آثار سلبية على الصحة النفسية للطلاب.. والتعرض المستمر لوسائل الإعلام يشوه الإدراك
الإفراط في وقت الشاشة وإهمال المسؤوليات والتوتر عند منع استخدام الأجهزة والانعزال
وسائل التواصل تقدم نسخًا مثالية من حياة الأشخاص والأطفال يقارنون أنفسهم بها
ربط الأطفال قيمتهم الذاتية بعدد «الإعجابات» أو «المشاركات» يخلق اعتمادًا على التقدير الخارجي
حذر جودي روبنسون – الاختصاصي النفسي المدرسي بمؤسسة قطر، من الآثار السلبية على الصحة النفسية للطلاب نتيجة لاستخدام التكنولوجيا، مشيراً إلى أن التعرض المستمر لوسائل الإعلام يؤدي إلى تشويه إدراك الطلاب وخلق نوعاً من العزلة، وأن وسائل التواصل الاجتماعي تقدم نسخًا مثالية من حياة الأشخاص والأطفال يقارنون أنفسهم بها، كما أن ربط الأطفال قيمتهم الذاتية بعدد «الإعجابات» أو «المشاركات» يخلق اعتمادًا على التقدير الخارجي. وشدد في حوار مع «العرب» على أهمية تعليم البالغين للأطفال التفكير النقدي والتمييز بين العالم الرقمي والواقعي، لأن تعليم الأطفال التفكير النقدي يساعدهم على تقييم مصداقية المحتوى بأنفسهم. ونصح الآباء والأمهات بتحديد وقت الشاشة وتشجيع الأنشطة البدنية والاجتماعية، إضافة إلى اعتماد مناطق خالية من التكنولوجيا مثل المجالس أو أثناء تناول الوجبات.
وأكد على أن النشاطات التي تطلق الدوبامين مثل الألعاب أو التنبيهات قد تؤدي إلى نمط استخدام قهري يشبه الإدمان، وأن على البالغين التعرف على علامات إدمان التكنولوجيا، مثل الإفراط في وقت الشاشة وإهمال المسؤوليات والتوتر عند منع استخدام الأجهزة أو الانعزال عن الأسرة والأصدقاء.. وإلى نص الحوار..
التأثير النفسي للتكنولوجيا
◆ هل لاحظت أي آثار سلبية لاستخدام التكنولوجيا على الصحة النفسية للطلاب، مثل القلق أو العزلة الاجتماعية؟
¶ لا شك أن هناك آثارا سلبية ستظل حاضرة على الصحة النفسية للطلاب نتيجة لاستخدام التكنولوجيا، خاصةً الهواتف المحمولة، حيث يؤدي التعرض المستمر لوسائل الإعلام إلى تشويه إدراك الطلاب لما يحدث من حولهم، فتخلق نوعاً من العزلة. فغالبًا ما تقدم وسائل التواصل الاجتماعي نسخًا مثالية من حياة الأشخاص، والأطفال يقارنون أنفسهم بهذه الصور المبالغ فيها، مما يتركهم يشعرون بعدم الكفاية والحاجة الدائمة، وهذا الأمر يرتبط بصورة أكبر فيما يتعلق بالأنشطة وكذلك المظهر الجسدي، وقد يؤدي إلى الحسد وتمني نمط حياة غير واقعي، هذا الإحساس بعدم الكفاية يمكن أن يؤدي إلى القلق وانخفاض تقدير الذات.
كما قد يربط الأطفال قيمتهم الذاتية بعدد «الإعجابات» أو «المشاركات» أو المتابعين لديهم، مما يخلق اعتمادًا على التقدير الخارجي، فتخلف لنا المقارنات المستمرة والخوف من تفويت الفرص والتنمر الإلكتروني مشاكل نفسية مثل القلق والعزلة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الشكل المختصر للمحتوى الإعلامي اليوم إلى تقصير مدى انتباه الطلاب، مما يعيق قدرتهم على الانخراط بعمق في الأنشطة غير الرقمية.
التوازن بين التكنولوجيا والأنشطة اليومية
◆ كيف نضمن تحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا والأنشطة الاجتماعية والبدنية للطلاب؟
¶ يجب على البالغين تشجيع التواصل المفتوح حول وسائل التواصل الاجتماعي، وتعليم التفكير النقدي والتمييز بين العالم الرقمي والواقعي، فينبغي أن تكون الإشارة إلى المحتوى المصطنع أو المفلتر جزءًا مستمرًا من الحوار.
كما أن تعليم الأطفال التفكير النقدي يساعدهم على تقييم مصداقية المحتوى بأنفسهم، وهي مهارة حياتية مهمة في ظل التطور المستمر للتكنولوجيا.
ومن أهم الأدوار التي تقع على الآباء والأمهات، أن يعمدوا إلى تحديد وقت الشاشة وتشجيع الأنشطة البدنية والاجتماعية مثل الرياضة والهوايات والتفاعل وجهاً لوجه، إضافة إلى اعتماد مناطق خالية من التكنولوجيا مثل المجالس أو أثناء تناول الوجبات، في حال اعتراض الطفل، يجب الاستماع لمخاوفه وشرح أهمية التوازن لصحته وسعادته.
الفوائد النفسية للتكنولوجيا
◆ ما هي الفوائد النفسية الرئيسية التي يمكن أن تقدمها التكنولوجيا لدعم الطلاب، وخاصة الذين يواجهون تحديات نفسية أو تعليمية؟
¶ تتيح التكنولوجيا تجارب تعليمية فردية تتناسب مع وتيرة وقوة واحتياجات كل طالب، فيمكن لبرامج التعلم التكيفي تعديل مستوى الصعوبة بناءً على تقدم الطالب، كما أن التطبيقات التي توفر الترجمة، القراءة، والتعرف الصوتي تفيد الطلاب الذين يواجهون صعوبات في الكتابة أو لديهم إعاقات حركية.
وهناك تطبيقات تهدف إلى تقليل القلق من خلال التأمل وتقنيات التنفس وإدارة التوتر، ويمكن أن تساعد التطبيقات في إدارة الوقت وتحديد الأهداف، ما يدعم الطلاب الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو مشاكل تنظيمية.
كما قد توفر الألعاب والمحاكاة فرصة لتنمية التفكير النقدي والتخطيط الاستراتيجي وحل المشكلات، بالإضافة إلى ذلك، تمنح الأدوات الرقمية للطلاب الخجولين أو القلقين اجتماعيًا وسيلة للتعبير عن أنفسهم.
والتكنولوجيا توفر أيضًا الوصول إلى الدعم النفسي من خلال الاستشارات عن بُعد أو التطبيقات المخصصة للصحة النفسية.
إدمان التكنولوجيا
◆ كيف تتعاملون مع حالات الإدمان على الأجهزة أو التطبيقات التكنولوجية بين الطلاب؟
¶ النشاطات التي تطلق الدوبامين مثل الألعاب أو التنبيهات قد تؤدي إلى نمط استخدام قهري يشبه الإدمان، ويجب على البالغين التعرف على علامات إدمان التكنولوجيا مثل الإفراط في وقت الشاشة، إهمال المسؤوليات، التوتر عند منع استخدام الأجهزة، أو الانعزال عن الأسرة والأصدقاء.
وتشمل الأعراض العاطفية القلق والتململ وتغيرات المزاج، كما يمكن أن يظهر تأثير بدني مثل اضطرابات النوم والصداع وقلة النشاط البدني.
أما عن سبل مكافحة هذا الإدمان، فيجب توعية الأطفال بمخاطره وعواقبه العاطفية والجسدية، مثل القلق والعزلة وانخفاض القدرة على التركيز، ويمكن وضع حدود لاستخدام التكنولوجيا مثل تحديد أوقات معينة للاستخدام، وفرض أنشطة خالية من الشاشات أثناء تناول الطعام.
وللحفاظ على نوم صحي، يمكن منع الأجهزة بعد وقت محدد يوميًا.
أما في الحالات الشديدة، يمكن التفكير في طلب المساعدة من مختصين في إدمان التكنولوجيا.
التأثيرات طويلة الأمد
◆ هل هناك مخاوف بشأن الآثار طويلة الأمد لاستخدام التكنولوجيا على التطور النفسي والعقلي للطلاب؟
¶ نعم بالتأكيد.. فرغم الفوائد التعليمية والاجتماعية الكبيرة للتكنولوجيا، فإن الاستخدام المفرط أو غير المناسب قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية، وتشير الدراسات إلى أن التعرض المستمر للإعلام الرقمي سريع الوتيرة قد يجعل من الصعب على الطلاب التركيز في المهام التي تتطلب انتباهاً مستدامًا.
ويمكن أن يؤثر الاعتماد المفرط على التكنولوجيا في تخزين المعلومات واسترجاعها، مما يقلل من تطوير مهارات الذاكرة.
أما من الناحية الاجتماعية، قد يؤدي الاستخدام المفرط للشاشات إلى تقليل التفاعلات المباشرة، مما يعيق تنمية مهارات التعاطف وفهم التواصل غير اللفظي، وللحد من الإفراط في استخدام التكنولوجيا عدة فوائد من بينها تبني نهج متوازن يساهم في تعظيم فوائدها وتقليل آثارها السلبية.
0 تعليق