أكد سياسيون ودبلوماسيون فلسطينيون أن تصريحات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، فى البيت الأبيض، أمس، بشأن تهجير سكان قطاع غزة، مرفوضة فلسطينيًا ودوليًا، مشددين على أنه لا توجد قوة على وجه الأرض يمكنها اقتلاع الشعب الفلسطينى من أرضه.
ودعا السياسيون والدبلوماسيون الفلسطينيون، خلال حديثهم لـ«الدستور»، إلى وقوف المجتمع الدولى أمام مخططات التهجير، التى تنتهك القانون الدولى، مع دعم حقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على أراضيه، وفق القرارات الأممية ومقررات الشرعية الدولية.
بركات الفرا: مخطط تطهير عرقى سيفشل مثل «صفقة القرن»
أعرب بركات الفرا، سفير فلسطين السابق لدى مصر، عن قلقه البالغ إزاء تصريحات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، حول مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، معتبرًا أنها تعكس تواطؤ الولايات المتحدة مع إسرائيل فى حربها على قطاع غزة.
وأضاف «الفرا»: «الرئيس الأمريكى يتصرف وكأنه (وصى على العالم)، وهذا دفع العديد من الدول، سواء فى المنطقة أو فى جميع القارات، إلى رفض سياساته».
وواصل: «الفلسطينيون يوجهون رسالة واضحة لترامب، مفادها أنه لا قوة على وجه الأرض يمكنها اقتلاعنا من أرضنا، فنحن لن نرحل، وسنُفشل مخططاتك الإمبريالية وسياسة التطهير العرقى، مثلما أفشلنا صفقة القرن».
وأكمل حديثه الموجّه إلى «ترامب»: «تستطيع أنت ونتنياهو أن تتمنيا كما تشاءان، لكن ستظل أمنياتكما مجرد أحلام. يمكنكما تدمير ما تبقى من قطاع غزة، وقتل أضعاف ما قتلتم، لكننا لن نرحل ولن نترك أرضنا، ولن نخضع لاستعماركم».
وشدد السفير الفلسطينى السابق فى مصر على أهمية الوحدة والتضامن فى مواجهة التحديات الراهنة، داعيًا المجتمع الدولى إلى الوقوف بجانب الحقوق الفلسطينية، ومحاسبة المعتدين على تلك الحقوق.
وتابع: «الشعب الفلسطينى سيظل مقاومًا ومصممًا على الدفاع عن أرضه وحقوقه، مهما كانت الظروف، والفلسطينيون يمتلكون الإرادة والعزيمة اللازمتين لمواجهة كل المخططات التى تستهدف وجودهم وحقوقهم التاريخية، والنضال من أجل الحرية والاستقلال سيستمر حتى تحقيق الأهداف المنشودة».
أحمد رفيق: التهجير يُفجّر المنطقة ولن يجلب الأمن إلى إسرائيل
حذر الدكتور أحمد رفيق، رئيس مركز القدس للدراسات، من أن تنفيذ مخطط تهجير أهالى قطاع غزة سيؤدى إلى تفجير الأوضاع فى المنطقة، لأنه يؤثر بشكل عميق على الجوانب الأمنية والديموجرافية والاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة.
وأضاف «رفيق»: «الاعتقاد بأن التهجير قد يجلب الأمن لإسرائيل هو وهم، وتاريخ النزاع الفلسطينى الإسرائيلى يثبت أن التهجير لن يؤدى إلى تحقيق السلام»، مشيرًا إلى تجربة الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم فى عام ١٩٤٨، والذين اضطرت إسرائيل إلى التفاوض معهم، بعد عقود من النكبة.
وتساءل: «إذا حدث تهجير جديد، مَنْ سيكون على رأس هؤلاء المهجرين؟ وكيف ستتم إعادة توطينهم؟»، معتبرًا أن مخطط التهجير ليس مجرد اعتداء على حقوق الفلسطينيين، بل هو انتهاك صارخ للقانون الدولى.
وواصل: «مثل هذه السياسات تتعارض مع المبادئ الأساسية التى قامت عليها العلاقات الدولية، وتُظهر الولايات المتحدة كداعم لسياسات غير قانونية وغير أخلاقية».
وأكمل: «التهجير قد يجر الولايات المتحدة إلى حروب جديدة، قد تكون أكثر دموية وتعقيدًا من الحروب التى خاضتها فى السابق»، متسائلًا: «هل تستطيع أمريكا تحمل عواقب دخول قواتها إلى قطاع غزة؟.. التاريخ يعلمنا أن مثل هذه التدخلات غالبًا ما تكون كارثية».
ودعا المجتمع الدولى إلى اتخاذ موقف حازم ضد تلك السياسات، ودعم حقوق الفلسطينيين، وعدم السماح بتطبيق مخططات تهجيرهم، معربًا عن أمله فى أن يتكاتف المجتمع الدولى للتصدى لمثل هذه المخططات، وأن يقف إلى جانب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، الذى يسعى إلى بناء دولة حرة ومستقلة.
فراس ياغى: محاولة أمريكية لـ«تحويل المستحيل إلى احتمال»
وصف فراس ياغى، الخبير الفلسطينى فى الشئون الإسرائيلية، تصريحات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بأنها «محاولة أمريكية لتحويل المستحيل إلى احتمال»، بما يفرض أجندة جديدة على طاولة النقاش تتجاهل القضايا الجوهرية المتعلقة بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
وأضاف «ياغى»: «محاولة ترامب جعل التهجير مسألة واقعية تعد جريمة حرب وفق القانون الدولى، فهى تتعارض مع حقوق الفلسطينيين، وتعتبر تطهيرًا عرقيًا، ولا تسهم فى تقليص الصراع، بل تعمل على توسيع نطاقه، وتعميق معاناة الشعب الفلسطينى».
