الخشت وتطوير الخطاب الدينى

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 صدر مؤخرًا كتاب مهم للدكتور محمود خليل بعنوان «الطريق إلى عقل دينى مستنير»، يتحدث فيه عن المشروع الفكرى للدكتور محمد عثمان الخشت حول تجديد الخطاب الدينى، وقد قام الدكتور محمود خليل بتحليل معمق لمشروع الخشت الفكرى، من خلال كتبه وندواته فى هذا الشأن.

ولا أحد يختلف على أن هذا مشروع فكرى مهم؛ يهدف إلى تطوير وتحديث الطريقة، التى يتم بها فهم وتفسير الدين الإسلامى، بحيث يكون أكثر توافقًا مع تحديات العصر الحديث ومستجداته. يعتبر الخشت أحد أبرز المفكرين المعاصرين الذين يسهمون بفاعلية فى هذا المشروع. ويتميز هذا المشروع الفكرى لتجديد الخطاب الدينى بالعديد من الجوانب المهمة، التى من بينها التركيز على العقلانية النقدية، حيث يؤكد الدكتور الخشت أهمية استخدام العقل النقدى فى فهم النصوص الدينية وتفسيرها. فهو يرى أن العقل هو أداة أساسية لفهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وللتمييز بين ما هو ثابت وما هو متغير فى الدين، كما يدعو إلى التفكير النقدى فى التراث الدينى، وعدم تقبل كل ما فيه دون تمحيص وتدبر.

ويدعو «الخشت» إلى تطوير علوم الدين، مثل علم أصول الفقه وعلم الحديث، بحيث تكون أكثر قدرة على التعامل مع قضايا العصر الحديث. فهو يرى أن هذه العلوم بحاجة إلى التجديد فى مناهجها وأدواتها، بحيث تكون قادرة على استيعاب التطورات العلمية والتكنولوجية، والتغيرات الاجتماعية والثقافية التى يشهدها العالم.

ويركز «الخشت» على أهمية فهم المقاصد الشرعية للشريعة الإسلامية، وهى الأهداف التى تسعى الشريعة إلى تحقيقها، مثل حفظ الضرورات الخمس، التى تشمل الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فهو يرى أن فهم هذه المقاصد يساعد على فهم النصوص الدينية وتفسيرها بشكل صحيح، ويساعد على تطبيق الشريعة الإسلامية على قضايا العصر الحديث بشكل أكثر فاعلية.

كما يدعو إلى الانفتاح على الثقافات الأخرى، والحوار مع أصحاب الديانات الأخرى، من أجل فهم أفضل للإسلام، ومن أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام لدى الآخرين. فهو يرى أن الحوار والتفاعل مع الثقافات الأخرى يسهمان فى إثراء الفكر الإسلامى، وتطوير الخطاب الدينى.

ويرى الدكتور «الخشت» أن تجديد الخطاب الدينى هو إحدى أهم الأدوات لمواجهة التطرف والإرهاب. فهو يؤكد أن التطرف والإرهاب يستندان إلى فهم خاطئ للإسلام، وإلى تفسيرات متشددة للنصوص الدينية. لذلك فإن تجديد الخطاب الدينى، وتقديم تفسيرات صحيحة للإسلام، يمكن أن يسهما فى نزع الشرعية عن التطرف والإرهاب، وفى تجفيف منابعهما. ويشدد «الخشت» على أهمية التركيز على الأخلاق والقيم فى الخطاب الدينى. فهو يرى أن الدين الإسلامى ليس مجرد مجموعة من الأحكام الشرعية، بل هو نظام أخلاقى متكامل، يهدف إلى بناء الفرد والمجتمع على أسس من الأخلاق والقيم الفاضلة. لذلك، فإن الخطاب الدينى يجب أن يركز على هذه الجوانب الأخلاقية، وأن يدعو إلى الالتزام بالأخلاق والقيم الإسلامية فى جميع جوانب الحياة. كما يدعو إلى استخدام وسائل الإعلام الحديثة، مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى، فى نشر الخطاب الدينى الجديد، والوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور. فهو يرى أن وسائل الإعلام الحديثة توفر فرصًا كبيرة لنشر الوعى الدينى، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، والتفاعل مع الجمهور بشكل مباشر، ويولى «الخشت» اهتمامًا خاصًا بالشباب، ويرى أنهم هم قادة المستقبل، وهم الذين سيحملون راية تجديد الخطاب الدينى. لذلك فإنه يدعو إلى توجيه الخطاب الدينى الجديد إلى الشباب، وتوعيتهم بأهمية تجديد الفكر الدينى، وحثهم على المشاركة فى هذا المشروع. وهنا تبرز أهمية التعاون مع المؤسسات الدينية، مثل الأزهر الشريف فى مشروع تجديد الخطاب الدينى. فهذه المؤسسات لها دور مهم فى نشر الوعى الدينى، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام. لذلك فإن التعاون مع هذه المؤسسات يمكن أن يسهم فى إنجاح مشروع تجديد الخطاب الدينى.

ويرى «الخشت» أن مشروع تجديد الخطاب الدينى هو مشروع مستمر، يحتاج إلى المتابعة والتطوير. فهو يدعو إلى إجراء المزيد من الدراسات والبحوث حول تجديد الفكر الدينى، وإلى تطوير آليات جديدة لنشر الخطاب الدينى الجديد، والتفاعل مع الجمهور. 

شكرًا جزيلًا للدكتور الخشت على هذا المشروع الفكرى المهم الذى تحتاجه البلاد حاليًا.. وشكرًا للدكتور محمود خليل على إصداره هذا الكتاب المهم الذى يعد دراسة أكاديمية مستفيضة حول مشروع تطوير الخطاب الدينى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق