تقلبات أسعار النفط تسبّبت في عجز لمعظم السنوات منذ 2015
الحكومة أعطت قانون الدين العام أولوية باعتباره أداة من أدوات السياسة المالية
اشار تقرير الشال الاسبوعي الى ان الكويت دولة مانحة وليست دولة مقترضة، ويفترض أن تميل تقارير المؤسسات الدولية المستفيدة من الدول المانحة إلى مجاملتها، ذلك ينطبق على تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والهيئات التابعة للأمم المتحدة، وفي تقرير للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في يناير الفائت حول اقتصاد الكويت وماليتها العامة، "الاسكوا"، نقد قاس وصحيح حول الشك في استدامة وكفاءة كلاً منهما، وسبقتها تقارير البنك وصندوق النقد الدوليين، ولم تخل منه تقارير وكالات التصنيف الائتماني.
وذكر التقرير ان "الاسكوا" اوضحت تحت عنوان اتجاهات هشة في مجالي الاقتصاد الكلي والمالية العامة، بأن عائدات النفط شكلت نسبة 91% من الإيرادات الحكومية لعام 2023، بينما ساهمت الإيرادات غير النفطية بنسبة محدودة لم تتعدى 8% من حجم الناتج المحلي الإجمالي لنفس السنة.
وتذكر بأن تقلبات أسعار النفط تسببت في تحقيق المالية العامة عجزاً لمعظم السنوات منذ عام 2015، ومن جانبنا نؤكد أن العجز طال 9 سنوات مالية من أصل آخر 10 سنوات منذ ذلك التاريخ وبما مجموعه 43.4 مليار دينار،وسنة الفائض الوحيد كانت بسبب نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، أي 2022/2023، وهو حدث استثنائي.
ورغم تضخم أرقام الإنفاق العام، إلاّ أن "الاسكوا" تقدر ضعف كفاءته، هو ضخم لأن نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 50%، بينما المعدل العالمي لتلك النسبة بحدود 37% منه، وبلغ نصيب النفقات الجارية ضمنه للسنة المالية 2023/2024 نحو 93%. ولأن ذلك المستوى من النفقات الجارية لا يترك نصيباً للحكومة لتمويل المشروعات التنموية، قدرت "الاسكوا" بأن المالية العامة في الكويت غير مستدامة.
ورغم ضخامة تلك النفقات، إلاّ أن كفاءتها أو مردودها ضئيل، فالكويت تحقق معدل 0.54 على مقياس الكفاءة للنفقات العامة مقابل متوسط عالمي بحدود 0.74، وعلاج هدر النفقات العامة، وفق تقدير "الاسكوا"، قد يوفر 6.8 مليار دينار ويرفع الكفاءة إلى حدود المتوسط العالمي.
أحد الأمثلة الذي ذكرته "الاسكوا" كان حول التعليم، فالكويت تنفق 12% من نفقاتها العامة عليه أي بما يتجاوز معدل الإنفاق العالمي، ولكن النتائج الأخيرة لمستوى الطالب الكويتي في الرياضيات مثلاً أظهرت حصوله على معدل 383 درجة، مقابل المتوسط العالمي البالغ 449 درجة، والكويت تقر بتخلف التعليم العام 4.8 سنة، وما ينطبق على التعليم ينطبق على الخدمات الصحية، أو الاستثمار في رأس المال البشري.
وأعلنت حكومة الكويت إعطاء أولوية لقانون الدين العام، وليس هناك خلاف على مبدأ الحاجة إلى الدين العام كأداة من أدوات السياسة المالية، ولكن ضرره مع استمرار كفاءة النفقات العامة على ما هي عليه ضعف، يعني تكرار خطيئة الاقتراض من السوق العالمي في عام 2017. فالدين العام يأتي بعد وقف فساد وهدر النفقات العامة، ويأتي ضمن مشروع نفقات عامة محدد الأهداف وفق برنامج زمني محترم من أجل الارتقاء بكفاءتها، عدا عن ذلك، سوف يضيف مرضاً جديداً إضافة إلى مرضي عدم الاستدامة وضعف الكفاءة، وهو مصيدة أو فخ الدين الخارجي.
ولا جديد في تقرير "الاسكوا" وخلاصاته، والواقع أن دراسات ممولة حكومياً وهيئات حكومية رسمية كررت نفس التحليل وخلصت إلى نفس النتائج.
0 تعليق