مصرفيون: الدليل الإرشادى للنيابة حول جريمة الاتجار بالعُملة يقضى على السوق السوداء ويعزز الاستقرار الاقتصادى

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أشاد خبراء اقتصاد ومصرفيون بإصدار النيابة العامة دليلًا إرشاديًا حول جريمة التعامل فى النقد الأجنبى خارج نطاق السوق المصرفية الرسمية، فى إطار سعى السلطات المصرية المستمر لمكافحة الجرائم المتعلقة بالنقد الأجنبى، وتعزيز استقرار الاقتصاد الوطنى.

يأتى دليل النيابة فى أعقاب ضبط العديد من القضايا التى أظهرت عدم وعى بعض المواطنين بالقوانين المرتبطة بهذه الأنشطة، ما يهدد استقرار الاقتصاد ويسهم فى تزايد الأنشطة غير القانونية.

وأشار الدليل إلى أن القوانين المصرية تضع ضوابط صارمة لتنظيم التعامل فى النقد الأجنبى، حيث لا يُسمح للأفراد أو الكيانات بالتعامل بالعُملات الأجنبية خارج النظام المصرفى المعتمد، أو بمعزل عن البنك المركزى المصرى.

وبيّن أن تلك المعاملات يجب أن تتم عبر القنوات المصرفية الرسمية، لضمان رقابة فعالة على حركة النقد الأجنبى وحماية الاقتصاد الوطنى من التداعيات السلبية لتلك الأنشطة، لافتًا إلى أن مخالفة هذه القواعد تترتب عليها عقوبات شديدة، تشمل السجن والغرامات المالية الكبيرة، ما يعكس التزام الحكومة بتطبيق هذه القوانين. بدورهم، أكد الخبراء أن التعامل فى السوق السوداء للعملات الأجنبية يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار سعر الصرف المحلى، موضحين أهمية قرار حظر البنك المركزى المصرى أى تعاملات للنقد الأجنبى خارج القطاع المصرفى الرسمى، سواء البنوك أو شركات الصرافة المرخصة لها.

وتحدث الخبير المصرفى، هانى أبوالفتوح، عن المخاطر التى تنطوى عليها مثل هذه الأنشطة، مشيرًا إلى أن السوق السوداء للعملات الأجنبية تضر بالاستقرار الاقتصادى والاجتماعى للبلاد.

وأوضح «أبوالفتوح»، لـ«الدستور»، أن هذه الأنشطة لا تقتصر على التأثير على سعر الصرف، بل تمتد لتسهم فى زيادة الفساد وتعزيز الفجوة بين الأفراد، من خلال منح البعض فرصًا غير عادلة للاستفادة من فارق الأسعار بين السوق الرسمية والسوق السوداء.

وأضاف أن هذه الأنشطة قد تكون مرتبطة، أيضًا، بجرائم أخرى مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يضيف بُعدًا أمنيًا لهذه المشكلة، مشيرًا إلى أن التعاملات غير القانونية فى النقد الأجنبى تضر بالاقتصاد على المدى الطويل، حيث تتسبب فى زيادة التضخم وعدم استقرار العملة، ما يؤثر سلبًا على الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدد على ضرورة تشديد الرقابة من قبل البنك المركزى والأجهزة الأمنية على الأسواق غير الرسمية، مشيرًا إلى أن توفير العملات الأجنبية بشكل كافٍ عبر القنوات الرسمية سيسهم فى تقليص حاجة الأفراد إلى التعامل مع السوق السوداء.

من جانبه، كشف الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، عن القوانين المعمول بها فى هذا الصدد، مشيرًا إلى أن التعامل فى النقد الأجنبى خارج السوق المصرفية يعد جريمة يعاقب عليها القانون رقم ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠، المتعلق بالبنك المركزى والجهاز المصرفى. 

وتضمن هذا القانون العديد من الأحكام التى تحظر على الأفراد أو الكيانات تحويل النقد الأجنبى خارج النظام المصرفى المعتمد، أو استخدامه فى شراء السلع والخدمات، إلا عبر البنوك المعتمدة وبإشراف البنك المركزى. 

وأضاف أن القانون ينص على عقوبات صارمة تشمل السجن لفترات تتراوح بين ٣ و١٠ سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية كبيرة تصل إلى ملايين الجنيهات، بهدف ردع المخالفين وضمان حماية الاقتصاد الوطنى.

وأشار إلى أن القانون يوضح، أيضًا، كيفية تعامل الأفراد مع النقد الأجنبى، حيث يمكن لهم الاحتفاظ به أو تحويله عبر القنوات الرسمية وفقًا لشروط محددة، مشيرًا إلى ضرورة الإفصاح عن أى مبالغ تتجاوز الـ١٠ آلاف دولار عند المرور عبر المنافذ الحدودية.

