محليات
0
![alsharq](/get/maximage/20250208_1739041744-649.jpeg?t=1739041744)
رام الله - محمـد الرنتيسي
مرة أخرى، كان المشهد مهيباً في استقبال الأسرى المحررين في مدينة رام الله، سيل من المواطنين احتشدوا منذ ساعات الصباح الباكر، في الشارع الممتد من محيط سجن عوفر العسكري، إلى قصر الثقافة، دموع وهتافات، وتلويح بالأيدي، عيون الأمهات ترقب أبواب الحافلات المختومة بشعار الصليب الأحمر، وثمة أجساد هزيلة تخرج وقد هدّها الأسر، لكن المعنويات عالية تعانق الجبال الشم.
وعلى وقع عدوان آخذ في التوسع، فرحت الضفة الغربية لحرية الأسرى، ورغم البرد الشديد، والحواجز والبوابات العسكرية التي تقطع أوصال الضفة، والقنابل الغازية التي تطلقها قوات الاحتلال على المحتشدين، إلا أن أهالي الأسرى زحفوا لاستقبال أبنائهم، بل إنهم هم من رفعوا الأعلام وقادوا الهتافات المشيدة بتضحياتهم، والممجدة لدماء الشهداء والمقاومة التي حررتهم.
كيان الاحتلال لم يرق له المشهد، فأخذ يشن الحرب على الفرح في منازل الأسرى المحررين، تارة يتوعد باعتقال الأهالي، وأخرى بإعادة اعتقال المحررين، في حال إظهار أي مشاعر للفرح، فيما عصابات المستوطنين ترشق المركبات المشاركة في استقبال الأسرى ونقلهم إلى مدنهم وقراهم بالحجارة، وتعترض طريقهم.
تروي بشرى الطويل، التي تحررت في الدفعة الأولى من الصفقة، أن جيش الاحتلال داهم منزل والدها الأسير جمال الطويل، مهددين باعتقال العائلة بأكملها في حال الاحتفال بحريته.
والأسير الطويل، تحرر في الدفعة الخامسة، وهو أحد قيادات حركة حماس في الضفة الغربية، وتم الاعتداء عليه بالضرب القاسي والعنيف، لحظات قبل الإفراج عنه، في واقع يكشف التفوق الأخلاقي للفلسطينيين على كيان الاحتلال في التعامل مع الأسرى، وفي "بروتوكول" الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين الكثير مما يزعج قادة الكيان ويحرجهم، إذ يخرجون محملين بالهدايا، وتقدم المقاومة النماذج في الحرص على كرامتهم وسلامتهم، انطلاقاً من تعليمات الدين الإسلامي الحنيف، وبموجب القانون الدولي الذي يضمن كرامتهم وعدم المساس بهم، في حين هيئة وأجسام ووجوه الأسرى الفلسطينيين تكشف عن حجم المعاناة التي عاشوا في سجون الاحتلال.
"تحررنا بثمن باهظ" قال الأسير المحرر شادي البرغوثي، المحكوم بالسجن المؤبد، وأمضى 22 عاماً في الأسر، مشددا: "على الرغم من تحذير مخابرات الاحتلال لنا بعدم التصريح للإعلام، وتحت طائلة الاعتقال مجدداً، إلا أننا نجد أنفسنا مجبرين على شكر أهل غزة، لأننا تحررنا بفضل صمودهم وتضحياتهم".
في يوم تحرير الأسرى، تختلط مشاعر الفلسطينيين، ما بين الفرحة بحريتهم، والحزن على آلاف الشهداء الذين قضوا في سبيل ذلك، فكأنهم يخرجون من بين ركام المنازل في جباليا وبيت حانون ورفح، وفي فلسطين فقط الشهداء هم من يحررون الأسرى، ويحملونهم على الأكتاف.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
0 تعليق