قصص من يوم تنصيب الرئيس

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يوم تنصيب الرئيس الأميركي هو أكثر من مجرد مناسبة رسمية، فهو يعكس روح الديمقراطية وتاريخ البلاد الطويل في تداول السلطة. هذه اللحظة التي تُبث مباشرة إلى ملايين المتابعين حول العالم تحمل قصصا لا تُنسى، بعضها فكاهي وبعضها الآخر يكشف عن الطبيعة الإنسانية التي ترافق أعظم المسؤوليات.

عندما تسلّم الرئيس ويليام هنري هاريسون منصبه عام 1841، قرر أن يلقي خطابا استمر لأكثر من ساعتين في يوم شديد البرودة. كان يرتدي بزّة خفيفة ويرفض حمل معطف، في خطوة أراد منها أن يظهر صلابته أمام شعبه، لكن النتيجة كانت مأساوية؛ فقد أصيب بالتهاب رئوي توفي بسببه بعد شهر واحد فقط، مسجلا أقصر فترة رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة. هذا الحدث تحوّل إلى عبرة للمستقبل، حيث أصبح كل رئيس بعدها يحرص على خطب أقصر وملابس مناسبة للطقس.

ومن بين الطرائف التي تحمل بُعدا إنسانيا، تُذكر قصة الرئيس ليندون جونسون عام 1965. أثناء حفل تنصيبه، كان يُفترض أن يُسلَّم كتاب الإنجيل الذي سيؤدي عليه القسم. لكن في خضم الفوضى التنظيمية، لم يكن الإنجيل في مكانه. لحسن الحظ، سارع أحد مساعديه لتقديم كتاب جيب صغير كان يحتفظ به معه، لتتم العملية في اللحظة الأخيرة دون أن يلاحظ أحد.

لا يمكن نسيان اللحظات الطريفة التي حدثت خلف الكواليس خلال تنصيب الرئيس رونالد ريغان عام 1981. كانت حالة الطقس شديدة البرودة، ما دفع المنظمين إلى إلغاء العرض التقليدي في الشوارع. ريغان، بروحه المرحة، علّق قائلا "يبدو أن الطقس يمارس حق الفيتو على استعراضنا." هذا التعليق البسيط أضاف لمسة خفيفة على مناسبة رسمية عادة ما تكون متّسمة بالجدية.

أما عن اللحظات التي تحمل رمزية خفية، فإن حفل تنصيب الرئيس جون كينيدي عام 1961 هو مثال ساطع. في خطابه الشهير، الذي دعا فيه الأميركيين إلى التفكير في ما يمكنهم تقديمه لبلدهم، كانت إحدى الجمل التي ألقاها مكتوبة بخط يده، في اللحظات الأخيرة، قرر كينيدي أن يعدل الخطاب بناء على اقتراح من شقيقه روبرت، مما يعكس ديناميكية اللحظة وأهمية العائلة في قراراته.

لحظات إنسانية أخرى تظهر عند تتبع ردود فعل الجمهور. أثناء تنصيب باراك أوباما عام 2009، انتشر مقطع لسيدة عجوز في التسعينيات من عمرها وهي تبكي بحرارة. لاحقا، عُرفت السيدة باسم فيرجينيا ماكلورين، التي عاشت لترى حلم الحقوق المدنية يتحقق بانتخاب أول رئيس أميركي من أصل أفريقي. قصتها ألهمت ملايين الأميركيين وربطت اللحظة بالحركة التاريخية التي بدأت منذ عقود.

حتى الطرائف البسيطة كان لها نصيب. في تنصيب دونالد ترامب عام 2017، أثار عضو في الفرقة الموسيقية اهتمام الإعلام بعد أن علق في أحد أعمدة المنصة أثناء تحركه، مما تسبب في لحظة ارتباك طريفة. الموقف انتهى بابتسامات الحضور وتعليقات فكاهية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وربما كانت أغرب القصص هي ما حدث خلال تنصيب جيمس بيوكانان عام 1857. كان الحدث مميزا بسبب تزامنه مع عاصفة ثلجية ضخمة عطلت وصول الضيوف وتأخير المراسم. ومع ذلك أصر بيوكانان على إتمام الحفل في موعده المحدد، قائلا "الديمقراطية لا تنتظر الطقس." كان هذا الإصرار رسالة قوية لشعب منقسم آنذاك على حافة الحرب الأهلية.

يوم تنصيب الرئيس ليس فقط مناسبة لتسليم السلطة، بل هو أيضا انعكاس لقصص إنسانية ولحظات عابرة تبرز الطابع البشري حتى في أكثر المناصب أهمية. فهو يذكرنا بأن القادة، رغم موقعهم، يبقون أشخاصا يحملون همومهم، مخاوفهم، وحتى لحظاتهم الطريفة، وربما هذا هو السبب الذي يجعل هذا اليوم يستحق المتابعة والتأمل.

mr_alshammeri@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق