كلام فى السياسة والإعلام

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

«يا خبر»

الخميس 05/ديسمبر/2024 - 08:41 م 12/5/2024 8:41:49 PM

علم الاتصال هو المظلة الكبيرة إلى يندرج تحتها الإعلام بكل أنواعه ووسائله، ولو تحدثنا عن الإعلام السياسى والإخبارى فنحن هنا بصدد ذلك النوع من الاتصال الذى يساهم فى صنع السياسة العامة وليس مجرد ناقل للأخبار أو عارض للقضايا السياسية, فقد بات واضحا أن وسائل الاتصال بإمكانها أن ساهم فى نشوب الصراعات الدولية مثلما تساهم فى تجنبها أو تخفيف حدتها والمساعدة فى إنهائها، وهناك قاعدة راسخة فى علم الاتصال تقول:»إن أى صراع وعلى اختلاف نوعه، شخصى أو محلى أو دولى ما هو إلا شكلا متطرفا من أشكال الاتصال.
لا شك أن دور وسائل الإعلام فى السنوات الأخيرة قد تغير بفعل التطور التقنى واتساع رقعة البث, فأصبحت وسائل الإعلام أدوات متعددة الأبعاد يمكنها أن تخدم الحكومات والمواطنين على حد سواء, فيمكن أن يعمل الإعلام على تحسين الحوكمة، وجعل الإدارات العامة أكثر تنوعًا، ناهيك عن أن الطبيعة المتعددة الأبعاد لوسائل الإعلام ذات صلة مباشرة بالواقع السياسى للمجتمعات, وهذا يتضح جليا فى حالة الصراعات بالنظر إلى تعدد أبعادها, وليست مبالغة أن الإعلام السياسى بإمكانه أن يلعب دورا فى منع الصراعات، وهذه مهمة عظيمة فى أبسط صورها نقل الحقيقة كاملة غير منقوصة وهذه مهمة ليست بسيطة أو خطية أو منظمة.
إن فهم التفاعل بين وسائل الإعلام والواقع السياسى للمجتمع الذى تعمل فيه يمكن أن يسهل فهمًا أكبر لأدوار وسائل الإعلام فى التنمية السياسية المستدامة, حيث يمكن لوسائل الإعلام أن تلعب دورًا حيويًا فى السماح لعملية السلام بالتطور والاستقرار من خلال تمكين الحلول فى المجتمع من التعبير عن نفسها ومناقشتها بطريقة إيجابية, وهذا يتطلب خلق مساحة إعلامية مناسبة يمكن أن يحدث فيها هذا.
فى حين أن وسائل الإعلام هى جهة فاعلة نشطة, ووكيل تغيير محتمل، هناك تفاعل كبير بين وسائل الإعلام والسكان والدبلوماسيين والعسكريين والمجتمع المدنى بل والقطاع العريض من الشعب الذى يتلقى الإعلام بتلك السهولة التى أتاحتها التكنولوجيا والتى جعلت من وسائل الإعلام نفسها تتألف من جهات فاعلة متعددة فى قطاعات تضم بشكل متزايد جهات فاعلة هجينة، وذلك بفضل نمو وأهمية وسائل التواصل الاجتماعى كونها إعلام حديث جاذب, وعلى هذا النحو، فإن الإعلام السياسى من بين الجهات الفاعلة المختلفة فى عملية صنع السياسة بل ويمكننا وصفه بأنه من بين العديد من اللاعبين المتباينين، فى عالم السياسة وكل منهم لديه أجندة مختلفة.
إن الإعلام السياسى الفعال قادر على إحداث تغيير إيجابى فى سلوك الناس، وتمكينهم من أن يصبحوا مسؤولين، أصحاب مصلحة ونشطين يفهمون السياسات ويستخدمون المعلومات لممارسة حقوقهم الإنسانية؛ إذا كان الهدف هو الانتقال من الاستقطاب إلى العلاقات الإيجابية, وفى مثل هذه الحالات، يمكن أن تكون وسائل الإعلام أداة فعالة لبناء هذه العلاقات، من خلال تغيير السلوكيات والمواقف. 
فى نهاية المطاف، إن تأثير الإعلام السياسى على السلوك معقد ومن المرجح أن يؤثر على المواقف والآراء التى تشكل السلوكيات بدلاً من التأثير بشكل مباشر على تصرفات الناس, ويمكن للإعلام السياسى المهنى الفعال أن يلعب دورًا حاسمًا فى السماح لعملية السلام المجتمعى بالتطور من خلال تمكين التعبير عن الاحتياجات الأساسية ومناقشتها بطريقة غير عنيفة, ومع ذلك، يتطلب هذا مساحة إعلامية مناسبة وقدر عال من المهنية والوصول إلى معلومات موثوقة قائمة على الحقائق.
فى الوقت نفسه، يفرض المشهد الإعلامى المتغير وتأثيرات وسائل الإعلام على القضايا السياسية المطروحة العديد من التحديات على ممارسى الإعلام, حيث إن الافتقار إلى المهنية والدراسة المتخصصة المتعلقة بعلم السياسة حين يتم تناوله فى الإعلام؛ كلها أمور لا تزال تعيق الجهود المبذولة لجعل الإعلام السياسى يقوم بدوره المناط به فى عملية صنع السياسة فى مجتمع وقع بالفعل فى فخ التغييرات التكنولوجية وطبيعة استخدام الجمهور لها.
ولو سلمنا بأن الصراعات الدولية هى شكل متطرف من أشكال الاتصال السياسى، فعلينا أن نؤكد على أهمية وخطورة الإعلام السياسى والإخبارى وأرى أن مشكلته الأساسية تكمن فى بعض الحالات فى الارتكان إلى غير المتخصصين، ودائما أقول أن من لم يدرس العلوم السياسية لا يصلح للعمل فى مجال الأخبار أو البرامج السياسية فى الإعلام, العالم كله الآن يهتم بالتخصص والتخصص الدقيق أو ما يعرف بالتخصص داخل التخصص وهذا ولا شىء غيره هو مستقبل الإعلام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق