الصراع السوداني.. استمرار معاناة المدنيين وسط قلق دولي وغياب للحلول

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في الوقت الذي تتواصل فيه العمليات العسكرية بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، منذ أكثر من 21 شهرا، تزداد معاناة إنسانية قاسية بين المدنيين النازحين واللاجئين في العديد من ولايات السودان، وسط قلق دولي وغياب شبه تام للحلول.

وقد حذرت منظمات دولية من معوقات تقف حائلا أمام انسياب المساعدات لأكثر من 30 مليونا من العالقين بمناطق القتال والنازحين في مدن السودان الآمنة نسبيا، إضافة إلى المخاطر الناجمة عن القصف الجوي في بعض المناطق.

ومع استمرار الصراع المندلع منذ منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وانتشاره في أكثر من 70 بالمئة من مناطق البلاد، نزح أكثر من 11 مليون سوداني داخليا، وسط أوضاع إنسانية معقدة، حيث يعيشون بلا مصادر دخل، وفي ظل قدرة محدودة جدا للوصول للمساعدات الغذائية والصحية.

ووفقا لمنظمات الإغاثة على الأرض، فإن الوصول إلى السكان الأكثر احتياجا يشكل تحديا، كما أن المعارك المكثفة وعرقلة القوافل الإنسانية تعيق تدفق المساعدات التي تشتد الحاجة إليها.

وقال أليكس ماريانيللي القائم بأعمال مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في السودان: "نحن بحاجة ماسة إلى الحصول على تدفق مستمر من المساعدات للأسر في أكثر المناطق تضررا، التي كانت أيضا الأكثر صعوبة في الوصول إليها"، مشيرا إلى أن برنامج الأغذية العالمي يهدف لمضاعفة عدد الأشخاص الذين يدعمهم ليصل إلى 7 ملايين.

وتابع: "الأولوية القصوى تتمثل في تقديم المساعدة المنقذة للحياة إلى المواقع التي تواجه المجاعة أو تتأرجح على شفاها".

ووفقا لـ أوزان أغباس مدير الطوارئ في قسم العمليات بمنظمة "أطباء بلا حدود"، فإن الحصول على تأشيرات طويلة الأجل لموظفي المنظمة، ومعظمهم من الأجانب، كان صعبا في مناطق معينة، ما أثر على استجابة المنظمة.

وفي هذا الإطار، أدان مجلس الأمن الدولي في بيان صحفي اعتمده أمس السبت، بشدة الهجمات المستمرة والمتزايدة التي تشنها قوات الدعم السريع على مدينة "الفاشر" حاضرة ولاية شمال دارفور خلال الأيام الماضية، وأعرب عن القلق العميق إزاء تصاعد العنف تجاه المدينة ومحيطها بإقليم دارفور، واستنكر الهجوم الذي استهدف المستشفى السعودي التعليمي للولادة في الفاشر في أواخر يناير الماضي.

وأكد أعضاء مجلس الأمن على ضرورة تنفيذ القرار رقم 2736 المعتمد في يونيو 2024، والذي يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصارها لمدينة "الفاشر/، ويدعو إلى خفض التصعيد في محيطها وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين.

كما حث مجلس الأمن جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي قد يؤدي إلى تأجيج الصراع وزعزعة الاستقرار، ودعاها إلى دعم جهود تحقيق سلام دائم، وفي السياق ذكر الأعضاء جميع الأطراف والدول الأعضاء بضرورة الامتثال لحظر الأسلحة المفروض على جميع الكيانات غير الحكومية والأفراد في ولايات شمال وجنوب وغرب دارفور بالسودان، وفقا للفقرتين 7 و8 من القرار 1556 الصادر في يوليو من عام 2004، والمعاد تأكيده في قرار المجلس رقم 2750 الخاص بتجديد حظر توريد الأسلحة إلى دارفور.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن الوضع الصحي في السودان على شفا الانهيار، وبحسب البيانات الصحية فإن المستشفيات السودانية تعاني نقصا حادا في نقص الأدوية والكوادر الطبية بسبب هجرتها بعد اندلاع القتال.

