تحل اليوم الخميس الموافق 23 يناير، ذكرى رحيل الفنان الإسباني سلفادور دالي، الذي رحل عن عالمنا عام 1989، واشتهر بلوحاته وفنه السيريالي، وشخصيته الغريبة وصوره المذهلة الشبيهة بالأحلام.
ويعد “دالي” من مؤسسي الحركة السريالية، التي سعت إلى تحويل الأحلام واللاوعي إلى لوحات فنية.
حمل اسم أخيه المتوفي.. وزيارة لقبره
وُلِد “دالي” باسم سلفادور فيليبي جاسينتو دالي، في الحادي عشر من مايو عام 1904 في فيجيراس بإسبانيا، الواقعة على بعد 16 ميلًا من الحدود الفرنسية في سفوح جبال البرانس، وكان والده، سلفادور دالي إي كوسي، محاميًا وكاتب من الطبقة المتوسطة، وكان والد دالي يتبنى نهجًا صارمًا في تربية الأطفال، وكان يتناقض بشكل حاد مع أسلوب والدته، فيليبا دومينيك فيريس التي كانت غالبًا ما تدلل دالي الصغير في فنه وغرائبه المبكرة.
وكان لـ دالي أخ أكبر، ولد قبله بتسعة أشهر، يُدعى أيضًا سلفادور، لكنه توفي بسبب التهاب المعدة والأمعاء، وفي وقت لاحق من حياته، عندما كان "دالي" في الخامسة من عمره، أخذه والداه إلى قبر أخيه الأكبر وأخبراه أنه يشبه كثيرًا أخيه، وحينما كان يتذكر سلفادور دالي هذا الحدث كان يقول عنه: "نشبه بعضنا البعض مثل قطرتين من الماء، لكن كان لكل منا انعكاس مختلف".
استوديو فني للطفل سلفادور
قضي دالي أوقاته بصحبة شقيقته الصغرى آنا ماريا ووالديه في منزلهم الصيفي في قرية كاداكيس الساحلية، واكتشف الوالدان نبوغ "دالي" بالرسم وهو في سن مبكرة، فكان دالي ينتج رسومات متطورة للغاية، وكان والداه يدعمان موهبته الفنية بقوة، مما دفعهم لبناء لطفلهم استوديو فني قبل أن يلتحق بمدرسة الفنون.
هيئة غريبة وشارب طويل
وفي عام 1922، التحق دالي بأكاديمية سان فرناندو في مدريد، وأقام في سكن الطلاب بالمدرسة وسرعان ما تطورت غرابته إلى مستوى جديد، فأطال شعره ولحيته الجانبية، وارتدى ملابس على غرار الجماليين الإنجليز في أواخر القرن التاسع عشر، وخلال هذا الوقت، تأثر برسمه بالعديد من الأساليب الفنية المختلفة، مما أكسبه فنه اهتمام زملائه الطلاب.
وبدأ دالي في استكشاف العديد من أشكال المدارس الفنية حوله، وأعمال الرسامين الكلاسيكيين مثل رافائيل وبرونزينو ودييجو فيلاسكيز، وهو الذي استوحى منه شاربه المجعد المميز الذي يظهر به في الصور، كما خاض أيضًا حركات فنية طليعية.
وفي الفترة بين 1926 و1929، قام دالي بعدة رحلات إلى باريس، حيث التقى برسامين ومثقفين مؤثرين مثل بيكاسو، حيث تأثر لاحقًا في أعماله بفن بيكاسو، كما التقى أيضًا بجوان ميرو، الرسام والنحات الإسباني الذي قدم دالي إلى السريالية، جنبًا إلى جنب مع الشاعر بول إيلوار والرسام ماجريت.
الطريقة النقدية البارانوية لـ سلفادور دالي
وظهرت أولى تجاربه السريالية في عام 1929، وكانت هذه اللوحات الزيتية عبارة عن صور مصغير من أحلامه في العقل الباطن، وقد استخدم في أعماله أيضَا تقنيات كلاسيكية دقيقة، وتأثر كثيرًا بفناني عصر النهضة، والتي تناقضت مع مساحة "الحلم غير الواقعي" التي خلقها بشخصيات هلوسية غريبة.
كان دالي قارئًا نهمًا لنظريات التحليل النفسي لسيجموند فرويد، مما أكسبه وعيًا جديدًا لفنه، وكانت المساهمة الأساسية التي قدمها دالي للحركة السريالية هي ما أسماه "الطريقة النقدية البارانوية"، وهي تمرين عقلي للوصول إلى العقل الباطن لتعزيز الإبداع الفني، وكان دالي يستخدم هذه الطريقة لخلق واقع من أحلامه وأفكاره اللاواعية، وبالتالي تغيير الحاضر من خلال عقله بما يريده أن يكون وليس بالضرورة ما هو عليه في الواقع، وبالنسبة لدالي، أصبحت هذه الطريقة أسلوب حياة.
ومع اقتراب الحرب في أوروبا، وتحديدًا في إسبانيا، اصطدم دالي بأعضاء الحركة السريالية، وفي عام 1934، طُرد من المجموعة، بسبب آرائه السياسية المخالفة لهم، وكان يعتقد بعض مؤرخي الفن أن طرده كان مدفوعًا بشكل أكبر بسبب عدائه مع زعيم السريالية حينها، أندريه بريتون.
طرده من الحركة السيريالية
وعلى الرغم من طرده من الحركة، استمر دالي في المشاركة في العديد من المعارض السريالية الدولية حتى أربعينيات القرن العشرين، وفي افتتاح معرض السريالية في لندن عام 1936، ألقى محاضرة بعنوان "الأشباح البارانوية الحقيقية" وهو يرتدي بدلة سباحة ويحمل عصا بلياردو ويمشي برفقة زوج من كلاب الصيد الروسية. وقال لاحقًا إن ملابسه كانت تصور "الغوص في أعماق" العقل البشري.
ومن أشهر لوحات سلفادور دالي لوحاته "ثبات الذاكرة" و"ساعة الذوبان" و"الفيلة"، "وجه الحرب"، و"وجه وطبق الفاكهة على الشاطئ" وغيرها.
0 تعليق