ربيع الغفير: القرآن الكريم والسنة النبوية هما منابع القوة الحقيقية للأمة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر د. ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول " أسرار وتجليات رحلة الإسراء والمعراج".

وقال الدكتور ربيع الغفير: تحتفل الأمة الإسلامية بذكرى معجزة الإسراء والمعراج، وهي الذكرى الغالية على النفوس، أثيرة لدى القلوب، حبيبة لكل محب لله ورسوله محمد ﷺ، لكن علينا أن نتدبر ما فيها من معاني وعظات، لما فيها من معاني التكريم لهذه الأمة في شخص رسولها الأعظم، ونبيها الأكرم، محمد ﷺ، لهذا كانت معجزة الإسراء والمعراج على هذا القدر من التكريم، ففيها خرقت قوانين الطبيعة وحطمت نواميس البشر، ووصل فيها الحبيب المصطفى ﷺ إلى مستوى لم يبلغه نبي مرسل ولا ملك مقرب، قال تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ﴾، حقًا إنها لذكرى غالية عظيمة تستحق منا أن نرتل ذكرها على مسامع أبنائنا ونشئنا، وبخاصة في هذا الزمان الذي أصبح فيه الكثير من أبنائنا لا يعرف عن هذه المعجزة العظيمة شيئًا، وعلينا جميعًا أن ننقل لأبنائنا كل ما لهذه الرحلة العظمية من دروس وعظات لنثبتهم على الحق حتى لا يكون عرضة لرياح التشكيك التي تحاول أن تعبث بعقولهم.

وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أنه حدث للرسول الكريم ﷺ قبل هذه الرحلة المباركة، ما لا يخطر على بال أحد، فقد اضطر الرسول ﷺ أن يواجه جبهات الكفر كلها في مكة وما حولها، حورب، وأوذى، واضطهد، وما تركوا مسلكًا من مسالك العذاب إلا واتخذوه وانتهجوه حتى ضاق صدره ﷺ وترك مكة، يلتمس أرضًا أخصب لدعوته، فوجد في الطائف أضعاف ما ترك في مكة من البغي والطغيان والتجاوز، وجلس يناجي ربه: (اللَّهمَّ إليكَ أشكو ضَعفَ قوَّتي، وقلَّةَ حيلَتي، وَهَواني علَى النَّاسِ... أنتَ أرحمُ الرَّاحمينَ، أنتَ ربُّ المستضعفينَ، وأنتَ ربِّي... إلى من تَكِلُني؟ إلى بعيدٍ يتجَهَّمُني أَمْ إلى عدُوٍّ ملَّكتَهُ أمري. إن لم يَكُن بِكَ غضبٌ عليَّ فلا أبالي، غيرَ أنَّ عافيتَكَ هيَ أوسعُ لي.. أعوذُ بنورِ وجهِكَ الَّذي أشرَقت لهُ الظُّلماتُ، وصلُحَ علَيهِ أمرُ الدُّنيا والآخرةِ، أن يحلَّ عليَّ غضبُكَ، أو أن ينزلَ بي سخطُكَ. لَكَ العُتبى حتَّى تَرضى، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بِكَ)، فما كاد ينتهي من دعائه حتى أرسل الله إليه ملك الجبال فَسَلَّمَ عَلَيه، ثُمَّ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".

وبين خطيب الجامع الأزهر، أنه في هذا الوقت رجع النبي ﷺ إلى مكة فأوصدوا دونه أبوابها، ثم جاءته بارقة الأمل في هذه الليلة، جاءه سيدنا جبريل محملًا برسالة السماء، لتبدأ رحلة الإسراء والمعراج، فذهب ﷺ إلى بيت المقدس ورأى الأنبياء وأمهم في الصلاة، ثم صعد إلى السماء وعاد فوجد فراشه لا يزال دافئًا كما تركه، مبينًا أنه علينا التسليم لأمر الله وألا نقحم عقولنا فيما لا ما مجال لنا فيه. موجهًا برسالة إلى من يزعمون أن الإسراء والمعراج حدث لا يقبله عقل، ألا يقيسوا ذلك بمقياس العقل، بل عليهم قياسه بمقياس من قال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾، فالله عز وجل خرق له قانون الزمان والمكان، فمن أسمائه جل وعلا القابض الباسط، ومن ذلك قبض المكان وقبض الزمان، فالذي جرى في الإسراء والمعراج من قبض وبسط للزمان، خرقت قوانين الزمان والذي خرقها هو الحبيب النبي ﷺ، الذي اجتمعت له الغيبيات الثلاث: الحاضر والماضي والمستقبل، فرأى عقوبات وعقوبات على أفعال لم يشرع تحريمها، ورأى ما في الجنة وما في النار تكريمًا له ﷺ.  

وأشار أستاذ اللغويات، أنه يجب على الأمة أن تستلهم من رحلة الأسراء والمعراج الأمل، وأن لا يصيبها القنوط أو اليأس، لأن رحلة الإسراء والمعراج خير دليل على الانفراج بعد الظلمة، ولكن علينا أولًا أن نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى، وأن نتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب، لأننا أمة مكرمة معظمة منحها الله من الصفات والخصال ما لا يمنح إلا للأنبياء، لذلك قال الحق سبحانه وتعالى "ادعوني أستجب لكم" وهو نداء إلى الأمة الإسلامية بضرورة اللجوء إلى الله سبحانه، وما يحدث للأبرياء من قتل وتعذيب، هو محنة ستنجلي بفضل الله ولكن علينا أن نتمسك بالله لكي يحقق الله سبحانه وتعالى النصر، "وكان حق علينا نصر المؤمنين".

وختم خطيب الجامع الأزهر حديثه بقوله: مهما أصاب الأمة من حالات المد والجزر لا ينبغي أن تيأس وألا تقنط،  لكن يجب عليها أن تتسلح الإيمان بالله وحسن التوكل عليه، فالأمة مبتلاة ولكن لها الغلبة والعزة والرفعة في النهاية لأنها أمة القرآن، والقرآن حق، والرسول حق، والحق يمرض، لكن لا يموت، يقول تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، مؤكدًا على أهمية العودة الصادقة إلى منابع القوة الحقيقية لهذه الأمة وهى: القرآن الكريم وسنة خاتم النبيين والمرسلين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق