«بدينات».. باختصار!

جريدة عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
«الوذمة الشحمية».. حالة طبية نادرة تؤثر على الأنسجة الدهنية في الجسم، وتتميز بتراكم غير طبيعي للدهون في مناطق معينة ما يؤدي إلى تورم وألم في الأنسجة. وتشير الإحصاءات إلى أن هذه الحالة تؤثر بشكل أكبر على النساء بنسبة تصل إلى 90%، خصوصاً في الفترة ما بين سن البلوغ ومنتصف العمر، ويقدر عدد الذين يعانون من الوذمة الشحمية بنحو 1 من كل 6 نساء، بينما يبقى التقدير الإجمالي للحالات غير المؤكدة بسبب عدم الوعي الكافي بهذا المرض، وتشكل الوذمة الشحمية تحدياً على مستوى الحياة اليومية، إذ يعاني المرضى من صعوبة الحركة والمظهر الجسدي، ما يؤثر ذلك على نوعية حياتهم بشكل عام.

احتباس السوائل وتورم الأنسجة

استشاري جراحات السُّمنة الدكتور خالد المطيري، يوضح أسباب وأعراض الوذمة الشحمية، ومنها تراكم الدهون في مناطق محددة من الجسم مثل الساقين، الفخذين، الوركين والأرداف، مع التورم والألم المصاحب.

وعن الأسباب المحتملة للحالة؛ العوامل الوراثية، إذ يمكن أن تؤثر الجينات في توزيع الدهون بالجسم الى جانب التغيرات الهرمونية خصوصاً لدى النساء، وتلعب الهرمونات دوراً كبيراً في الإصابة بالوذمة الشحمية والسمنة التي يمكن أن تؤدي إلى تراكم الدهون وكذا ضعف الدورة الدموية التي تؤدي إلى احتباس السوائل وتورم الأنسجة، ما يسبب الالتهاب الحاد، كما أن بعض الأدوية سبب للوذمة واحتباس السوائل كأثر جانبي، ضف إلى ذلك الأمراض المزمنة مثل أمراض الكلى أو القلب أو الكبد.

النساء يتصدرن الحالات

«عكاظ»، سألت الدكتور خالد، لماذا تصيب (الوذمة) النساء أكثر من الرجال؟ فقال: تشير الإحصاءات إلى أن 11% من النساء يعانين منها. ويرجح الأطباء ذلك للتغيرات الهرمونية في مراحل العمر المختلفة، مثل فترة البلوغ، الحمل، سن اليأس، أو بعد العمليات الجراحية النسائية؛ وهي السبب وراء إصابة النساء بالدرجة الأولى. كما أن تناول موانع الحمل قد يزيد من احتمالية الإصابة، وعلى الرغم من ندرته، قد يصاب الرجال أيضاً بالوذمة الشحمية في حالات معينة، مثل الإصابة بتلف في الكبد، كما أن العامل الوراثي يعد سبباً مهماً. وعن الوقاية يقول الدكتور خالد: إن النشاط البدني يساعد في تحسين الدورة الدموية والحد من تراكم الدهون وكذلك النظام الغذائي المتوازن، وشرب الماء يساعد أيضاً في تحسين الترطيب وتقليل احتباس السوائل، ومن المطلوبات تقليل الملح إذ يساعد في تقليل احتباس السوائل بالجسم. ومن عوامل الوقاية طبقاً للدكتور خالد الحفاظ على وزن صحي، إذ إن الوزن الزائد يزيد من خطر الإصابة بالوذمة الشحمية.

الشفط حل مؤقت

وعن الفرق بين الوذمة الشحمية والسُّمنة والوذمة اللمفية (داء الفيل) يرى الدكتور خالد، أن الفرق الأساسي يكمن في أن السمنة تنتشر بشكل متساوٍ في الجسم، بينما الوذمة الشحمية تتميز بتراكم الدهون في مناطق معينة بشكل غير طبيعي، بينما الوذمة اللمفية تتسبب في تجمع السوائل بشكل غير طبيعي بسبب مشكلات في الجهاز اللمفاوي.

ومن العلامات المبكرة للإصابة بـ(الوذمة الشحمية) تورم في الساقين أو الأرداف بشكل غير متناسب مع باقي الجسم، وشعور بالألم أو الانزعاج في المناطق المتورمة عند الضغط على تلك المناطق أو بعد فترات من الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة، وهذه الأعراض قد تشير إلى بداية تراكم الدهون بشكل غير طبيعي تحت الجلد، ما يستدعي استشارة الطبيب لتشخيص الحالة والبدء في العلاج المناسب.

هل يمكن السيطرة على الوذمة الشحمية؟

يجيب الدكتور خالد: إن (الوذمة الشحمية) تتطلب علاجاً شاملاً بالتغذية الصحية، والحركة، والعلاج الطبي. وفيما يخص عمليات شفط الدهون فهي قد تكون خياراً لبعض الأشخاص، إذ يمكن أن تساعد في تقليل الدهون في المناطق المتأثرة، لكنها ليست علاجاً نهائياً، إذ يمكن أن تستمر الأعراض أو تعود مجدداً بعد العملية.

ضرر على المدى البعيد

خبيرة التغذية وسلامة الغذاء، حصة سعيد، ترى أن النظام الغذائي له دور كبير في التأثير على صحة الجسم، ولكن ليس هو العامل الرئيسي في الإصابة بالوذمة الشحمية، فالسبب الأساسي يعود إلى التغيرات الهرمونية الناجمة عن عوامل وراثية، بالإضافة إلى التهاب الجهاز اللمفاوي والسمنة.

