يعد داء الفيل أو الفيلاريا من الأمراض الطفيلية المزمنة التي تسببها الديدان المستديرة ويؤدي إلى تشوهات في الأطراف السفلى، خاصة الساقين والأعضاء التناسلية، وينتقل المرض عن طريق لسعات البعوض المصاب بهذه الديدان.
و على الرغم من أن هذا المرض كان يُنظر إليه لفترة طويلة على أنه مجرد مشكلة صحية، إلا أن التأثير الاجتماعي والاقتصادي الناتج عنه دفع الحكومات والمنظمات الصحية إلى تبني استراتيجيات فعالة للحد من انتشاره.
وفي مصر، نجحت الدولة في تقليص انتشار هذا المرض بفضل الجهود الوطنية الموجهة نحو مكافحة داء الفيل، وهو ما أعلنته منظمة الصحة العالمية في بيان لها مؤخرًا إذ ذكرت أنه قد تمكنت 10 بلدان في إقليم شرق المتوسط، من التخلص من مرض واحد على الأقل من أمراض المناطق المدارية المهملة مثل داء الفيلاريات اللمفي، ومنها مصر واليمن.
ما هو داء الفيل وأسبابه؟
و داء الفيل هو مرض مزمن يسببه الطفيلي الذي يعيش داخل الجهاز الليمفاوي للإنسان، وتنقل البعوضة المصابة الطفيلي من شخص إلى آخر عن طريق لدغاتها، حيث تضع اليرقات في دم المصاب الذي يمكن أن يتحول إلى حالة مزمنة مع مرور الوقت.
يعاني المصابون بداء الفيل من تضخم غير طبيعي للأطراف، خاصة الساقين، مما يؤدي إلى تشوه جسدي حاد، وفي بعض الحالات، يمكن أن يصيب المرض الأعضاء التناسلية، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية كبيرة.
مراحل تطور مكافحة داء الفيل في مصر
في بداية السبعينات، بدأت مصر بمكافحة مرض داء الفيل، الذي كان يهدد سكان بعض المناطق الريفية، ولقد كانت البلاد واحدة من أكثر الدول التي سجلت إصابات بهذا المرض في العالم، حيث انتشر بشكل أكبر في مناطق الدلتا والنوبة، وقد تزامن هذا الوضع مع غياب العلاج الفعال والمستدام لعدد كبير من الأمراض الطفيلية في ذلك الوقت.
استراتيجية مصر لمكافحة المرض
مكافحة مرض داء الفيل في مصر اعتمدت على استراتيجيات شاملة ومتعددة تشمل الوقاية، العلاج، والتعليم، وقد تمثل ذلك في:
التوعية الصحية: إذ بدأت مصر بحملات توعية واسعة لتثقيف الجمهور حول كيفية انتقال مرض داء الفيل وكيفية الوقاية منه، كما تم توزيع المعلومات على السكان في المناطق المتأثرة بشكل خاص، حيث كان يتم الترويج لممارسات صحية بسيطة مثل استخدام الناموسيات للمساعدة في الوقاية من لدغات البعوض.
العلاج الوقائي: في عام 2000، بدأت مصر في تنفيذ استراتيجية العلاج الوقائي الجماعي باستخدام الأدوية المضادة للديدان، ثم تم تقديم علاج جماعي واسع لجميع سكان المناطق المتأثرة بالأمراض الطفيلية مثل داء الفيل بشكل سنوي في إطار حملات علاجية وطنية.
المكافحة البيئية: قامت الحكومة المصرية بتنظيم حملات لمكافحة البعوض من خلال رش المبيدات الحشرية في المناطق المتأثرة، وساعدت هذه الإجراءات في تقليل فرص انتشار المرض من خلال تقليل أعداد البعوض المصاب.
التشخيص المبكر والمتابعة: كذلك تم تدريب الفرق الطبية على تشخيص داء الفيل في مراحله المبكرة من خلال الفحوصات المخبرية، وخاصة في المناطق الريفية التي كانت تعد أكثر عرضة للمرض، هذا العلاج المبكر أسهم في تقليل مضاعفات المرض.
وتعد منظمة الصحة العالمية (WHO) المصدر الرئيسي للبيانات العالمية حول مرض داء الفيل، ووفقًا لإحصائياتها يوجد حوالي 1.3 مليار شخص في 72 دولة يعانون من خطر الإصابة بداء الفيل.
ويُقدر عدد المصابين الفعليين بداء الفيل بحوالي 40 مليون شخص حول العالم، بينهم 17 مليون مصاب بتشوهات وأضرار جسدية بسبب المرض، كما تمثل منطقة جنوب شرق آسيا ومنطقة أفريقيا المناطق الأكثر تضررًا من مرض داء الفيل، ولكن أعداد المصابين قد تنخفض بفضل الإجراءات الوقائية والعلاجية.
وفي مصر، يُقدر عدد الإصابات بحوالي 100،000 شخص، وتتركز معظم الحالات في المناطق الريفية مثل الدلتا والصعيد والنوبة. وفقًا للبيانات الصحية الصادرة عن وزارة الصحة المصرية، تم التقليل بشكل كبير من حالات الإصابة بداء الفيل في السنوات الأخيرة بفضل الاستراتيجيات المتكاملة التي تم تنفيذها.
نتائج جهود مصر في القضاء على المرض
ونتيجة للجهود المستمرة والمتكاملة، سجلت مصر نجاحًا كبيرًا في الحد من مرض داء الفيل، منذ بدء حملات العلاج الجماعي في عام 2000، تم تحقيق انخفاض ملحوظ في معدلات الإصابة.
على الرغم من نجاح مصر في الحد من مرض داء الفيل إلا أن هناك عدة تحديات يجب التغلب عليها، تتضمن وجود بعض المناطق النائية صعبة الوصول التي لا تزال بحاجة إلى المزيد من الاهتمام بسبب صعوبة الوصول إليها ووجود مقاومة محتملة تجاه حملات التوعية.
كما يجب الحفاظ على استدامة البرامج العلاجية إذ أن العلاج الوقائي يعتمد على توفر الأدوية بشكل مستمر، لذا يجب أن تظل مصر ملتزمة بتوفير هذه الأدوية لضمان القضاء النهائي على المرض، كما يجب المراقبة المستمرة على مدار السنوات التالية أمر حيوي لمكافحة أي حالة جديدة قد تظهر، ولمنع عودة المرض إلى المناطق التي تم السيطرة عليه.
0 تعليق