الثلاثاء 04/فبراير/2025 - 03:07 م 2/4/2025 3:07:59 PM
«ألا فى الفتنة سقطوا» ٢٠١٥ سرد تاريخى أدبى يقترب من عالم الرواية التاريخية للمستشار محمد الدمرداش الأديب المفكر المبحر فى أغوار الثقافة الإسلامية سائرا على درب الكبار قديما وحديثا أمثال ابن كثير وابن تيمة وابن العربى وعباس العقاد فى " عبقرية عثمان" و د طه حسين عميد الأدب العربى فى كتابه "الفتنة الكبرى" وعبد الرحمن الشرقاوى فى "على إمام المتقين" وغيرهم من الكتاب الذين تعرضوا لأخطر وأكبر محنة فاصلة فى تاريخ الفكر والحضارة الإسلامية كل من وجهة نظره وموقفه مع أو ضد بدايات ذلك الشرخ الجوهرى الذى أصاب جسد الأمة وفجر بحورا من الدماء كتب عنها الكتاب مثل إبراهيم عيسى فى كتابه "رحلة الدم" ٢٠١٦، فقد كانت الفتنة الكبرى هى شرارة ذلك الصراع بين أهل السنة وبدايات التشيع لآل البيت وكذلك ظهور فرق الخوارج الدموية التى مازالت تعيث فى الأرض فسادًا، فكل ما أصاب الإسلام والمسلمين من مذهبية وانحراف عن سنة رسول الله وكتابه المبين وعن أصل وجوهر الشريعة ومبدأ الشورى وتداول السلطة وتوزيع الثروة ونبذ العنصرية والقبلية وكل مبادئ التراحم والعدل والمساواة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب كان من جراء تلك المحنة والفتنة الكبرى التى بدأت من عام ٣٦ هجرية حتى عام ٤٠ هجرية نهاية بمقتل على ثم الإمام الحسين عام ٦١ هجرية … قصة كتاب "ألا فى الفتنة سقطوا" تستدعى الكثير من رائعة الشرقاوى "الحسين ثائرا وشهيدا" حيث قضية العلاقة بين السياسة والدين ومن له الحق فى الحكم، وهل السلطة تستقى الشرعية باسم الدين أم أن الحكم للمال والقوة؟ إذا كان على بن أبى طالب من بيت النبوة ومعاوية ابن أبى سفيان من الطلقاء أى الذين كانوا على الكفر والشرك وحاربوا الدين وقاتلوا النبى والمهاجرين والأنصار ولم يدخلوا فى الدين إلا منهزمين مقهورين بعد أن دخل الرسول مكة ومن معه فاتحين فقال لهم اذهبوا فأنتم «الطلقاء» فلقد أسلموا طوعا للقوة الصاعدة التى تملك العقيدة والبشر والمال من الغنائم ومن ثم قد تملك العالم إن انضموا إليها …فكان الصراع بين على ومعاوية والحسين ويزيد ماهو إلا صراع بين المعنى والقيمة والجوهر من جانب وبين المال والسلطة والدهاء من جانب آخر،؛ بين من يعيش بالمبادئ. القيم وبين من لديه الحنكة والسياسة والقدرة على الحزم بلا رحمة من أجل الوصول إلى العرش، قد كان معاوية أكثر حنكة ودهاء فاشترى النفوس والذمم بالمال وقوة السيف البتار، بينما على ركن إلى الحكمة والحوار والمنطق والرحمة فكان أن قتل مثلما قتل الحسين على يد رجال معاوية ويزيد..المثير للدهشة والتعجب ان توقفت الفتوحات الإسلامية فى فترة خلافة على ابن أبى طالب رابع الخلفاء الراشدين وتوحشت أذناب الخوارج وقتل المسلم أخاه المسلم فى معركة الجمل وصفين النهروان ومازالوا يتقاتلون حتى يومنا هذا بعد شاهدت الوجوه ورفعت المصاحف على أسنة الرماح ونقضت الوعود. إنها قصة تعاد يوميا فهل نستفيق وندرك أن القوة تنشئ الحق وتحميه، متى يصحو من حولنا ممن يسيرون على نهج الطلقاء ويتخفون خلف غلالة الدين وهم أحرص الناس على عروشهم وملكهم من حرصهم على الدين والإنسانية؟ متى يتم جمع القوى العربية للزود بالفعل لا بالقول عن الدين وعن أولى القبلتين؟ أين الموقف العربى القاطع الحازم البتار تجاه قضية الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والتهجير القصرى لأهل غزة وفلسطين ؟ هل نصافح الخوارج بدلا من الوقوف مع مصر والأردن فى مواجهة الغزو التتارى الجديد ؟ إنها فتنة جديدة وإن لم نتحد، وننبذ الصراع وشهوة العرش وشبق السلطة وغواية المال، فلا سلامة ولا نجاة والدور قادم على الجميع.
د. عزة أحمد هيكل
0 تعليق