بينما أجلس أتناول طعام الإفطار بعد أن استقبلت يومي بصلاة الفجر في وقتها، راودتني تساؤلات كثيرة ممزوجة ببعض من الخجل، نعم إنني أخجل أن أسأل أحداً لماذا تؤخر صلاتك أو لماذا لا تصلي؟ جارٍ البحث عن الأعذار غير المنطقية والمليئة بالجهل والسفه، تلاشت هذه الأسئلة وتلاشى معها الخجل. أمرٌ عجيب!! أسمع صوت الأذان، فأرى الناس جالسين مشغولين، حيث إن أحد أعذارهم «أنا مشغول سأصلي عندما أنتهي»!!، أو يسمع الأذان ويتعمد بألا يصلي! قل لي لماذا لا تصلي؟!
إن كنا نبحث عن السعادة، لماذا نتجاهل الصلاة مع علمنا أنها مصدر للراحة والسكينة؟ ألا تعلمون أن الصلاة هي أول ما نحاسب عليها يوم القيامة؟
كل ضيقٍ يتسع وكل همٍ ينجلي وكل حزن يتبدد، عليك بالصلاة فلا شيء أنقى من بقعة لامسها الجبين لحظة السجود.
هناك مقولة تقول: «إن هناك أول مرة لكل شيء»، ما علاقتها بموضوع الصلاة؟!!، عندما كنا صغاراً اعتدنا أن يأمرنا الكبار بالصلاة، فنذهب لنصلي، ولكننا نجد أن الصلاة ثقيلة علينا فنتركها، وعندما كنا نسمع شيخاً يتحدث عن أهمية الصلاة وعقوبة تاركها، كنا نذهب لنصلي، ولكننا نجد أن الصلاة ثقيلة علينا فنتركها!!، كبرنا وكبر معنا شيء اسمه يوماً ما!!
إنه عالم خاص لتاركي الصلاة، فعلى الرغم من تكرار كلمة يوماً ما، فإن ذلك اليوم لن يأتي أبداً، ما دام الحال كذلك، سيأتي أجلك وأنت ما زلت تقول يوماً ما!!، يوماً ما سأصلي الفجر في وقته، سيأتي هذا اليوم وأحافظ على الصلوات الخمس، سأنتظر شهر رمضان القادم حتى أبدأ حياتي مع الصلاة وحفظ القرآن الكريم، يوماً ما سأفعل.
كلمة يوماً ما هي اللغة الرسمية التي تجلب الأعذار لترك الصلاة، عن النبي ﷺ أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. يا ناسي الصلاة، تخشى العذاب ولا تصلي (إن الحياة بلا صلاةٍ موتاً فيا مسكينُ صلي).
الصلاة تؤمن لك باب النجاح، والله اختار لنا الصلاة كتاباً موقوتاً، نتعلم منه الالتزام أول أبواب النجاح، لا ننجح حتى نلتزم، أليس النجاح مشروطاً بشيء من الالتزام؟! تريد السعادة، صلِّ الصلوات في أوقاتها، تريد التوفيق، عليك بالصلاة، بدلاً من أن تشغل ذهنك باختلاق الأعذار حتى لا تصلي، فالأفضل أن تشغل ذهنك باختلاق عوامل تعينك على الصلاة، إذاً فإن الصلاة مصدر للسعادة وراحة البال، وهؤلاء الذين يحافظون على صلواتهم ودون ترك أي صلاة أو تأخيرها، فهم يقومون بعمل بسيط جداً، ألا وهو أنهم يقومون بإقناع عقولهم بأنهم قادرون على أداء صلواتهم أياً كانت الظروف، ومنهم من يصلي ركيعات قبل الإقامة، ولكنها لم تكن صلاة، بل حالة!! حالة من العشق بينه وبين ربه، يصلي بخشوع هادئاً مطمئناً. إذاً لا مزيد من الأعذار، فهناك الكثير من الأعمال الشاقة التي قمت بها، وأنت في أسوأ حالاتك الجسدية والذهنية، أسأل الله عز وجل التوبة والمغفرة، حياتنا مع الصلاة حياة مختلفة تماماً، ففيها مشاعر يعجز عن وصفها ونحن نتحدث مع الله عز وجل، يسمعنا ويرسل لنا ما ينفث في قلوبنا الموجوعة نفحات الأمل والفرح، إذاً هيا لنوضب أرواحنا بغيث الخيرات، ولننفض ما تبقى في النفس من لهوٍ وتخاذل، ونسارع بجنة عرضها كعرض السماوات والأرض، يا رب اجعلنا من عتقائك من النار الفائزين بجنتك ورضاك.
ألذ ما في الدنيا عبادة الله، فاشبع منها، فليس بعد الموت سجود!.
0 تعليق