وقال وزير الصحة السوداني، إن مستشفى "النو" وبقية المستشفيات استقبلت كافة القتلى والمصابين، وتم استدعاء الجراحين والكوادر الطبية في محاولة لإنقاذ حياة المصابين، حيث تم إدخال الحالات الحرجة لعمليات عاجلة فيما تم إسعاف بقية المصابين.

ولا تزال العمليات الجراحية مستمرة بعد أن تم توفير أدوية الطوارئ وتجهيز الإسعافات لنقل الحالات الحرجة، وتستنكر جهات توجيه الأسلحة الفتاكة لاستهداف المواطنين في الأسواق ومحطات المواصلات ودور الإيواء وداخل المنازل، وهذا ما يستوجب الإدانة باعتبارها جريمة تتنافى مع القانون الدولي الإنساني، وكل القوانين والأعراف الدولية.

ويبقى الأمل بعودة السودان لسابق استقراره وأمانه وحماية وسلامة المدنيين الكاملة مرهونا بأن يطوى القتال بين أطرافه بمساعدة المجتمع الدولي، وهو ما يتطلع إليه المدنيون السودانيون بعد معاناة إنسانية عالية الكلفة.

وفي الوقت نفسه، أدت أزمة السيولة الوطنية إلى نقص واسع النطاق في السيولة النقدية، فقد تأخر توزيع المساعدات العينية لملايين الأشخاص لأكثر من شهر بسبب نقص الأوراق النقدية الكافية للمساعدة في دفع أجور عمال التحميل الذين يتقاضون أجورا يومية.

ومنذ نحو شهرين، يعيش السودان أزمة سيولة حادة بسبب الإجراءات التي صاحبت عملية تغيير العملة التي اتخذها البنك المركزي في ديسمبر الماضي.

ولا يزال السودان يشهد وضعا إنسانيا كارثيا، حيث يواجه حوالي 24.6 مليون شخص، أي ما يقرب من نصف سكان البلاد، انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهناك 27 موقعا في جميع أنحاء البلاد إما في حالة مجاعة أو معرضة لخطر المجاعة، في حين يعاني أكثر من ثلث الأطفال في المناطق الأكثر تضررا من سوء التغذية الحاد، وهو ما يتجاوز بكثير عتبة إعلان المجاعة.

وتتفاقم الأزمة بشكل كبير في الولايات الشرقية والشمالية التي تعاني من ضغط كبير على الخدمات، حيث انضم إلى سكانها ملايين النازحين من مناطق القتال، بعد اندلاع الحرب.

ويتسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي في معظم مناطق البلاد إلى تلف واسع في المحاصيل الزراعية، حيث تعتمد معظم المشاريع على الكهرباء في تشغيل أنظمة الري.

وفي ظل خروج معظم مناطق ولاية الجزيرة والخرطوم عن دائرة الإنتاج الزراعي بسبب الحرب، تتزايد المخاوف من أن يؤدي خروج المزيد من المناطق الزراعية إلى تعقيد أوضاع الأمن الغذائي المختلة.

وخرجت العديد من المناطق الزراعية عن دائرة الإنتاج، ما أدى إلى توسيع الفجوة الغذائية المتفاقمة، ووفقا لمنظمة الزراعة والأغذية العالمية فقد تراجع إنتاج الحبوب بالسودان بنسبة 46 بالمئة العام الماضي. ويفاقم نقص الإنتاج من أزمة الجوع التي تحاصر نصف السكان.

وذكرت غرف الطوارئ المنتشرة في عدد من مناطق العاصمة الخرطوم أن معظم المجموعات التي تدير المطابخ الخيرية التي يعتمد عليها مئات الآلاف في الحصول على وجباتهم اليومية، اضطرت إما لإيقاف أنشطتها كليا أو تقليصها بشكل كبير بسبب نقص المياه وصعوبة شراء المواد الغذائية في ظل تأثير الانقطاع الواسع لشبكات الكهرباء على عمليات الدفع الإلكتروني التي تشكل الوسيلة الوحيدة المتاحة لتغطية المشتريات في ظل النقص الحاد في السيولة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق