تشهد الساحة الفنية المصرية ظاهرة خطيرة تهدد التراث الثقافي والإبداعي، وهي تزوير وسرقة اللوحات الفنية لفنانين مصريين بارزين وبيعها في المزادات والمعارض الخارجية بمبالغ ضخمة.
ورغم أن هذه المشكلة ليست مقتصرة على مصر بل تمتد عالميًا، فإن تأثيرها المحلي يثير القلق، خاصة مع غياب قوانين رادعة وتفعيل حقيقي لقانون حماية الملكية الفكرية.
جريمة متكررة تستهدف الفنانين المصريين
في البداية أكدت شيرين منير فهيم، ابنة الفنان التشكيلي الراحل منير فهيم، أن أعمال والدها تعرضت للتزوير والبيع في الداخل والخارج.
وكشفت عن بيع خمس لوحات مزورة من أعماله في مزاد علني بلندن بملايين الجنيهات، لافتة إلى أن إحدى اللوحات المزورة ظهرت في صالة "بونهامز"، لكنها نجحت بالتواصل معهم وإيقاف بيعها.
وأوضحت أن هناك أفرادًا متخصصين في تزوير اللوحات الفنية داخل مصر، وصفتهم بأنهم "عصابة"، مشيرة إلى وجود أشخاص في الإسكندرية معروفين لدى التجار وصالات العرض يزيفون التوقيعات على اللوحات، أو يضعون توقيعاتهم الخاصة على الأعمال المقلدة، كما انتقدت قيام شخص بنسج إحدى أعمال والدها على سجادة ووضع اسمه عليها دون موافقة.
وشددت على ضرورة تفعيل قوانين حماية الملكية الفكرية بشكل صارم للحد من هذه الجرائم، مؤكدة أهمية فرض توثيق رسمي عند بيع اللوحات الفنية ومصادرة الأموال التي يتم الحصول عليها من التزوير.
وأضافت أنها أرسلت شكوى إلى نقيب التشكيليين، مرفقة بصور للأعمال الأصلية والمزورة، وطلبت التواصل مع صالة المزادات لمعرفة المتورطين في التزوير.
حسن وصفي، نقيب التشكيليين بالإسكندرية،
أوضح أن التزوير يحدث في جميع أنحاء العالم، داعيًا الفنانين وورثتهم إلى اللجوء للقضاء في حال تعرض أعمالهم للتزوير، مشدداً على أهمية تسجيل الأعمال الفنية لدى الجهات المختصة لتأمين حقوق الفنانين.
الدكتورة نيفين غريب، عميدة كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، أكدت أن التكنولوجيا الحديثة تسهم في تسهيل عمليات التزوير، لكنها أيضًا توفر أدوات دقيقة للكشف عنها، لافتة إلى ضرورة مواكبة التطور التكنولوجي لحماية الأعمال الفنية من التزييف.
مسيرة حياة الفنان الراحل منير فهيم
يعد الفنان التشكيلي منير فهيم، المولود عام 1935 بمحافظة البحيرة، من أبرز الفنانين المصريين، التحق بكلية الفنون الجميلة بجامعة القاهرة، لكنه اضطر لترك الدراسة بسبب مرضه، وعمل في الرسم الصحفي وأقام العديد من المعارض داخل مصر وخارجها.
وظهرت أعماله في أفلام ومسلسلات مصرية مثل فيلم "نساء الليل" ومسلسل "سيدة الفندق"، توفي عام 1983 عن عمر ناهز 48 عامًا إثر أزمة قلبية.
قوانين حماية الملكية الفكرية
ينص قانون حماية الملكية الفكرية المصري في مادته 181 على معاقبة من يزور الأعمال الفنية أو يقلدها بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 10 آلاف جنيه، لكن يرى الفنانون والنقاد أن هذه العقوبة غير كافية لردع هذه الجريمة التي تمس التراث الثقافي المصري.
ويعتبر تزوير اللوحات الفنية جريمة تهدد هوية مصر الثقافية، ومع تطور التكنولوجيا التي ساهمت في تسهيل عمليات التزوير، أصبح من الضروري اتخاذ خطوات جدية لحماية الإبداع الفني، بدءًا من توثيق اللوحات رسميًا، مرورًا بتشديد العقوبات القانونية، وصولًا إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية حماية التراث الفني
0 تعليق