ندوة بعنوان "الخليج وذاكرته التاريخية" ضمن موسم الندوات لوزارة الثقافة

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أقيمت اليوم الندوة الثانية في"موسم الندوات" في نسخته الرابعة والذي يعقد بالشراكة مع جامعة قطر والمركز العربي للدراسات، وجاءت الندوة تحت عنوان "الخليج وذاكرته التاريخية".

شهدت الندوة مشاركة كل من سعادة السيد خالد بن غانم العلي، عضو مجلس الشورى، والدكتورة آمنة صادق، أستاذة مساعدة في مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، والدكتورة العنود آل خليفة، باحثة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

وسلطت الندوة، التي أدارتها إيمان الكعبي مدير المركز الإعلامي القطري، الضوء على أبعاد الذاكرة التاريخية في منطقة الخليج العربي ودورها في تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية.

ويستقطب موسم الندوات الذي يستمر حتى 25 فبراير الجاري، نخبة متميزة من الخبراء والمثقفين والمفكرين والأكاديميين من داخل دولة قطر وخارجها، لتتكامل الرؤى من أجل إيجاد مقاربات وأطروحات مستنيرة حول جدليات الثقافة والفكر وتحديات العلاقات الحضارية المعاصرة والتغيرات الاجتماعية، وغيرها من الموضوعات الثقافية والقضايا الفكرية الراهنة.

وقال سعادة السيد خالد بن غانم العلي، عضو مجلس الشورى، في مداخلته التي جاءت تحت عنوان "تشكيل الذاكرة التاريخية" والتي تناول فيها ثلاثة محاور رئيسية وهي: الذاكرة كمصدر تاريخي، وتشكيل الذاكرة التاريخية، وكيف نصل إلى ذاكرة تاريخية موثوقة، حيث أكد أنه يجب على المؤرخ ألا يقبل الكتابة التاريخية من أي مصدر من دون نقد، لأنها عرضة للتشويه، والإسقاطات، بل عليه أن يجتهد في مقارعة النصوص بعضها ببعض، ونقدها حتى يتمكن من أن يصحح ما أدخل عليها، ليخرج منها برواية أقرب إلى الحقيقة التاريخية.

وقال سعادته: لكي نبني ذاكرة تاريخية يمكن الوثوق بها، ونتجاوز الذاكرة التاريخية التقليدية أو تلك غير التقليدية وغير النقدية يجب على المؤرخين الخليجيين الجادين إعادة كتابة تاريخهم للوقوف على مدى موضوعيتها أو صحة الصورة المنقولة عن مجتمعاتهم، والتي بدورها تشكل الذاكرة التاريخية.

وطالب سعادة السيد خالد بن غانم العلي، بضرورة إعطاء قيمة أكبر للذاكرة المحلية التي دونت من خلال الفاعلين فيها، مثل ديوان الشيخ جاسم والذي يجب أن يأتي في مقدمة المصادر التي نستقي منها الذاكرة التاريخية القطرية، وهنا سيتحقق لنا هدفان الأول إما تصحيح الذاكرة المستعادة أو تصحيح الذاكرة المستعادة للذاكرة المحلية.

ورأى أنه لكي نخرج بذاكرة تاريخية موثوقة نحن بحاجة إلى عدة أمور أهمها: تجاوز الكتابة السردية والوصفية (التاريخ التقليدي)، إلى مرحلة الفهم، ثم تطبيق النظريات والمنهجيات العلمية في العلوم الاجتماعية والإنسانية الأخرى كالفلسفة وعلم الاجتماع (مثل نظرية النسق أو النماذج المثالية والكاريزما عند فيبر وغيرها)، أو ما يعبر عنه بتداخل الاختصاصات أو ربما تجاوز الاختصاصات، ومن ثم نصل إلى مرحلة المقارنة والتحليل.

ومن جهتها، قدمت الدكتورة العنود آل خليفة ورقة بعنوان "الهوية الجماعية في دول الخليج العربي ما بين الماضي والمستقبل.. المتاحف أنموذجا"، أوضحت فيها أن الهوية الخليجية كانت نتاج مسارات تاريخية متشابكة من التفاعلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شكلت ملامح الانتماء عبر الأزمنة.

وأشارت إلى أن الذاكرة الجماعية ليست مجرد استرجاع للماضي، بل هي عملية ديناميكية تعيد تشكيل الهوية باستمرار وفقا للتحولات التي تشهدها المنطقة.

وأوضحت أن الهوية الخليجية لم تكن ثابتة أو منغلقة، بل تطورت عبر التاريخ نتيجة المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مؤكدة أن التاريخ لا ينظر إليه كواقع جامد، بل كمصدر مرن يعاد من خلاله إنتاج الهوية الجماعية.

وأشارت إلى أن المتاحف الخليجية تقدم نموذجا يعكس هذا التطور، حيث لا تقتصر وظيفتها على حفظ الماضي، بل تعد فضاءات حية تبرز التحولات المستمرة في الهوية عبر الأجيال.

بدورها، أكدت الدكتورة آمنة صادق أن ذاكرة المكان في الخليج تعد عنصرا أساسيا في تشكيل الهوية الخليجية، حيث يرى الإنسان الخليجي نفسه ابنا للصحراء والبحر، في إشارة إلى هويته الثقافية والاقتصادية.

وأوضحت أن البحر كان على مدار التاريخ مصدرا للرزق من خلال التجارة والغوص على اللؤلؤ والصيد، بينما شكلت الصحراء نمط الحياة البدوية، ما عزز لدى أبناء الخليج قيم الاستقلال والمثابرة.

وأشارت إلى أن مفهوم الهوية يتجاوز البعد البيئي إلى البعد الجغرافي والقومي، إذ يصف الخليجي نفسه بأنه "ابن الخليج"، في إشارة إلى البحر الذي يحد دول المنطقة، مما يجعل الخليج العربي فضاء جغرافيا للذاكرة الجمعية الخليجية. أما على المستوى المحلي، فإن ارتباط الإنسان بمكان نشأته ينعكس في وصفه بأنه "ابن الفريج" أو القرية أو المدينة، مما يعكس الارتباط العميق بالبيئة الاجتماعية والثقافية القريبة.

وأضافت أن ذاكرة المكان في الخليج لم تكن بمنأى عن التغيرات المتسارعة، إذ شهدت المنطقة طفرات نفطية متعددة ساهمت في إعادة تشكيل البنية التحتية، حيث تحولت المدن الخليجية التي عرفها السكان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي إلى مراكز حضرية حديثة مع نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الجديدة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق