اعتدنا أن يكون النقد نافذة على الأعمال الأدبية والفكرية، وكأنه هو المحارب الأول في معركة الوعي، يسعى لإلقاء الضوء على كل منتج فكري يستحق، ويشير ببنان التقويم إلى نقاط العوار، هكذا يظل الخطاب النقدي عامل بناء أهم..
لكن، ها هنا ننطلق من كونه عينًا عُليا، ليتحول إلى موضع نقد بدوره، ذلك أن النقد في حدِّ ذاته عمليةٌ إبداعية، فنطالع العديد من الدراسات التي ظهرَت على الساحة النقدية تُقوِّمه، وتَندرج تحت ما يُمكن تسميته نقدَ النقد، منها على سبيل المثال كتاب «نقد الحداثة» ﻟ «حامد أبو أحمد»، وما قدمه «عبد العزيز حمودة» في كتابَيه: «المرايا المُحدبة» و«الخروج من التيه»، ويأتي كتاب «نقد النقد» ﻟ «دسوقي إبراهيم» إضافةً مهمة في هذا المِضمار؛ إذ ناقَش فيه النقد الحداثي في النص الشعري لشعراء النصف الثاني من القرن العشرين مثل: «صلاح عبد الصبور»، و«أمل دنقل»، و«محمود درويش»، و«عبد العزيز المقالح»، و«أدونيس»، من خلال قراءة الأعمال النقدية المهمة التي تَناوَلت هذه التجاربَ الشعرية، مثل أعمال «محمد عبد المطلب»، و«فاطمة طحطح»، و«صلاح فضل».
من هذا المبدأ انطلقت مبادرة "ناقد ومشروع"، التي أسسها الشاعر أحمد حسن، والتي تقوم من مبدأ وضع المشروع النقدي لناقد ما تحت مجهر المناقشة والنقد، وهو انتصار جديد لجنود يصولون في ساحات الإبداع، حاملين أمانة الكلمة، وعدالة الحكم.
وكانت أولى ندوات تلك المبادرة منذ شهر مضى، حيث ناقشت المشروع النقدي للدكتور سمير مندي.
وكعادته، يدرك بحسه الإبداعي لالئ ما خفي، فيمد لها يد الرعاية، فقد أعلن الشاعر سامح محجوب، مدير بيت الشعر، استضافة بيت الشعر لتلك المبادرة، تحت عنوان "لقاءات القاهرة النقدية"، وذلك إدراكا لأهمية ذلك المشروع الكبير، وحرصا منه على المشاركة فى دعمه، فمثلما اعتاد بيت الشعر أن يكون منبرا للمواهب الشعرية والنقدية، آل على نفسه إلا أن يكون نافذة أولى يطل عبرها ذلك المشروع النقدي الفريد، الذي أطلق فكرته الشاعر أحمد حسن، وحمل في البدء عنوان "ناقد ومشروع"، ليصبح الآن لقاء من لقاءات القاهرة النقدية، ولقاء تلو لقاء، تتعدد اللقاءات وتتباين الرؤى وتثرى العقول.
وفي تصريح للوفد، يؤكد الشاعر سامح محجوب، مدير بيت الشعر، أن المبادرة تعد بداية واعدة لمشروع ثقافي كبير سيعفينا جميعا من أن ننظر خلفنا بغضب، كما سيحفظ للأجيال القادمة نماذج فارقة ومضيئة يمكن أن تمنحها الثقة فى أن تكمل الطريق الطويلة نحو الحق والخير والجمال .
موضحا أن الندوة الاولى التي انطلقت هذا الأسبوع قد تناولت قراءات نقدية كاشفة وجادة حول مشروع نقدي مهم وجاد لمحمد عبدالباسط عيد، قدمها النقاد :
جمال العسكري،رشا صالح، سمير مندي محمد عليم، أحمد حسن، فى أمسية ثرية أمَّها حضور نوعي وكبير من مبدعي ومثقفي مصر والوطن العربي، واصفا تلك الندوة بأنها خلقت حالة فرح حقيقي عاشه بيت الشعر العربي مساء أمس الأحد وحالة فكرية كنا جميعًا فى أشد الحاجة إليها لنستعيد روح مصر المبدعة التي لطالما عبّدت الطرق أمام العقل العربي ليعرف ذاته ومن ثمّ يبدأ من جديد.
وفي تصريح سابق له للوفد، أكد الشاعر أحمد حسن مطلق الفكرة أن هدف هذه الندوات أو الأمسيات النقدية هو إلقاء الضوء على تجربة جيل الوسط من النقاد الشباب أو الذين تجاوزوا مرحلة الشباب، وفتح ممرات حوارية بين تجاربهم النقدية المتنوعة بحيث لا يبدو كل ناقد وكأنه جزيرة منعزلة تعمل بمعزل عن الآخرين.
0 تعليق