على مساحة شاسعة في حي تشاويانغ بقلب بكين، يقف متحف حزب الصين الشيوعي ليتحدث عن تاريخ من النضال والكفاح المتواصل لتصبح الصين معجزة اقتصادية وتصنف ثاني أكبر قوة اقتصادية بعد الولايات المتحدة بعدما كانت تصنف من الدول النامية.
ولمعرفة تاريخ هذا التطور ، تجول " الوفد" داخل أقسام المتحف الجذابة، وجاء ذلك ضمن فعاليات المنتدي الصينى العربي للسياسين الشباب فى دورته الثالثة، بدعوة رسمية من دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
تأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز العلاقات السياسية والثقافية بين مصر والصين، وترأس وفد شمال أفريقيا المستشار أحمد سعد الدين وكيل أول مجلس النواب المصري، وضم هذا الوفد مجموعة من الشباب السياسين في مصر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا و جيبوتي وجزر القمر يمثلون أحزاب وايدولوجيات مختلفة، ولكن يجمعهم هدف واحد تعزيز التعاون العربي الصيني لخدمة بلادهم وتحقيق التنمية المستدامة.
تأتي هذه الزيارة في سياق رغبة الوفد في الإطلاع على تاريخ الحزب ودوره في تشكيل السياسات الصينية الحديثة.
مقتنيات تروي قصة نجاح
يتكون المتحف من عدة أقسام رئيسية، وخلال جولة لـ"الوفد"، أوضح المسؤولين أن المتحف يتكون من أربعة أقسام، يتم من خلاله عرض أكثر من 2600 صورة ، و 4548 قطعة أو مجموعة من الآثار الثقافية المعروضة ، بما في ذلك 420 قطعة أثرية أصلية ،منها دفتر ملاحظات كارل ماركس في بروكسل ، ومعطف ماو تسي تونج وقبعته التي ارتداها عند إعلان جمهورية الصين الشعبية، وأول علم أحمر من فئة الخمس نجوم للصين تم رفعه بالضغط على الزر، ومسودة ماو تسي تونج ونقش تشو إن لاي بخط اليد على النصب التذكاري لأبطال الشعب، والسيرة الذاتية للي دا تشاو بعد اعتقاله والمشنقة لقتله، وترجمة تشين وانجداو للبيان الشيوعي ورؤوس البرونز في القصر الصيفي القديم.
وتجتنوع القطع المعروضة والصور مما يوفر عرضًا شاملاً وبانوراميًا وملحميًا للرحلة العظيمة التي دامت قرنًا من الزمان للحزب الشيوعي الصيني، يستخدم المتحف أيضًا تقنيات سمعية بصرية مختلفة، بما في ذلك المواد الرقمية والسينمائية، مما يسمح للزوار بالتفاعل والانغماس في الاحداث التي يشاهدونها.
أضخم لوحة
في بهو المتحف، توجد لوحة ضخمة تعد من أكبر اللوحات مطلية بالورنيش بطول 600 متر تجسد سور الصين العظيم (长城颂)، والتي تتكون من 100 لوحة مطلية بالورنيش. وقد أنشأها تشنغ شيانغجو أستاذ في كلية الفنون بجامعة تسينغهوا.
وخلال الجولة بين أروقة المتحف، تري مراحل النضال والحروب والتحديات وأيضا مراحل كفاح جيش التحرير الصيني، مع عرض مقتنيات تاريخية لهذه المرحلة.
الصين الجميلة بالقطار
يعرض المتحف فيلم ثلاثي الأبعاد بعنوان "الصين الجميلة"، يركب المشاهد قطار يقوده الي مشاهدة كل المدن الصينية ليشاهد مراحل النهضة والتطور، أما الفيلم الأخر فهو يركز على مشاريع الصين من الوصول للفضاء وأعماق البحار.
وفي القسم الرابع من المتحف، نري إنجازات الرئيس الصيني شي جين بينج ويعرض السيارة التي ركبها في أحد العروض العسكرية ولقاءاته مع أفراد الشعب الصيني، نهاية بمبادرة الحزام والطريق.
