- فرض 10 في المئة من الإيرادات يمثل اعتداء غير مبرر على الذمة المالية
- مصادرة غير مشروعة لأموال لا علاقة لها بالمخالفات المرتكبة
- الملكية الخاصة مصونة في الدستور والحماية تمتد إلى الأموال
في أحكام جديدة للقضاء الكويتي الشامخ، ترسخ دولة القانون والمؤسسات، وتعلي كلمة العدالة، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية مواد في قانون حماية المنافسة أخصها البند 1 من المادة 34 والذي يتضمّن فرض عقوبات مالية على الشركات.
وأصدرت المحكمة في جلستها برئاسة المستشار عادل البحوه حكمها في الطعن المقدم من شركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده وما ترتب عليه بالتبعية بعدم دستورية عقوبة الغرامة المالية المقررة عليها من مجلس تأديب جهاز حماية المنافسة البالغة أكثر من 37 مليون دينار، وكذلك أصدرت حكماً مماثلاً في الطعن المقدم من اتحاد الجمعيات و13 تعاونية والتي كان الجهاز أصدر قرارات بفرض جزاءات مالية عليها.
وكانت شركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده قد تقدمت بطعن أمام المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادتين 34 بند 1، و35 من القانون رقم 72 لسنة 2020 في شأن حماية المنافسة، والمواد من 87 حتى 99 من الفصل الثامن من القرار رقم 14 لسنة 2021 في شأن إصدار اللائحة التنفيذية للقانون.
واعتبرت المحكمة أن «فرض جزاء مالي على الشخص المخالف بنسبة لا تجاوز (10 %) من إجمالي الإيرادات التي حققها خلال السنة المالية السابقة على المخالفة، يمثل جزاء مالياً تحكمياً وعقوبة تعسفية غير مبررة لا ترابط بينها وبين المخالفة، ولا تتناسب مع الآثار الناجمة عنها، ولا تتصل بالمنفعة التي عادت عليها منها، وهو يمثل اعتداء غير مبرر على عناصر الذمة المالية الخاصة بالشركة ومساهميها حسني النية، وعقوبة مالية بالغة القسوة تُهدد المركز المالي للشركة وتعصف بمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة وتعتدي على حق الملكية ورأس المال، ويصل هذا الجزاء المالي في مداه إلى أن يُعد شكلاً من أشكال المصادرة التي حظرها الدستور في المادة (19) منه، إذ أن تمكين الإدارة من فرض جزاء مالي تحكمي ينصب على حصة شائعة من أموال الشركة تنتقل بموجبه إلى الذمة المالية للجهاز لتصبح جزءاً من موارده المالية، تمثل شكلاً من أشكال المصادرة المحظورة دستورياً».
وشدّدت على أن «الملكية الخاصة هي من الحقوق التي كفل الدستور صونها، وأحاطها بضمانات جوهرية للحيلولة دون الاعتداء عليها، (...)، وجعل عقوبة المصادرة الخاصة لا تكون إلا بحكم قضائي في الأحوال المبينة بالقانون وهذه الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة تمتد إلى الأموال جميعها فلا يجوز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود وبالقيود التي أوردها، وبالتالي ليس للمشرع الإخلال بهذه الحماية من خلال نصوص قانونية تفقد ارتباطها عقلاً بمقدماتها، فلا يكون لها من أساس عادل ولا سند مبرر لتقريرها، إذ يُعد ذلك عدواناً عليها أدخل إلى مصادرتها».
وأشارت إلى أن القانون رقم (72) لسنة 2020 في شأن حماية المنافسة قد صدر بهدف حماية حرية المنافسة في السوق الكويتية، وتقويم السلوكيات والممارسات الضارة بالمنافسة الحرة التي تضر بالاقتصاد الوطني، ومنع الممارسات الاحتكارية بكل أشكالها، وحدّد الأفعال التي حظرها، مبينة أنه «كان لازماً أن يكون تحديد الجزاءات المالية التي توقع على مرتكب تلك الأفعال معتمداً على مدى جسامتها وخطورة المخالفة ووطأتها على حرية المنافسة في السوق ومدى إضرارها بالاقتصاد الوطني، إلا أن المشرع في مجال تحديده لتلك الجزاءات المالية التفت عن ذلك كله، فلم ينظر إلى ظروف المخالفات المرتكبة وملابساتها، ومقدار الضرر الناجم عنها والفائدة التي حققها المخالف من ارتكابها، وإنما جعلها بنسبة لا تجاوز عشرة في المئة (10%) من إجمالي الإيرادات التي حققها الشخص المعني خلال السنة المالية السابقة، وبما مؤداه أن تحديد مقدار الجزاء المالي الموقع على المخالف سوف يعتمد على ما حققه من إيرادات إجمالية عن جميع أنشطته ومنتجاته، حتى ما لا يتعلق منها بالمخالفة المرتكبة ولا صلة له بها، وعن فترة زمنية سابقة لم ترتكب فيها أي مخالفة، ليكون تقديرها على هذا النحو اعتسافاً متجاوزاً الضرورة التي توجبها، منفصلاً عن الأغراض التي يسعى إلى تحقيقها، وبما يؤول معه توقيع تلك الجزاءات لأن تكون مصادرة غير مشروعة لأموال لا علاقة لها بالمخالفات المرتكبة، بالمخالفة للمواد (16) و(18) و (19) من الدستور، وهو ما يتعيّن معه القضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه في خصوص ما تضمنه من جزاءات مالية في حال مخالفة المادة (8) من القانون».
0 تعليق