وأكدت خبيرة التغذية حصة، على أهمية تغيير نمط الحياة، وخاصة في ما يتعلق بالحركة، النوم الجيد، والتصريف اللمفاوي، مشيرة إلى أن ذلك يساعد في تحسن ملحوظ، ونصحت بعدم اللجوء إلى منتجات التخسيس لعلاج الوذمة الشحمية، مهما كانت مغرية، لأن ضررها يظهر على المدى الطويل.

استخدموا الجوارب

أخصائية العلاج الطبيعي فاطمة الكويكبي، ترى أن التدليك اللمفي من الأساليب الفعّالة لتحفيز التصريف اللمفي، ويعقب ذلك استخدام الأربطة الطبية التي تساعد على تقليل التورم. ومن الضروري أيضاً ارتداء ملابس مريحة لتسهيل تهوية الجسم بشكل جيد، أما للوقاية من تراكم السوائل، فإن الجوارب الضاغطة تُعتبر أداة مهمة إذ تعمل على زيادة الضغط على المناطق المتأثرة، ما يقلل من احتمالية حدوث تراكم السوائل.

وفي حالة التقرحات، من المهم ترطيب البشرة باستمرار، وتحريك مناطق البروز العظمية لتجنب تراكم السوائل فيها. كما يجب تجنُّب التعرُّض المفرط للحرارة أو البرودة، التي تؤدي إلى تفاقم الأعراض.

تجارب سارة ورنا وهند

تحكي سارة الحازمي، قصتها مع الوذمة الشحمية، وهي امرأة في الثلاثينيات من عمرها، لاحظت تغيرات في جسمها منذ أن كانت في العشرينيات، وكان لديها تراكم للدهون في الساقين رغم محاولاتها المستمرة في اتباع الحميات الغذائية وممارسة الرياضة، ومع مرور الوقت، بدأت المنطقة التي كانت تعاني منها تظهر بشكل أكثر اتساعاً، ما جعلها تشعر بالإحراج. بعد التشخيص، أخبرها الطبيب بأنها مصابة بالوذمة الشحمية، وبدأت في تلقي العلاج المناسب، بما في ذلك العلاجات الجراحية وغير الجراحية، وأصبحت أكثر وعياً بحالتها، مشجعةً النساء الأخريات على طلب المساعدة إذا شعرن بنفس الأعراض.

وتروي هند؛ وهي في أوائل الأربعينيات، معاناتها مع الوذمة الشحمية التي تسببت في تورم غير طبيعي في الذراعين والساقين وبعد محاولات فاشلة مع حميات غذائية قاسية وممارسات رياضية مختلفة، قررت البحث عن بدائل طبية. فاستشارت طبيباً مختصاً الذي اقترح علاجاً باستخدام الضغط الهوائي وتقنيات تصريف السوائل اللمفاوية، وبعد شهرين من العلاج المنتظم، بدأت تشعر بتحسن ملحوظ في حجم المناطق المتأثرة، وتمكنت من استعادة شكل جسمها الطبيعي، وتواصل هند العلاج وتقوم بتمارين رياضية خاصة تساعد في الوقاية من عودة المشكلة.

أما رنا؛ وهي أم لخمسة أطفال، فتخبرنا بأنها كانت تعيش حياة نشطة قبل أن تبدأ أعراض الوذمة الشحمية في الظهور. مع تقدم حالتها، بدأ الألم والتورم يظهر في ساقيها وذراعيها، ما أثر على مرونة جسدها وأصبح يؤثر على قدرتها على الاستمتاع بالأنشطة اليومية مثل المشي والسفر، حتى تربية أطفالها. هذا التأثير الجسدي ترافق مع تأثير نفسي، حيث شعرت بالقلق من عدم قدرتها على العناية بنفسها كما كانت في السابق. ورغم التحديات، قررت رنا، أن تواصل البحث عن حلول طبية وعلاج طبيعي للتخفيف من التورم وتحسين حالتها الصحية.

اليوم، تمكنت من التعايش مع حالتها والتمتع بحياة أكثر نشاطاً بفضل العلاج والمثابرة.

المتنمرون على

البدناء

الأخصائي النفسي خالد الغامدي، يرى أنه من المهم الاهتمام بالصحة النفسية والتوعية المستمرة في المجال الطبي والتثقيف الصحي، إذ يجب على الأفراد فهم الفرق بين السُّمنة والوذمة الشحمية، فالسمنة تتوزع الدهون بشكل متساوٍ في أجزاء الجسم، بينما الوذمة الشحمية تتمركز بشكل أساسي في الأطراف وأجزاء الوجه، ما يجعلها حالة مغايرة.

والحالتان تؤثران بشكل كبير على الصحة النفسية، فالتعرض للتنمر أو الاستهزاء من الآخرين أو حتى الشعور بعدم القبول الاجتماعي قد يؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية على الحالة النفسية للمصاب. لذلك، يُنصح المصاب بتجاهل التعليقات السلبية والتركيز على الإيجابيات والابتعاد عن الأشخاص الذين يؤثرون سلبياً على حالته النفسية. فمن الأهمية ممارسة الحياة بشكل طبيعي، مع الثقة بالنفس والمتابعة المنتظمة مع الأطباء المختصين.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق