أيام العودة.. نازحو غزة لـ«الدستور»: سنقيم خيامنا على حطام الحرب وأنقاض المنازل

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد نحو ٥٠٠ يوم من الجحيم، بدأت الحياة تدب فى قطاع غزة من جديد، عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، الأحد الماضى، وتوالى المساعدات على القطاع خلال الأيام القليلة الماضية، لكنها حياة وسط رائحة الدماء والدمار التى تخيّم على كل مكان، وبين جراح عميقة تحتاج إلى سنوات طويلة من أجل أن تندمل، ويتعافى أصحابها مما أصابهم جراء العدوان الإسرائيلى الغاشم.

ورغم ما عانوه، ظل أهالى قطاع غزة صامدين على أرضهم التى حاول الاحتلال طردهم منها، حاملين على صدورهم مفاتيح منازلهم التى دكت قوات العدو معظمها، وحولتها إلى خراب وركام، مؤمنين- كما آمن أجدادهم وآباؤهم- بحقهم فى العودة، حتى وإن كانت عودة إلى خيام مبنية على ركام المنازل وأنقاض البيوت، بادئين بأيديهم جهود إعادة إعمار قطاع غزة، وبناء وطنهم لينهض ثانية من بين الركام.

صقر هشام:  متمسكون بهويتنا الفلسطينية.. سنعمّر غزة بأرواحنا.. وسننتصر فى النهاية

«صقر هشام»، أحد أبناء غزة والنازح من منطقة خان يونس، لا يزال هو وإخوته، ومَن تبقى من العائلة، يحتفظون بمفتاح الديار، وسط إيمانهم الراسخ بحق العودة مرة أخرى إلى أرضهم وديارهم، رغم تهجيرهم منها قسريًا عدة مرات، وسط رفض إخوته الرحيل وترك الأرض، رغم الدمار الذى أصاب الدار جراء قصف الصواريخ المتواصل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلى، بعد أن اختاروا أن يكونوا حراسًا لها، حتى لو كانت ركامًا.

«صقر»، الذى يحمله الشوق للعودة إلى دياره مرة أخرى، بدأ رحلة العودة إلى داره، مصطحبًا معه ما تبقى من أفراد أسرته، ومعهم خيمتهم الصغيرة، التى قرروا أن يقيموها مجددًا فوق حطام بيتهم فى خان يونس.

وعن ذلك صرح: «الآن، أريد أن أرتاح وأنام نومة هادئة».

وفى حديثه عن الحرب، التى وصف أهوالها بأنها كانت حرب «يوم القيامة»، قال: «تبدلت حياتنا وأصبحنا محاصرين بكل أنواع الموت، كنا نشهد المجازر التى تقع فى كل لحظة، والأخبار التى لا تنتهى عن الموت والفقدان، فلان مات.. منزل فلان دُمّر.. اعتقلوا فلانًا، وكانت اللحظات الثقيلة تمر، ونحن محاصرون بين خيارين، إما الموت بالقصف، أو الموت ببطء تحت وطأة الحصار».

وأضاف: «كانت أحداث الحرب تطحننا بلا رحمة، كانت قوات الاحتلال أشبه بالوحوش التى تتغذى على أرواحنا، جاثمة فوق أجسادنا، تلتهم كل ما هو جميل فى حياتنا، أما الأرض فقد كانت تنشق وتبتلع كل شىء، وأصوات الانفجارات تملأ الأجواء، بينما كانت جثث الأبرياء تتناثر فى الشوارع».

«العالم خذلنا».. هكذا قال «صقر»، متابعًا: «كان أكثر ما يُزيد من ألمنا هو غياب العالم عنا، لقد تركونا وحدنا فى هذا الجحيم، وكأننا لا نهم أحدًا، كانت أصوات القذائف والدمار تقتلع قلوبنا، فى الوقت الذى كان العالم من حولنا يتجاهل معاناتنا، كنا نبحث عن مساعدة، عن أى يد تمتد إلينا، ولكن كلما حاولنا الاستغاثة كانت أصواتنا تتلاشى فى الهواء».

وأكمل: «رغم كل المصاعب، لا يمكننا أن ننسى هويتنا الفلسطينية العربية، نعم كلفتنا الكثير، ورأينا الجحيم على يد الاحتلال الإسرائيلى، ولكننا نعلم أننا سنبقى وسننتصر، قد تكون الأرض قد دُمرت، ولكننا سنواصل مقاومتنا، وسندافع عن حقوقنا وحريتنا، وسنعود مرة أخرى إلى أرضنا، ونعمر غزة بأرواحنا وأولادنا.. وسننتصر دائمًا وأبدًا».