ويستعرض المتحف معلومات حول مراحل تطور الحزب، من خلال عرض وثائق تاريخية ومراسلات لكارل ماركس وصور نادرة.
كما يبرز المشاريع الاقتصادية الكبرى التي نفذها الحزب، مثل الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت في الثمانينات، كما يقدم لمحات عن الثقافة الصينية وطرق المعيشة وتأثيرها على السياسة والحياة اليومية.
ويستعرض المتحف أيضا دور الحزب في السياسة الدولية وكيفية تعامله مع التحديات العالمية مثل مواجهة فيروس كورونا، كما هناك بلورة تضم عينة تراب من سطح القمر ، حيث تعتبر الصين أول دولة تقوم بعمليتين ناجحتين من الهبوط على سطح القمر.
تتميز تصميمات المتحف بجمالها ورمزيتها، حيث تم تقسيم الأقسام بشكل يسهل على الزوار التنقل بين فصول التاريخ المختلفة. ويستخدم المتحف تقنيات الذكاء الاصطناعي في بعض العروض التفاعلية، مما يتيح للزوار تجربة مميزة تفاعلية، حيث يمكنهم استكشاف الأحداث التاريخية ورؤية الإنجازات التي تحققت في الصين من خلال غرفة ثلاثية الابعاد
الوفد المصري
كتب أحمد سعد الدين كلمة في كتاب الكلمات التذكارية لكبار الزوار، معبرًا عن إعجابه بالمتحف، حيث قال: " لقد كانت زيارة رائعة لهذا المتحف، وهذا الصرح العظيم الذي يدل على حضارة عظيمة وهائلة، كلنا فخر بهذا الصرح الرائع وكانت تعليقات المشاركين من كافة الدول العربية رائعة"
وفي ختام كلمته التي كتبها أكد على أهمية التعاون
المشترك بين الصين وكافة الدول العربية، معربا عن تقديره للحزب الشيوعي لتحقيق إنجازات عظيمة .
وعلى هامش اللقاء تحدثت مونيكا عياد الأمين العام للعاملين بجريدة الوفد ، مع جناو تشيشين مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا لدائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، وأكدت إن زيارة متحف حزب الصين الشيوعي تعد تجربة فريدة تعكس تاريخاً غنياً، وتجسد الجهود الكبيرة التي بذلها الحزب في مسيرة التنمية، موضحة أن هذا المتحف يجب تصويره بتقنيات الواقع الافتراضي حتي يستطيع أي شخص في أي مكان في العالم أن يزوره وهو في مكانه ، وذلك لأهمية التجربة الصينية التي يعرضها المتحف ، مؤكده أن هذه الزيارة خطوة هامة نحو تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات، وتتيح لمصر فرصة التعرف على تجربة الصين الفريدة في التنمية.
الهدف من المتحف
يهدف المتحف إلى توثيق تاريخ حزب الصين الشيوعي منذ تأسيسه في عام 1921، ويعتبر من أهم المراكز الثقافية التي تعكس التطورات السياسية والاجتماعية في الصين. يعرض المتحف إنجازات الحزب منذ نشأته وحتى اليوم، مع التركيز على دوره في تحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
بدأ مشروع بناء المتحف في 10 سبتمبر 2018، واكتمل في 5 مايو 2021، بعد الف يوم عمل شارك فيه أكثر من 50 ألف شخص، واستقبل متحف الحزب الشيوعي الصيني ما يزيد عن 3.5 مليون زيارة منذ افتتاحه في 18 يونيو 2021، وفقا للبيانات الصادرة عن المتحف.
يتخذ التصميم المعماري الرائع شكل الحرف الصيني "جونغ"، والذي يبدو وكأنه حرف H أفقي. ويعني "جونغ" العمال أو العمل بالصينية، مما يدل على أن الحزب الشيوعي الصيني هو طليعة الطبقة العاملة الصينية والشعب الصيني.
تكون حزب الصين الشيوعي من 50 عضوًا في وقت تأسيسه، ليصبح اليوم أكبر حزب حاكم في العالم بأكثر من 95 مليون عضو، ويقود دولة يزيد عدد سكانها عن 1.4 مليار نسمة.
0 تعليق