الكفاح والتماسك المجتمعي.
0 تعليق