واعتبر أن «ترامب»، من خلال هذه التصريحات، يسعى إلى رفع سقف المطالبات لتحقيق مكاسب سياسية، مشبهًا ذلك بممارسات سابقة خلال فترته الرئاسية الأولى، عندما استخدم ورقة التطبيع مع الدول العربية كوسيلة للضغط.
وواصل: «ترامب يهدف إلى الوصول لـ(سعر أفضل) فى المفاوضات المتعلقة بالتطبيع مع السعودية، مقابل وعود زائفة بمنع تهجير الفلسطينيين»، مشددًا على ضرورة أن تكون ردود الفعل الفلسطينية والعربية قوية وواضحة فى رفض هذه الأجندة.
وأكمل: «التركيز يجب أن يكون على قضايا أكثر أهمية، مثل الوحدة الوطنية الفلسطينية، وقرارات الشرعية الدولية، بما فى ذلك حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. كما يجب على المجتمع الدولى التعامل بجدية مع هذه القضية، وعدم السماح للأجندات الأمريكية والإسرائيلية بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى».
ورأى أن تصريحات «ترامب» تسعى إلى تحويل الأنظار عن الفشل الإسرائيلى فى غزة، وتحقيق إنجازات تكتيكية على حساب الحقوق الفلسطينية، منبهًا إلى ضرورة أن تكون السردية الفلسطينية والعربية رافضة لهذه الأفكار.
وأضاف: «علينا أن نتبنى موقفًا واضحًا يعلن عدم القبول بأى مقترحات تتعلق بتهجير الفلسطينيين. وأن الوجود الفلسطينى فى غزة ليس مشكلة، بل هو جزء أساسى من الهوية الوطنية الفلسطينية التى يجب الدفاع عنها».
ودعا إلى ضرورة توحيد الجهود الفلسطينية والعربية فى مواجهة هذه التحديات، مؤكدًا أن النضال من أجل الحقوق الفلسطينية سيستمر، وأى محاولات للتهجير أو تغيير الحقائق على الأرض لن تنجح، قبل أن يختتم بقوله: «الأمل فى تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة يتطلب الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، ووقف سياسة الاستعمار والاحتلال».
على الأعور: تهديد خطير للسلام والاستقرار فى العالم
عبّر على الأعور، الخبير الفلسطينى فى الشئون الإسرائيلية، عن قلقه الشديد من تصريحات الرئيس الأمريكى، خلال لقائه رئيس الحكومة الإسرائيلية، خاصة ما يتعلق بمشروع إعادة احتلال قطاع غزة، وتهجير سكانه إلى خارجه.
وقال «الأعور»: «هذا الاقتراح لا يعبّر فقط عن تجاهل حقوق الفلسطينيين، بل يُعتبر تهديدًا خطيرًا للسلام والاستقرار فى المنطقة والعالم كله»، مضيفًا: «ما نراه اليوم هو تجسيد للسياسات الاستعمارية التى عانت منها شعوب عديدة عبر التاريخ».
وواصل: «تصريحات ترامب تنتهك القانون الدولى الإنسانى، وتعتبر دعوة للتطهير العرقى فى غزة. شاهد العالم كيف أن الاحتلال والتهجير لم يجلبا سوى المعاناة والتدمير، وهذا التاريخ يتكرر اليوم بأفكار غير مسئولة».
وأكمل: «عندما نتحدث عن سكان غزة، فإننا نتحدث عن بشر يعيشون على أرضهم منذ أجيال، والحديث عن تهجيرهم لا يمكن أن يُعتبر مجرد خطة، بل هو اعتداء سافر على حقوقهم الإنسانية».
وتابع: «إعادة احتلال غزة ليس فقط مرفوضًا من الناحية القانونية، بل سيؤدى إلى المزيد من التوترات والصراعات فى المنطقة، ويزيد من معاناة الشعب الفلسطينى».
وشدد على أن «الحلول السلمية لا يجرى التوصل إليها عبر العنف أو القمع. ما تحتاجه المنطقة هو الحوار والتفاهم بين جميع الأطراف المعنية. كما أن الحلول العسكرية أو الأمنية لن تؤدى إلا إلى تفاقم الأوضاع. لذا يجب على المجتمع الدولى أن يتحمل مسئولياته فى دعم السلام والاستقرار».
وأضاف: «الشعب الفلسطينى يرفض هذه السياسات، ومحاولة فرض الأمر الواقع عبر القوة لن تكون مقبولة، والعودة إلى سياسة الاحتلال ستعيدنا إلى عقود من الألم والمعاناة، وهو ما يجب أن نتجنبه جميعًا. يجب أن يكون هناك اعتراف بحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم، وفى بناء دولتهم المستقلة».
وواصل: «موقف الفلسطينيين اليوم هو تأكيد للتمسك بحقوقهم، ومقاومتهم كل محاولات التهجير. نحن لن نقبل أن نكون ضحايا لمشاريع سياسية تسعى إلى خدمة مصالح شخصية أو استراتيجية.
0 تعليق