وأوضح أن النيابة العامة لا تستطيع اتخاذ إجراءات قانونية ضد المتهمين بالتعامل فى النقد الأجنبى خارج النظام المصرفى إلا بعد التنسيق مع محافظ البنك المركزى، ما يعكس أهمية الرقابة المركزية على هذا النوع من الأنشطة.

فى السياق ذاته، أكد الدكتور كريم عادل، الخبير الاقتصادى رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية، أن القرارات التى اتخذتها السلطات، مؤخرًا، تهدف إلى استعادة استقرار السوق النقدية وتنظيم عمليات تداول العملات الأجنبية. 

وأوضح أن الحكومة تسعى من خلال هذه الإجراءات إلى منع عودة السوق السوداء للعملات، ما يسهم فى استقرار سعر صرف الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية.

وأضاف أن هذه الإجراءات تسهم فى تقليل تقلبات سعر الصرف، حيث تصبح العوامل الاقتصادية الأساسية مثل العرض والطلب هى التى تحكم حركة السوق، ما يعزز من قدرة القطاع المصرفى على التنبؤ بالتغيرات الاقتصادية فى المستقبل.

وأشار إلى أن استقرار سعر الصرف لا يقتصر تأثيره على السوق المحلية فقط، بل يمتد ليؤثر فى سمعة الاقتصاد المصرى على المستوى الدولى، ما يسهم فى تحسين تصنيفات المؤسسات المالية الدولية وتعزيز ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى، كما أن استقرار سعر الصرف يعزز من القدرة التنافسية للاقتصاد، ويشجع على زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، ما يعود بالنفع على النمو الاقتصادى المحلى.

وأضاف «عادل» أن هذه الخطوات التى اتخذتها الحكومة المصرية تعد خطوة مهمة نحو تحقيق استقرار طويل الأجل فى الاقتصاد، مؤكدًا أن التحكم فى أسعار العملات الأجنبية سيعزز من قدرة الدولة على تحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة فى المستقبل.

كما أكد الدكتور فتحى السيد، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة بنها، أهمية هذا الإجراء فى تعزيز استقرار الاقتصاد المصرى وحماية العملة المحلية.

وأشار إلى أن التعامل فى السوق السوداء للعملات الأجنبية يفاقم من أزمة التضخم، ويؤثر سلبًا على استقرار سعر الصرف، ما يعزز الفجوة بين السعر الرسمى وسعر السوق الموازية.

وأضاف أن هذا النوع من التعاملات غير القانونية يؤدى إلى تقلبات غير متوقعة فى الاقتصاد، ما يعوق جهود الحكومة فى استقرار السوق النقدية، مؤكدًا أن الحكومة من خلال قوانين صارمة، مثل القانون رقم ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠، تعمل على تنظيم التعاملات بالنقد الأجنبى عبر القنوات الرسمية فقط، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى تقليص حجم السوق السوداء، التى تشكل تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد الوطنى من خلال التأثير على التضخم وجذب الاستثمارات.

وأضاف أن هذه السياسات تساعد فى تحسين بيئة الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث إن استقرار سعر الصرف يُعد من العوامل الأساسية التى تشجع المستثمرين على ضخ أموالهم فى السوق المصرية.

ورأى أن تطبيق هذه القوانين سيسهم فى تحقيق نمو اقتصادى مستدام، ويعزز من قدرة الاقتصاد المصرى على التنافس فى الأسواق العالمية. بدوره، قال الخبير المصرفى، عز الدين حسنين، إن القرار مكمل ومعزز لنصوص قانون التعامل بالنقد الأجنبى الموجود بقانون البنك المركزى ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠، الذى يجرم التعامل بالنقد الأجنبى خارج القطاع المصرفى والجهات المرخص لها بذلك مثل الصرافات القانونية، وسوف يردع سماسرة العملة الأجنبية وحائزى الدولار من الأفراد والشركات، الذين يبيعون أو يشترون العملة من خارج الجهات المرخص لها بذلك.

وبيّن أن هذا الإجراء يحدد كيفية تقنين عمليات تداول العملة الأجنبية داخل مصر، وتنظيم حركتها ومتابعتها ومراقبتها تحت لجان مكافحة غسل الأموال وتهريب العملة إلى خارج البلاد، من أجل التجارة غير المشروعة المتنوعة بين تجارة المخدرات والآثار، وغيرهما.

وأضاف: «القانون سيحد من هذه التجارة وتسهيل عملياتها، وأيضًا مكافحة السوق السوداء التى تتسبب فى خلق فوضى مالية ونقدية داخل البلاد، وتتسبب فى ارتفاع التضخم الداخلى والارتباك فى تحديد سعر الصرف الرسمى داخل القطاع المصرفى، والارتباك فى سياسات البنك المركزى فى التعامل مع حركة تداول العملات الأجنبية داخل القطاع المصرفى».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق