محليات
0
قطر وسلطنة عمان
الدوحة - قنا
ترتبط دولة قطر وسلطنة عمان الشقيقة بعلاقات استراتيجية أخوية تاريخية عميقة الجذور، تعززها أواصر اللغة والتاريخ والمصالح المشتركة، وتقوم على التعاون والتنسيق والاحترام المتبادل، وتشهد تطورا مستمرا في مختلف القطاعات بفضل اهتمام ورعاية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وأخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة.
وتتميز العلاقات القطرية العمانية بأنها راسخة منذ الأزل، حيث يحرص الشعبان الشقيقان ومختلف الجهات الرسمية في البلدين على توثيقها وتعزيزها والارتقاء بها لآفاق رحبة ومثمرة في جميع المجالات، لتمثل نموذجا يحتذى للعلاقات بين الأشقاء.
وفي سياق الحرص المشترك على تطوير العلاقات بين الدوحة ومسقط، تأتي زيارة "دولة" التي يقوم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لسلطنة عمان الشقيقة غدا " الثلاثاء"، تلبية لدعوة كريمة من أخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة. وستتناول المباحثات التي ستجرى خلال الزيارة سبل تعزيز العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات بما يحقق مصالح وطموحات البلدين، بالإضافة إلى مناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وينتظر أن تسهم زيارة الدولة، التي يقوم بها سمو الأمير للسلطنة والمباحثات التي ستجرى خلالها والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستوقع في إطارها،في الارتقاء بالعلاقات الثنائية التي باتت على موعد مع المزيد من التعاون الذي ينقلها إلى آفاق واعدة ومراحل متقدمة من الازدهار والتنسيق والتكامل الاقتصادي بما يحقق طموحات البلدين وشعبيهما الشقيقين.
وقد ارتبطت الدولتان بعلاقات وثيقة ازدادت رسوخا وعمقا بعد استقلال دولة قطر، ففي عام 1973 صدر مرسوم أميري بتعيين أول سفير لدولة قطر لدى سلطنة عمان، في حين قدم أول سفير لسلطنة عمان أوراق اعتماده بالدوحة عام 1974. واتسمت العلاقات بين دولة قطر وسلطنة عمان على الدوام بالاستقرار والثبات والازدهار، كونها تستمد جذورها من روابط التاريخ والجغرافيا، ومن الدعم والرعاية المستمرة من لدن حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وأخيه جلالة سلطان عمان الشقيقة، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه حاليا من تطور وتكامل في كافة المجالات والأصعدة.
وتعتبر الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، والزيارات المكثفة من جانب كبار المسؤولين والوفود المتنوعة في الدولتين ترجمة عملية للروابط التاريخية الوثيقة بين البلدين، حيث ساهمت على مر السنوات في تدعيم أواصر الأخوة، ودفع التعاون بينهما إلى الأمام بوتيرة متصاعدة.
وفي سياق الزيارات على مستوى القادة، قام سمو أمير البلاد المفدى في أكتوبر لعام 2013 بزيارة رسمية لسلطنة عمان، وفي نوفمبر لعام 2021 قام جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة، بزيارة "دولة" إلى دولة قطر تلبية لدعوة كريمة من حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وجرى خلالها بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها لا سيما في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والسياحة والنقل، كما تم تبادل وجهات النظر حول آفاق تعزيز العمل الخليجي المشترك بما يعزز أمن المنطقة واستقرارها.
وقد أكد بيان مشترك صدر في ختام الزيارة على حرص دولة قطر وسلطنة عمان على تعزيز العلاقات الثنائية، وعلى قوة الإرادة السياسية للقيادة في البلدين للارتقاء بكافة أوجه التعاون على جميع المستويات، مما سيفتح آفاقا جديدة من التشاور والتنسيق والتعاون بين البلدين الشقيقين.
وقد عكست المباحثات عمق العلاقات الثنائية، وتطابق مواقف البلدين بشأن القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما أهمية الحوار والدبلوماسية في معالجة كافة قضايا المنطقة. وأشار البيان إلى إشادة سمو الأمير وجلالة السلطان بما يجمع البلدين من علاقات التعاون والشراكة المتميزة في كافة المجالات، وأكدا الرغبة المشتركة في التعاون في مجال الطاقة النظيفة، والتعاون المشترك في تبادل الخبرات للحد من التغير المناخي. كما أكد الجانبان على أن الفرص الحقيقية والمتنوعة في البلدين تشكل أساسا متينا لتعزيز العلاقات، وزيادة فرص الاستثمار، وإقامة الشراكات، وإنجاز مشاريع ذات قيمة مضافة في العديد من القطاعات والميادين، فضلا عن زيادة حجم التبادل التجاري وتنويعه، وتعزيز دور القطاع الخاص بما يحقق التكامل في مصالح البلدين.
وفي مؤشر على تميز وخصوصية العلاقات بين البلدين، فقد أهدى حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، أخاه جلالة السلطان هيثم بن طارق، سيف المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، وذلك تجسيدا لعرى الأخوة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين القطري والعماني، وما يكنه سموه شخصيا لجلالة السلطان من مشاعر المودة والتقدير. ويعتبر سيف المؤسس أرفع الأوسمة القطرية التي تهدى للملوك وأمراء ورؤساء الدول، كما أهدى جلالة السلطان وسام عمان المدني من الدرجة الأولى لأخيه سمو الأمير المفدى، تقديرا لسموه وتعبيرا عن متانة وعراقة العلاقات الأخوية بين الشعبين القطري والعماني. ويعتبر وسام عمان المدني من الدرجة الأولى من أرفع الأوسمة العمانية، ويمنح لملوك ورؤساء الدول الذين ترتبط دولهم بعلاقات متميزة بسلطنة عمان وبكبار الشخصيات التي تحظى بالتقدير السامي لجلالة السلطان.
وتنظم العلاقات بين البلدين مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم حول التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والدبلوماسية والعلمية والسياحية، والعسكرية وتجنب الازدواج الضريبي، وفي مجال النقل البحري، والضيافة، والعمل وتنمية الموارد البشرية.
وقد شهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين دولة قطر وسلطنة عمان تطورا ملحوظا خلال السنوات القليلة الماضية، في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والمواصلات والاتصالات والطاقة والسياحة والتعليم والإنشاءات والخدمات المصرفية، و بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.2 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024.
وتتواجد بالسوق العمانية خمس عشرة شركة قطرية، وتعمل نحو من 200 شركة عمانية في السوق القطرية برأس مال عماني 100 بالمائة، كما توجد نحو 200 شركة عمانية أخرى تعمل في قطر بشراكة مع شركات قطرية في قطاعات مختلفة، مثل التجارة والمقاولات، وتركز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين على القطاعات الحيوية، مثل الطاقة، والصناعة، والسياحة، والخدمات اللوجستية، وغيرها من المجالات التي تخدم المصالح المتبادلة، وسجل المجال الاستثماري بين الدوحة ومسقط تطورا كبيرا، ويشمل مشروع كروة للسيارات، ومشروع الديار القطرية برأس الحد، كما يوجد عدد من المشاريع المشتركة في مجالات الزراعة والفنادق والسياحة، والنقل واللوجستيات، والقطاع العقاري، وتقدر قيمة الاستثمارات القطرية في السلطنة بنحو ملياري ريال قطري.
وتم تأسيس صندوق استثماري مشترك بين الجانبين العماني والقطري تحت مسمى شركة الحصن للاستثمار، حيث تأسست في عام 2007، وتستثمر الشركة في مشروعات من مختلف القطاعات، منها القطاع المصرفي، والصناعة، والاتصالات والتكنولوجيا، والغذاء، والرعاية الصحية، والتعليم والسياحة والنفط والغاز، وقد أثمرت بشراكات استثمارية منها إنشاء الشركة العمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية وشركة قطر للمواد الأولية وغيرها.
وتقوم اللجنة العمانية القطرية المشتركة، بدور متميز في تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين وقد عقدت اللجنة في ديسمبر الماضي، اجتماعات دورتها الثالثة والعشرين بمدينة الدوحة، استعرضت خلالها أوجه التعاون بين البلدين الشقيقين في شتى المجالات التي تخدم مصالحهما المشتركة، على رأسها التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وتابعت عددا من المشاريع المشتركة، وناقشت مجموعة من المقترحات والتصورات لتعزيز تعاون البلدين، وتشجيع الاستثمارات المشتركة في مجالات الزراعة، والاتصالات، والنقل، والسياحة، والأعمال المصرفية، والتعليم.
وتفعيلا للتعاون بين رجال الأعمال من الجانبين، فقد تم إنشاء مجلس رجال الأعمال العماني القطري تحت مظلة غرفة تجارة وصناعة قطر وغرفة تجارة وصناعة عمان لتوثيق العلاقات التجارية وفتح مجالات الاستثمار المشتركة بين البلدين وتفعيل الزيارات المتبادلة للوفود التجارية بين البلدين والمشاركة في المعارض التجارية المشتركة. وينعقد المجلس بصورة دورية، ويبحث إمكانية إقامة مشروعات مشتركة، وتحالفات تجارية بين الشركات القطرية ونظيرتها العمانية في مختلف المجالات.
وتعكس الأنشطة التجارية والاقتصادية بين البلدين رغبة صادقة من جانب مجتمع رجال الأعمال القطري والعماني، بالانتقال بالعلاقات الاقتصادية بين الجانبين من مستوى العلاقات الأخوية المتميزة إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية والشراكات الاقتصادية التي تترجم الطموحات والتطلعات المشتركة إلى مشروعات وكيانات اقتصادية عملاقة، تعود بالنفع والفائدة على الاقتصاد الوطني في كلا البلدين.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
0 تعليق