ما سمعناه وشاهدناه مؤخراً من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تولي بلاده السيطرة على قطاع غزة وتهجير الشعب الفلسطيني صاحب الأرض لم تكن مفاجئة في سياق السياسة الأمريكية المنحازة لإسرائيل، لكنها جاءت لتؤجج التوتر في المنطقة وتعيد التأكيد على أن الحل العادل للقضية الفلسطينية لا يزال بعيد المنال، هذه التصريحات، التي تتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، تمثل تحديًا صارخًا للمجتمع الدولي، وتطرح تساؤلات حول مستقبل السلام في الشرق الأوسط وهل هناك نية لإنهاء الحروب في المنطقة من عدمه.
ويأتى الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية ظل على مدى العقود الماضية ثابتًا لا يتغير، وهو ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي شدد على أن مصر لن تتراجع عن دعمها الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
فتصريحات ترامب لا تؤدي إلا إلى مزيد من الاشتعال والتوتر، لكن مصر، رغم التحديات والضغوط الدولية، لن تحيد عن موقفها الداعم لحل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق السلام العادل، فالموقف المصري ليس مجرد التزام دبلوماسي، بل هو تعبير عن إرادة شعبية تدرك أن القضية الفلسطينية ليست شأنًا خارجيًا، بل قضية تمس وجدان الأمة العربية بأكملها، مصر تدرك أن أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول غير عادلة لن تجلب سوى المزيد من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
في سياق المواقف العربية الحاسمة، جاء تأكيد المملكة العربية السعودية، عبر بيان وزارة خارجيتها، على التزامها التاريخي بدعم الحقوق الفلسطينية، كما أن تصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعدم إقامة أي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، تحمل رسالة واضحة بأن المنطقة لن ترضخ للضغوط الإقليمية والدولية التي تحاول فرض حلول غير عادلة.. حلول من شأنها تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها.. فهذا الموقف يعكس تحولًا استراتيجيًا في الوعي العربي تجاه القضية الفلسطينية، حيث لم يعد مقبولًا أن تُفرض تسويات جزئية تتجاهل الحقوق المشروعة للفلسطينيين، فالمملكة، شأنها شأن مصر، تدرك أن الاستقرار في المنطقة لن يتحقق إلا من خلال حل عادل وشامل يضمن للفلسطينيين دولتهم المستقلة.
تصريحات الرئيس الأمريكي تكشف بوضوح عن غياب أي نية حقيقية لدفع عملية السلام، وهو ما يستدعي موقفًا عربيًا موحدًا يعيد ترتيب الأوراق على الساحة الدولية، فالقضية الفلسطينية ليست ملفًا يمكن تجاوزه بصفقات سياسية أو حلول مرحلية، بل هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط، وإذا كان البعض يراهن على أن الضغوط الدولية قد تغير المواقف العربية، فإن الواقع يؤكد أن الشعوب العربية لن تقبل بأي تسوية تنتقص من حقوق الفلسطينيين أو تهجيرهم من أراضيهم
إن تمسك مصر والسعودية وغيرهما من الدول العربية بحل الدولتين ليس مجرد شعار سياسي، بل هو ضرورة استراتيجية لضمان استقرار المنطقة.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم يطرح نفسه على الساحة: إلى متى سيظل المجتمع الدولي يتعامل مع القضية الفلسطينية كملف ثانوي بينما هي المفتاح الحقيقي لاستقرار منطقة الشرق الأوسط؟
0 تعليق