يا لها من تجربة

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أهم صورة نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية عن زيارة أمير قطر إلى سوريا، هى الصورة التى تجمعه مع أحمد الشرع، الرئيس الانتقالى السورى، فوق قمة جبل قاسيون المُطل على دمشق. 

والذين زاروا العاصمة السورية يعرفون أن الواقف فوق هذا الجبل يرى العاصمة كلها تقريبًا، وعندما هبت رياح ما يسمى بالربيع العربى أغلقت الحكومة السورية الجبل، ومن وقتها بقى مغلقًا أمام السوريين إلى أن رحل نظام حكم بشار الأسد فى 8 ديسمبر. 

وإذا كان الأمير القطرى هو أول حاكم عربى يزور سوريا فى مرحلة ما بعد 8 ديسمبر، فزيارته جاءت بعد ساعات من تعيين الشرع رئيسًا انتقاليًا، وبعد اتخاذ عدد من القرارات كان من بينها حل مؤسسات كثيرة تركها نظام الأسد، وفى المقدمة منها حزب البعث الذى حكم باسمه الأسد الأب والأسد الابن. 

ورغم أن نشأة الحزب سابقة على مجىء حافظ الأسد إلى الحكم، فإنه كحزب حاكم كان المتحكم فى كل شىء فى البلد على مدى ٥٤ سنة من حكم الأسدين. فالحزب كان قد نشأ على يد السورى ميشيل عفلق عام 1947، ولكنه انقسم فى 1966 إلى فرعين: بعث عراقى عاش يحكم العراق، ثم بعث سورى بقى يحكم سوريا. 

والغريب أن نهاية الفرعين كانت واحدة، بل وكانت صورة مطابقة وكأنها بالكربون، لأن ما جرى لتماثيل صدام فى الشوارع العراقية، هو بالضبط ما جرى مع تماثيل حافظ الأسد فى بلاده، وكان المشهد واحدًا فى بغداد وفى دمشق معًا. 

كان من المحزن أن تندفع الجماهير العراقية الغاضبة فتقوم بإنزال تماثيل صدام ثم تشرع فى تحطيمها، ولم تكن الجماهير السورية أقل غضبًا من مثيلتها فى العراق، فأنزلت تماثيل الأسد الأب فى كل ميدان وراحت تحطمها!.. فكيف يمكن أن تكون حصيلة حكم عشرات السنين واحدة على هذا النحو البائس؟ وكيف يصل حكم حزب كبير مثل البعث إلى نفق مسدود فى آخر الطريق هكذا؟ وكيف تكون النهاية متطابقة فى البلدين الجارين على الصورة التى تابعناها فى وقتها فى العاصمتين؟ 

إذا كان حزب البعث العراقى قد جرى حله على يد بول بريمر الذى أرسلته أمريكا لحكم العراق بعد سقوط صدام، فالإدارة الجديدة فى سوريا قد سارعت إلى اتخاذ القرار نفسه مع البعث السورى، وتبين أن الرئيس التونسى كان على حق تمامًا فيما أطلقه على الحزب فى أيامه، فلقد كان يتابع خطوات الحزب فى البلدين وكان يسميه: حزب العبث! 

تحتاج تجربة الحزب إلى دراسة جادة عن المسير والمصير، حتى لا يأتى لاحقًا مَنْ يمشى فى ذات الطريق فينتهى إلى نفس النهاية. 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق