رأت الكاتبة ياسمين إمام، الفائزة بجائزة ساويرس لأفضل نص مسرحى مؤخرًا، عن نص «الباحث عن البهجة»، أن الرقابة على المصنفات الفنية هى أكبر التحديات التى تواجه الكتاب، خاصة فى الاشتراطات البيروقراطية التى تتطلب حضور الكاتب، والمؤلف فى نفس الوقت لكتابة تنازل عن النص للفرقة.
وخلال حوارها، مع «الدستور»، كشفت عن أن بداياتها مع الكتابة لم تخلُ من تعثّر، حيث بدأت بكتابة الشعر، لكن التجربة لم يكتب لها النجاح، وتخلت عنها أثناء دراستها الجامعية، بعد أن واجهت ردود أفعال سلبية من القراء، ثم غيّرت وجهتها حينها نحو كتابة القصة القصيرة، التى لاقت تشجيعًا منهم، ما حفّزها على الاستمرار فيها.
■ كيف كانت بداياتك مع الكتابة؟
- بداياتى مع الكتابة لم تخل من تعثّر، بدأت بكتابة الشعر، لكنّها كانت تجربة لم يكتب لها النجاح، وتخلّيت عنها أثناء دراستى الجامعية، بعد أن واجهت ردود أفعال سلبية من زملائى فى نادى الأدب بجامعة الزقازيق، ثم غيّرتُ وجهتى حينها نحو كتابة القصة القصيرة، التى لاقت تشجيعًا منهم، ما حفّزنى على الاستمرار فيها.
وعلى مدار السنوات الماضية، واظبت على كتابة القصة القصيرة، وحققت فيها بعض الإنجازات، من بينها الفوز بالجائزة الأدبية المركزية عن مجموعتى القصصية «لا عزاء» التى نُشرت فى الهيئة العامة للكتاب، والوصول إلى القائمة القصيرة لجائزة راشد بن حمد، بالإضافة إلى الفوز بجائزة بيت الوادى للقصة.
■ لو أردنا تعريف الجمهور بعملك الفائز.. ماذا ستقولين؟
- وسط تفشى ظاهرة الانتحار، يواجه «مصطفى» حكمًا بالإعدام البطىء، يتمثل فى مرض لا يشفى إلا بالسعادة، ويقرر خوض معركة ضد اليأس بنشر نظريته عن البهجة، لكن المجتمع يعلن الحرب عليه. فهل ينتصر الأمل على قوى الظلام؟ هذا ما يكشفه «الباحث عن البهجة».
■ ماذا يمثل لك حصولك على الجائزة فى مسارك المهنى والإبداعى؟
- أعتقد أن جائزة ساويرس هى من أكثر الجوائز تميزًا وأهمية فى المجال المسرحى بالذات لعدد من الأسباب، منها استعانتها بلجان تحكيم فاعلة ومؤثرة وعاملة فى الوسط المسرحى، فى حين تكتفى جوائز أخرى بالأكاديميين فقط، أو تستعين بأسماء كبيرة فى زمنها، لكنهم لم يعودوا على اتصال بالوسط المسرحى، لا كمبدعين ولا حتى كمشاهدين للمسرح.
وأعتقد أن هذا السبب يؤدى بدوره إلى السبب الثانى الذى يجعلها جائزة مهمة، وهى حرص لجان التحكيم على أن تكون النصوص قابلة للعرض على خشبة المسرح وليس فقط نصوصًا أدبية ذات لغة جميلة، وهذا ما انتبهت إليه فى التصريحات المسجلة للجنة تحكيم هذه الدورة، وكذلك دورة ٢٠١٧ التى فزت فيها أيضًا.
وهذان يؤديان بدورهما إلى السبب الثالث وهو ضخ نصوص مسرحية جديدة إلى خشبات المسارح، ورأينا هذا فى عدد من النصوص الفائزة التى تم إنتاجها مؤخرًا على مسرح الدولة، مثل: «دكتور ستوكمان»، و«الساعة الأخيرة»، و«باب عشق»، وغيرها.
■ هل ما يواجهه كتاب المسرح من تحديات يختلف عما يواجهه كتاب الأجناس الأدبية والفنية الأخرى؟ وكيف تؤثر تلك التحديات على عملهم؟
- فى رأيى أكبر تحدٍ هو الرقابة.. لن أتحدث عن سقف الحرية ولا عن أن هناك بلدانًا صار دور الرقابة فيها مقتصرًا على التصنيف العمرى، ولا أنه لم تكن تلزم الفرق الحرة والمستقلة فى مصر حتى عشر سنين مضت بالذهاب إلى الرقابة من الأساس.
لكن سأتحدث عن إجراء إدارى كان مفترضًا به حفظ حقوق المؤلف المصرى فإذ به يقضى عليه، وهو اشتراط الرقابة حضور المؤلف مع مخرج فرقة الهواة إليها من أجل إهداء أو التنازل عن النص لهذه الفرقة أو تلك، وفرق الهواة والمستقلون والجامعات هم من يحفظون للمسرح تجدده وحيويته ويحفظون لكتاب المسرح الاستمرارية فى المشهد المسرحى.
لكن المؤلف لديه متطلباته الحياتية وعمله، ولن يحصل على أى مقابل مادى مقابل إهداء نصه، ويريد فقط أن يتولى مجموعة الشباب هؤلاء أو أولئك تقديمه يومًا أو اثنين، لكن ينبغى له تعطيل كل أموره للذهاب إلى الرقابة فى مواعيد بعينها أثناء أوقات العمل الرسمية، ومطلوب منه كلما أراد هؤلاء الشباب أو غيرهم تقديم نصه أن يفعل هذا من جديد.
هذا يحدث ونحن فى ٢٠٢٥ ومع كل كلام الدولة عن التحول الرقمى والتسهيل على المواطنين، ومع ذلك تجد رفضًا أمام اقتراحات من نوعية «فيديو كول بين الرقابة والمؤلف»، أن يرسل المؤلف صورة بطاقته أو غيره عبر الواتس آب أو الإيميل أو غيرهما إلى موظف الرقابة مثلًا، أن يوقع ما يريدونه ويرسله مع المخرج مثلًا، الحلول كثيرة، لكن لا أحد ينصت.
لنجد فى النهاية من يحذف اسم المؤلف من الأساس، ويكتب ببساطة «إعداد وإخراج فلان»، أو من يبتعد عن «وجع الدماغ» الخاص بالنصوص المصرية، ويقدم عروضًا عن نصوص أجنبية، ثم نعود لنتساءل وقت المهرجان القومى للمسرح: لماذا يغلب على الإنتاج المسرحى لهذا العام أو ذلك النصوص المترجمة؟ أين المؤلف المصرى؟
فى الحقيقة المؤلف المصرى هو فى النهاية موظف يبحث عن لقمة عيشه، وعن متطلباته الحياتية ومتطلبات أسرته ومشاوير أخرى لا تنتهى، ولا يريد إضافة العديد من المشاوير إلى الرقابة إليها.
لذا أرجو من المسئولين الحاليين إعادة النظر فى تسهيل هذا الإجراء الخاص بتقديم المؤلف إهداءً لإحدى الفرق الحرة أو الهواة، وأن يتم ذلك من خلال وسائل التواصل الحديثة، وربما بإمضاء المؤلف على صفحات النص المقدم من قبل الفرقة أو خَتمه بخاتمه الخاص.. إلخ.
■ انطلاقًا من كونك كاتبة ومخرجة مسرحية.. ماذا يميز الكاتب المخرج؟ وهل هناك صراع فنى يمكن أن يحدث بين المهمتين؟
- ربما ما يميز الكاتب المخرج هو إدراكه متطلبات خشبة المسرح، لكنى أعتقد أن المؤلف المسرحى الذى لا يمارس الإخراج يمكنه الوصول إلى نفس النقطة من خلال الحضور المستمر للمسرحيات ورؤية النصوص مجسدة على الخشبة مع المقارنة بالنص المكتوب.
لكن للأسف ربما تجد من يعمد إلى كتابة المسرح وهو لم يحضر مسرحية فى حياته، لذا سأعتبر نقطة التميز الحقيقية هى أن الكاتب المخرج لا ينتظر «جودو»، فهو قادر على تنفيذ نصه بنفسه، وهذا هو السبب الأساسى الذى دفعنى إلى تجربة الإخراج المسرحى.
وتعلمت من أحد الزملاء المسرحيين قاعدة مهمة للغاية بعد مونودراما «مراية» من تأليفى وإخراجى أنقذتنى من أى صراع لاحق، وهى أن عمل المخرج مختلف تمامًا عن عمل الكاتب. وعلى المخرج أن يحقق رؤيته من خلال أدواته هو من حركة أداء ممثلين وصورة مسرحية.. إلخ، لا من خلال تغيير كلمات الكاتب.. حتى لو كان هو نفسه الكاتب فليس من حقه بعد انتهاء دوره فى كتابة النص وبدء مرحلة الإخراج أن يخلط بين الاثنين.
ولهذا أدين بالشكر للمخرج والسينوغراف عمر المعتز بالله على نصيحته الغالية تلك.
■ ما خططك المقبلة فى النشر والإنتاج المسرحى؟
- أحاول إيجاد فرص نشر للنصين الحاصلين على جائزة «ساويرس» فى نسختهما النهائية الجديدة، «فردة حذاء واحدة تسَع الجميع» و«الباحث عن البهجة».
وتعرض مسرحية «فردة حذاء واحدة تسع الجميع» من إخراجى منتصف فبراير المقبل فى مقر فرقة الورشة.
0 تعليق