أيوب أبودقة: عُدت فى أول ساعة للهدنة.. ولا أحد سيسلب أرضنا منا

إلى داره فى خان يونس، عاد أيوب أبودقة منذ الساعات الأولى لبدء تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، مؤكدًا أنه كان يعد الساعات والأيام وينتظر اللحظة التى تنتهى فيها الحرب؛ ليعود مجددًا إلى أرضه وبيته.

وعن ذلك، قال: «عُدت ومعى العشرات من النازحين فى أول ساعة من قرار الهدنة، مهللين.. مكبرين، وفرحين بالنصر العظيم، وبمقاومتنا وصمودنا أمام الاحتلال الإسرائيلى الغاشم».

وأضاف: «هُجّرت قسرًا مع العائلة إلى أكثر من محطة، كحال جموع النازحين، إلى المواصى ثم إلى الجنوب ثم إلى الحدود فى رفح الفلسطينية، وكانت الحرب تلاحقنا فى كل مكان، والاحتلال يُنذرنا بضرورة النزوح من منطقة إلى أخرى، لأنه سيتم قصف المكان الذى نعيش فيه، ولكن بمجرد أن نتحرك إلى موقع جديد نجد الصواريخ تسقط فوق رءوسنا، حتى رفح، التى زعم الاحتلال أنها المكان الآمن، كانت تُقصف فى كل ساعة وفى كل لحظة». وتابع: «أُصبت إصابات بالغة أنا ووالدى جراء القصف المستمر، حتى بعد النزوح إلى مواقع أُجبرنا عليها من قِبل الاحتلال، كما فقدت العديد من الأصدقاء والأحبة، وأولاد عمومتى جميعهم استشهدوا، وفى ظل هذا كله، لا طعام ولا مياه، والمساعدات كانت قوات الاحتلال تسرقها أو تفسدها، أو كنا نضطر إلى شرائها بمالنا الخاص، حتى خيمتنا التى لجأنا إليها أصبحت بالية، وضعف صمودها أمام أمطار الشتاء وجفاف الصيف». وأردف: «لكن.. رغم كل شىء، عدنا إلى أرضنا فى أول ساعة من القرار، لم نتردد لحظة فى العودة إلى غزة الصامدة، الشاهدة على مآسينا ومعاناتنا، عدنا إلى المكان الذى نحب، إلى الأرض التى نعيش عليها ونعشقها».

وأكمل حديثه: «غزة لنا، وفلسطين وطننا، مهما حاول الاحتلال أن يفرض علينا الحصار أو التجويع أو التشريد أو القصف، فلن يستطيع سلب غزة منا».

رنا زعرب: نحتفظ بمفتاح بيتنا المُدمر وسننهض من جديد

منذ ديسمبر ٢٠٢٣، نزحت رنا زعرب، مع ما تبقى من عائلتها من خان يونس إلى الجنوب، ليفترشوا خيمة فى الطل بالمواصى، التابعة لمدينة رفح الفلسطينية، لكنها قررت مع أول ضوء للهدنة أن تعود إلى مكان بيتها المقصوف، لتقيم على أطلاله إلى أن تعيد بناءه.

وعن ذلك قالت: «لا يمكن وصف شعورنا بالكلمات، لكنه مزيج من النجاة من ظلام الكابوس، والصدمة من سواد الأيام الماضية، فالعودة تختزل أحلام عائلة نجت من جحيم الحرب».

وأضافت: «عندما سمعنا خبر الهدنة ووقف إطلاق النار لم نصدق فى البداية، وظننا أن الأمر مجرد خبر آخر فى سلسلة طويلة من الأخبار الكاذبة، لكن عندما تأكد الخبر انفجرت المشاعر فى لحظة واحدة، بين صراخ وبكاء ودهشة، وكانت المشاعر متناقضة، مزيج من الفرح والخوف، وكأننا صحونا من كابوس طويل».

وتابعت: «نزحنا إلى مواصى خان يونس، حيث بنينا خيامًا مؤقتة على الأرض، وكانت الحياة فى الخيام صعبة للغاية، بل مأساوية، والحر كان ينهكنا فى الصيف، والبرد يأكل أجسادنا فى الشتاء.. كانت الحياة غير آدمية بالمرة، فالحشرات والقوارض تحيط بنا من كل جانب، وعندما يأتى المطر تتحول الأرض إلى بحيرة، نغرق فيها نحن وآلامنا وأحلامنا سويًا».

وأردفت: «تشبثنا بالحياة والأرض حتى آخر رمق، وتوفير المياه والطعام كان تحديًا يوميًا يواجهنا جميعًا، فقد كنا نعبئ المياه من بئر قريبة، أحيانًا مجانًا، وأحيانًا بمقابل مادى كبير لا نمتلكه، أما الطعام فكان نادرًا وغالى الثمن، وكان علينا أن نتدبر أمورنا بأقل القليل، وكنا ننتظر يوم العودة إلى منازلنا».

وواصلت: «نحتفظ بمفتاح بيتنا المُدمر، كرمز، ونسرد قصصًا عن الأرض التى عشنا عليها لسنوات طويلة لنحكيها للأجيال القادمة، والمفتاح ليس مجرد قطعة معدنية؛ بل ذكرى، حكاية من صمودنا، ودليل على حقنا».

ووصفت الحرب بأنها كانت كابوسًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مؤكدة أنها لم تؤثر فقط على الأجساد، بل على الأرواح أيضًا، فقد أصبح الجميع يصرخ لأتفه الأسباب.

وأردفت: «أصبحت أخاف من أى صوت، حتى لو كان صوت باب يُغلق، وانعزلت عن الجميع، وتدهورت علاقاتى مع الآخرين، وشعرت بأننى على حافة الانهيار، وأعتقد أن جميع من عايش الحرب حالهم مثل حالى وأكثر، وما أنقذنى من السقوط فى دوامة الاكتئاب أو التوحّد، كان قراءة القرآن، ففى كل مرة كنت أشعر فيها بالعجز أو الألم كنت أفتح المصحف وأقرأ آيات الله، فقد كانت البلسم الذى يداوى روحى، وتعيد لى بصيص الأمل».

واختتمت حديثها قائلة: «الآن عدنا إلى أرضنا، حتى لو كنا نعيش فيها تحت خيمة، فسنشعر بشىء من الطمأنينة والأمان، قد لا يكون لدينا منزل بعد، لكن لدينا الأمل، ولدينا الإيمان بأن الأيام المقبلة ستكون أفضل، فالحرب تركت أثرًا عميقًا فينا، لكنها أيضًا علّمتنا أن نتمسك بالحياة، وأن ننهض من تحت الركام من جديد».

عماد أبوشمسية: الاحتلال نفذ حرب إبادة جماعية.. وإعمار غزة مسئولية دولية

أكد عماد أبوشمسية، منسق «تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان»، أن الفلسطينيين يعانون إحدى أكثر الحروب وحشية فى التاريخ الحديث، فى ظل ما شهده قطاع غزة من قصف عنيف وعمليات تهجير قسرية.

وأوضح «أبوشمسية»: «لم يقتصر عدوان جيش الاحتلال على البشر فقط، بل امتد ليطال الشجر والحجر، مخلفًا دمارًا شاملًا أثر على كل جوانب الحياة»، وقال: «الحرب لم تكن مجرد عدوان عسكرى؛ بل كانت حربًا على الإنسانية». 

وتابع: «النزوح الجماعى والدمار الهائل خلّفا بيئة غير صحية اجتماعيًا، ما أثر بشكل كبير على العلاقات الإنسانية الطبيعية، وظهر التأثير واضحًا على الأطفال، الذين تعرضوا لصدمات نفسية عميقة، والنساء وكبار السن، الذين واجهوا ظروفًا قاسية تفوق القدرة على التحمل، هذه البيئة المشحونة بالألم والمعاناة أدت إلى تدمير النسيج الاجتماعى فى غزة».

وأضاف: «أهم الأولويات الآن هى توفير حياة كريمة تحفظ حقوق الإنسان الأساسية، ويجب أن تشمل السكن، عبر تأمين منازل للأسر التى فقدت مساكنها فى الحرب، وتوفير الغذاء والمياه بأسعار مناسبة، وضمان وصول مياه صالحة للشرب، وإعادة بناء المدارس واستئناف العملية التعليمية لضمان مستقبل أفضل للأطفال، وكذا توفير الرعاية الصحية والعلاج الفورى المستمر لكل من يحتاج إليه، خصوصًا الجرحى وضحايا الحرب».

وشدد على ضرورة أن تتحمل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية مسئولياتها الأخلاقية والقانونية، عبر تشكيل لجان تحقيق محلية ودولية لتوثيق جميع الجرائم والانتهاكات، مشيرًا إلى دور «تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان»- الذى اعتمدته المفوضية السامية لحقوق الإنسان- فى بذل الجهود لتجميع الأدلة التى تثبت تورط جيش الاحتلال وقادته فى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من بعد السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، مع ضرورة محاكمة المسئولين عن هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية؛ لضمان تحقيق العدالة للشعب الفلسطينى.

وأكد أن إعادة بناء غزة وتهيئة الظروف الإنسانية الملائمة من المسئوليات التى تقع على عاتق عدة أطراف، فالقيادة المحلية فى غزة يجب أن تتحمل مسئولية تنظيم الجهود الإنسانية والإغاثية، ودول العالم يجب أن تقدم الدعم السياسى والمالى لإعادة الإعمار، لافتًا إلى أن المجتمع المدنى يلعب دورًا حيويًا فى تعزيز الصمود وتقديم الدعم المباشر للمتضررين.

وذكر أن الدعم النفسى ضرورة ملحة فى المرحلة الحالية، إلى جانب توفير الاحتياجات المادية، وقال: «يجب إنشاء شبكة أمان محلية ودولية تشمل برامج متخصصة تساعد الضحايا فى التعافى من الصدمات النفسية، نتيجة حرب الإبادة التى استهدفت كل ما هو فلسطينى، وما نطلبه الآن هو العدالة والكرامة الإنسانية، فهما مطلبان لا يمكن المساومة عليهما».

صلاح عبدالعاطى: هذا الشعب عاد من الموت.. ويحتاج لكل مقومات الحياة

حذّر الدكتور صلاح عبدالعاطى، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينى «حشد»، من تبعات وآثار العدوان الإسرائيلى على النسيج الاجتماعى فى غزة، لا سيما وأنه أدى إلى استشهاد وإصابة وفقدان نحو ١٠٪ من سكان القطاع، أى حوالى ١٨٠ ألفًا إلى ٢٠٠ ألف شخص، نتيجة الإبادة الجماعية.

وقال «عبدالعاطى»: «بقية سكان غزة، الذين يزيد عددهم على مليونىّ شخص، جرى تهجيرهم قسريًا، وهم يعيشون الآن فى الخيام أو مراكز الإيواء أو فى المستشفيات والمدارس».

وأشار إلى أن هذه الظروف تتطلب إعادة بناء المجتمع ومواطنيه من نقطة الصفر، إذ إنهم سيواجهون عند العودة إلى الديار دمارًا شاملًا يستدعى وقتًا طويلًا لإعادة الإعمار والبناء، وهنا تتعاظم ضرورة تعزيز صمود هؤلاء السكان وتوفير خيام وكرفانات مؤهلة لاستقبالهم، مدعومة بالطعام والماء والثياب، وذلك كحل مؤقت للمرحلة الراهنة لحماية عناصر هذا المجتمع، وضمان التعامل مع مواطنيه وفق قواعد العدالة وحقوق الإنسان.

وتابع: «هذا الشعب عاد من الموت حقيقة لا مجازًا، وأبرز الأولويات فى المرحلة الانتقالية هو تدفق المساعدات، لأن قطاع غزة يعانى مجاعة وفقدانًا كاملًا لاحتياجاته الأساسية، كما يتطلب الوضع إدخال خيام وكرفانات مناسبة للسكن المؤقت، نظرًا لأن عملية إعادة الإعمار ستستغرق وقتًا طويلًا».

وأكد: «لا بد أيضًا من إعادة تأهيل القطاعات الخدمية، مع التفكير فى إنشاء مبانٍ متنقلة وعيادات ميدانية، إضافة إلى توفير شبكات إغاثة وإنترنت لضمان استعادة خدمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم، وتلبية احتياجات المدنيين».

ولفت إلى أن الهيئة لعبت دورًا مهمًا فى توثيق ورصد جميع المجازر التى مارستها قوات الاحتلال الإسرائيلى، وانتهاكات حقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطينى وتقديمها إلى الجهات الدولية، كما كانت نشطة فى ملاحقة قيادات الاحتلال أمام محكمتى الجنايات الدولية والعدل الدولية، بدعم من الدول التى تقدمت بدعاوى ضد الاحتلال الإسرائيلى، على رأسها جنوب إفريقيا، إضافة إلى حركة التضامن الدولى.

وشدد على أن الهيئة عملت على تعزيز النضال العالمى، من خلال حركة المقاطعة والمطالبة بفرض العقوبات على الاحتلال الإسرائيلى، وحث جميع الأطراف الدولية على القيام بواجباتها على المستويين الإعلامى والحقوقى.

ولفت إلى أنه جرى تنظيم دورات للإرشاد النفسى والاجتماعى خلال فترة العدوان، وإبان وقف إطلاق النار، كما جرى إنشاء خيام لتقديم جلسات تعليمية وأنشطة إنسانية متنوعة، وستستمر الهيئة فى التعاون مع منظمات المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان للمساهمة فى هذه الجهود، فى إطار تعزيز المبادرات الاجتماعية والاستجابة الإنسانية حتى يتعافى قطاع غزة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق