ملاحظات حول مشروع المرسوم بقانون بتنظيم القضاء

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تقدم معالي وزير العدل بمشروع بتعديل المرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1990، في شأن تنظيم القضاء، الى المستشار رئيس مجلس القضاء الاعلى لابداء ملاحظات المجلس على المشروع.

واول ما يلفت النظر حول المشروع، انه قصر التعيين على الكويتيين بصفة اصلية، والبادي لاول وهلة انه استمد هذا النص من المادة 82 من الدستور، التي قصرت الترشح لمجلس الامة على الكويتيين بصفة اصلية، او بعبارة اخرى بالتأسيس.

ولان القضاء احدى السلطات الثلاث، فالبين ان المشروع قصر التعيين على هذه الشريحة فقط، واستبعد فئة الكويتيين بالتجنس. مع ان الدستور ينص على المساواة وعدم التمييز والعدالة في المادة 29.

والنص المقترح سيدخل في الواقع العملي اشكالات قد لا تحمد عقباها، وتثير شبهات دستورية اذا ما تم تأويل النص خاصة التعديل الوارد بالمادة السابعة من قانون الجنسية، التي اضافت فقرة ثالثة بالقانون رقم 44 لسنة 1994، اذا ما تم الغاء هذه الفقرة مستقبلاً، فسوف يُحرم هؤلاء من التعيين، رغم استيفائهم شروط الوظيفة، وهذا مخالف كذلك للعهد الدولي في الحقوق المدنية والسياسية.

واذا كان الدستور قد اشترط في عضو مجلس الامة ان يكون كويتياً بصفة اصلية، فذلك لاعتبارات سياسية وامنية وسيادية، بخلاف مرفق القضاء الذي يتولى تطبيق حكم القانون على الخصومات، ويفترض فيه الحكم بالعدل (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، فضلا عن ان القضاء، ومنذ نشأته استعان بجنسيات من دول عربية، كمصر، ولا يزال.

الملاحظة الثانية، خاصة بقصر التعيين على الكويتيين، وعدم الاستعانة بغيرهم من البلاد العربية، كما هو حاصل حاليا. وقصر التعيين على المواطن دون الاجنبي مع كامل الاحترام والتقدير، لاساتذة كبار شاركونا بعلمهم وخبراتهم، منذ بداية النهضة والدولة الحديثة، الا انه قد آن الاوان الغاء القضاء المختلط، اذا جاز لنا استعمال هذا التعبير، ولا نقصد الاساءة لاحد، وكذلك ان يؤخذ في الاعتبار الا تهتز ثقة الناس بالعدالة.

وفي الوقت ذاته ندعو جهات الاختصاص الى عدم قصر التعيين على وكلاء النيابة دون غيرهم، انما الاستفادة من الكفاءات والخبرات القانونية في مرافق الدولة عموما، وهو كذلك مطلب نادينا به، ومعمول به في معظم دول العالم وفقاً لضوابط معينة. كما ان اشتراط الاسلام فيمن يعين بالقضاء نرى انه يتنافى مع قواعد العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص، وهو ما تأخذ به غالبية الدول، ومنها مصر والمغرب.

الملاحظة الثالثة خاصة باستكمال الدراسات العليا، وقصر التعيين على خريجي كليات الحقوق فقط، وهي جديرة بالتقدير، حتى يكون القضاة على قدر من الكفاية العلمية تؤهلهم لاصدار الاحكام دون شطط.

نشكر وزير العدل، ونتمنى ان يرى المشروع النور قريبا.

الملاحظة الاخيرة، خاصة برأي الاقلية، وهو ما تذهب اليه الاحكام في العديد من الدول، وكذلك احكام المحكمة الدستورية عندنا، وحسنا فعل المشروع بتثبيت الرأي الاخر، وان كان مرجوحاً، فقد يأتي يوم ويتبين انه هو الرأي الصائب.

ملحوظة، وردت عبارة في آخر الفقرة من المادة الرابعة، وهي عبارة "المار ذكرهم"، وهي عبارة غير مستساغة، ونفضل استبدالها بعبارة اعلى توقيراً وهي "المشار اليهم"، لاضفاء التوقير والاحترام للسادة القضاة.

و اخيراً، فان مرفق القضاء ليس كأي مرفق آخر في الدولة، هو تحقيق مراد الله في الارض، واحقاق الحق بين العباد، دون ميل او هوى، هو ميزان بين الحق والباطل، وعلى من يتبوأ مسند القضاء ان يتصف بتقوى الله "ولا تكن للخائنين خصيما"(النساء 105).

مستشار قانوني

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق