حوارات
يبالي المرء بالآخرين والأشياء، وبعض المواضيع، عندما يهتمّ ويكترث بها، والسويّ نفسياً، والمتّزِن عقلياً، لا يُفرِط ولا يفرِّط في ما يقول ويفعل، فلا ينغمس في مبالاة مفرطة تتلِف موازين عقله وقلبه، ولا يصبح في الوقت نفسه متبلِّد المشاعر، لكن يكون في جميع أحواله وسطا بين الطرفين.
ومن بعض أمثلة إفراط الْمُبَالاَة، نذكر ما يلي:
-المبالاة بمن لا يبالي بك: يحدث أن ينغمس بعض الأفراد، المشوّشين فكرياً، بالاكتراث بمن أعلنوا لهم بصريح العبارة، أو لغة العيون أنهم لا يهتمون بهم، أو ربما يكرهونهم، بسبب ظنّ المُفرِط في مبالاته أنه يجب عليه دائماً مدّ جسور المودّة مع كل الناس، لكن يصدف أحياناً كثيرة أنّ من يبالي بإفراط بآراء وبنظرات الآخرين تجاهه يهدم ثقته بنفسه، ويدمّر من تلقاء نفسه تقديره لذاته.
-إفراط المبالاة بكسب رضى الناس: يعتقد بعض المضطربين فكرياً أنّ احترامهم وتقديرهم ورضاهم عن أنفسهم، يرتبط دائماً بنجاحهم في كسب رضى الناس الآخرين عنهم، ويتعاملون معهم في الحياة العامة وكأنهم في مسابقة لا تتوقف للحصول على أكبر قدر من الشّعبية، وربما ينتهي الحال بهذا النوع من المتلهّفين لرضى الآخرين بمقت أنفسهم.
-الإفراط بالشعور بالذّنب: يقع الفرد أحياناً ضحية لتلاعب أشخاص سميّين يتعمّدون إشعاره بالذّنب تجاه أمور لا علاقة له بها، ومن يبالي كثيراً بالاستماع للمتلاعب، ويتأثّر بشدّة بهذا النوع من التلاعب النفسيّ (الإشعار الكاذب بالذّنب)، فسيصبح مع مرور الوقت أداة سهلة بأيادي المتلاعبين والاستغلاليين.
-المبالاة المفرطة والهشاشة العاطفية: يهشّ الانسان عاطفياً عندما يصبح بإختياره ضعيفاً نفسياً، وربما ستؤدّي المبالاة المفرطة الى تكوّن قابليّة عند الشخص للتعرّض للجروح العاطفية، بسبب أنّ من يكترث بإسراف بما لا يجب عليه المبالاة به، يفتح ثغرات نفسيّة في شخصيته تجعله مع مرور الوقت قابلاً للتأثّر المفرط بأبسط أنواع التهديدات الخارجية. "الْبَلاَءَ مُوَكَّلٌ" بالمبالاة المفرطة: يبالي الفرد بشكل مسرف، فيكشف بإرادته عن نقاط ضعفه، أو أنه يجذب إليه البلاءات المختلفة بسبب كثرة مبالاته بما لا يجب عليه أن يبالي به، والله عزّ وجلّ أعلم.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@
0 تعليق