في حديث نبوي بليغ جمع جوامع الكلم، قال رسول الله ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ" [أخرجه الترمذي].
الالتفاف في الصلاة
في هذا الحديث يتجلى عمق أهمية الخشوع في الصلاة، حيث يوضح النبي ﷺ أثر الالتفات على العلاقة الروحية بين العبد وربه أثناء الصلاة.
معنى الالتفات في الصلاة
الالتفات المقصود هنا يشمل:
1. التفات الوجه والجسد: الحركات الجسدية غير الضرورية التي تشغل المصلي عن صلاته.
2. التفات القلب: الانشغال بأفكار دنيوية أثناء الصلاة.
النهي هنا يهدف إلى تحقيق حالة من التركيز التام والانقطاع عن المؤثرات الخارجية، ليعيش المصلي تجربة روحانية كاملة، حيث يكون كأنما يقف أمام الله مباشرة.
وفق الحديث، الالتفات يقلل من خشوع العبد ويضعف صلته بالله. فالخشوع هو جوهر الصلاة وروحها، وهو الذي يجعل الصلاة تثمر في حياة المسلم تقوى واستقامة.
يقول ابن القيم رحمه الله: "الالتفات اختلاس من الشيطان، يختلس به من صلاة العبد".
الصلاة كصلة مباشرة بالله
تؤكد العبارة "يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ" على عظمة الصلاة كوسيلة تواصل مباشرة بين العبد وربه. فعندما يقف المسلم في صلاته بخشوع، يكون كأنه في حضرة الله، مما يعزز روحانية التجربة ويجعلها تؤثر على سلوكياته وأخلاقه.
كيف نتجنب الالتفات؟
1. تحضير القلب قبل الصلاة: بالوضوء والدعاء.
2. تدبر معاني الآيات والأذكار: لاستحضار عظمة الله.
3. اختيار مكان هادئ: بعيد عن الملهيات.
4. تذكير النفس بأهمية الخشوع: كونه من أسباب قبول الصلاة.
الالتفات، سواء كان بالجسد أو القلب، يُضعف خشوع الصلاة، وهو أمر نهانا عنه رسول الله ﷺ لما له من تأثير سلبي على جودة الصلاة وقبولها.
لذلك، يجب على المسلم أن يحرص على التهيئة النفسية والبدنية قبل الصلاة، ليحقق الهدف الأسمى من هذه العبادة العظيمة: إقامة الصلة بالله.
0 تعليق