يُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أبرز وأهم الفعاليات الثقافية على مستوى المنطقة العربية والعالمية، حيث يُعد محط اهتمام لمثقفين وكتاب وأكاديميين من مختلف أنحاء العالم.

وفي كل دورة، يُثبت المعرض دوره الفاعل في تعزيز التواصل بين الثقافات ونقل المعرفة وتبادل الأفكار، ويُسهم في إحداث حراك ثقافي وفكري مميز.

أما في دورته الحالية، فيواصل المعرض تعزيز مكانته كمنارة ثقافية عربية رائدة، موجهًا أنظاره إلى المستقبل من خلال التركيز على التحديات المعاصرة التي تواجه صناعة النشر والإبداع، وعلى رأسها استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على الإنتاج الثقافي.

الدورة الحالية: استشراف المستقبل من خلال الذكاء الاصطناعي
أوضح الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس معرض القاهرة الدولي للكتاب، في تصريحات إعلامية أن المعرض يهدف إلى تجاوز كونه مجرد سوق للكتب والمراجع ليصبح منصة حيوية لتبادل المعرفة والأفكار على مستوى العالم العربي.

وأشار إلى أن المعرض في دورته الحالية يشهد اهتمامًا خاصًا بمجال الذكاء الاصطناعي، لافتًا إلى أن هذه الدورة تتبنى رؤية استشرافية ترتكز على أهمية توجيه هذه التقنيات الحديثة لخدمة الثقافة العربية والإسلامية.

وأضاف د. أحمد بهي الدين أن المعرض يهدف إلى إظهار قدرة هذه التقنيات على دعم صناعات النشر والإبداع في العالم العربي، مع التأكيد على ضرورة توجيه الذكاء الاصطناعي نحو تعزيز مفاهيم الثقافة الأصيلة بعيدًا عن أية تداخلات قد تحدث مع المفاهيم الغربية.

وفي مداخلة هاتفية له في برنامج “صباح جديد” على قناة “القاهرة الإخبارية”، أكد د. أحمد بهي الدين أن هذه الدورة من المعرض ستشمل مجموعة من الندوات العلمية والمحاضرات والحوارات المتخصصة التي تناقش تأثير الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات الثقافية والفكرية والفنية.

وأضاف أن المعرض يسعى إلى تقديم حلول مبتكرة للمستقبل، على أن يتم توجيه الذكاء الاصطناعي للاستفادة منه في مجالات الإبداع الأدبي والفني بما يتناسب مع الهوية الثقافية العربية.

الذكرة الثقافية لهذا العام: سلطنة عمان ضيف الشرف

في خطوة تعكس روح التعاون الثقافي العربي، يشارك هذا العام المعرض بضيف شرف متميز، وهو سلطنة عمان. حيث ستقدم سلطنة عمان برنامجًا ثقافيًا حافلًا يعكس التراث العماني الغني والمتنوع. هذا البرنامج يتضمن عروضًا فنية وثقافية متميزة، بالإضافة إلى فعاليات مخصصة للأطفال تهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي بين الأجيال.

كما ستستعرض سلطنة عمان تاريخها الثقافي الممتد وقيمها الأصيلة التي تربط بين حضارتها وبين الحضارة المصرية، مما يبرز التناغم بين الثقافتين العمانية والمصرية.

وقد أكد د. أحمد بهي الدين أن مشاركة سلطنة عمان ستكون إضافة كبيرة لمحتوى المعرض هذا العام، حيث ستعرض سلطنة عمان أنماطًا من الأدب والفن العماني الذي يمتاز بموروثاته الخاصة.

كما ستكون هذه المشاركة فرصة للجمهور العربي بشكل عام، والمصري بشكل خاص، للتعرف على الفنون العمانية المميزة التي تشهد تزايدًا في الانتشار على المستوى الدولي.

مشاركة دولية واسعة وتنظيمات فنية متنوعة

يواصل معرض القاهرة الدولي للكتاب جذب اهتمام دولي كبير، إذ يشارك هذا العام نحو 1300 دار نشر من 80 دولة حول العالم. هذه المشاركة الدولية الواسعة تعكس الاهتمام الكبير الذي يحظى به المعرض على المستوى العالمي، ويؤكد مكانته كأحد أكبر وأهم معارض الكتب في العالم.

ويقدم المعرض هذا العام أكثر من 500 ألف عنوان كتاب في مجالات متنوعة تشمل الأدب والعلوم والفنون والاقتصاد والتكنولوجيا. وقد أصبح المعرض بمثابة ملتقى ثقافي ضخم، يجذب المفكرين والمبدعين في شتى المجالات.

كما يشهد المعرض تنظيم عدد كبير من الفعاليات الفنية والثقافية التي تشرف عليها وزارة الثقافة المصرية، ومن أبرزها العروض الفنية المتنوعة التي تقدمها دار الأوبرا المصرية وقطاع الإنتاج الثقافي.

كما سيكون هناك عروض مسرحية وموسيقية تُعبر عن التنوع الثقافي والفني في مصر، مع تقديم مواهب جديدة في مجالات الأدب والموسيقى والفنون التشكيلية.

الذكاء الاصطناعي والثقافة: دعم مستدام للإبداع

من الأمور التي يعكف المعرض على تسليط الضوء عليها هذا العام، هو كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم الإبداع الثقافي العربي ويساهم في استدامته.

د. أحمد بهي الدين تحدث عن استراتيجيات المعرض لتوجيه الذكاء الاصطناعي ليكون أداة لتحقيق التكامل بين الفكر الإبداعي والممارسات التكنولوجية الحديثة.

وقد أشار إلى أنه يجب التعامل مع هذه التقنيات بحذر وفهم عميق كي لا تذوب الهوية الثقافية العربية في عالم يُهيمن عليه المحتوى الغربي.

وفي هذا السياق، أكد أن المعرض سيعقد ورشًا ومحاضرات تتناول سبل استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات الكتابة والنشر، وتأثيره على صناعة الكتاب وتطوير طرق التوزيع والنشر الرقمي.

مواكبة أحدث الاتجاهات الفكرية
من خلال هذه الدورة، يسعى المعرض إلى أن يكون مرآة حية لمواكبة أحدث الاتجاهات الفكرية والابتكارات في مختلف المجالات، بدءًا من الأدب والفنون وصولًا إلى التكنولوجيا والعلوم.

كما يواصل المعرض دعم الأدباء والمفكرين والمبدعين العرب، من خلال فتح أبواب الفرص أمامهم لعرض أعمالهم وتبادل الخبرات مع مثقفين وفنانين عالميين.

خلاصة: مهرجان ثقافي عالمي يعزز من القوة الناعمة لمصر

من خلال مشاركة دولية واسعة ومشاركة متزايدة من دور النشر والمؤسسات الثقافية، يواصل معرض القاهرة الدولي للكتاب التأكيد على مكانته كمهرجان ثقافي عالمي يعزز من القوة الناعمة لمصر على الساحة الدولية.

وبالتركيز على الذكاء الاصطناعي كعنصر حيوي في صناعة الإبداع الثقافي، يسعى المعرض إلى توجيه التكنولوجيا الحديثة نحو خدمة الثقافة العربية، وهو ما يجعله محطة هامة ليس فقط للمفكرين والكتاب ولكن لكل من يسعى للاستفادة من الابتكار الثقافي والتكنولوجي.