إضاءة في كتاب.. «الأيوبيون بعد صلاح الدين» يرصد الصراع بين المشروعين الصليبي والإسلامي

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. علي محمد الصَّلابي

هذا الكتاب امتداد لما سبقه من كتب درست عهد النبوة وعهد الخلافة الراشدة وعهد الدولة الأموية، وعهد السلاجقة وعصر الدولة الزنكية، ودولة المرابطين والموحدين، وعهد صلاح الدين الأيوبي، والدولة العثمانية وقد صدر منها: السيرة النبوية وأبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي، ومعاوية بن أبي سفيان وعمر بن عبدالعزيز، وفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم، والوسطية في القرآن الكريم، والثمار الزكية للحركة السنوسية، والسلطان محمد الفاتح، والشيخ عبدالقادر الجيلاني، والإمام الغزالي، وحقيقة الخلاف بين الصحابة، وفكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة وعقيدة المسلمين في صفات رب العالمين.

سميت هذا الكتاب: الحملات الصليبية الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والأيوبيون بعد صلاح الدين ويعتبر حلقة مهمة في سلسلة الحروب الصليبية والتي خرج منها: السلاجقة والزنكيون وصلاح الدين، والتي نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن تكون لوجهه خالصة ولعباده نافعة، ويطرح فيها القبول والبركة، ويرزقنا حسن القصد وإخلاص النية لوجهه الكريم، ويوفقنا لإكمال الموسوعة التاريخية التي نسعى لإخراجها وهذا الكتاب يتحدث عن استمرار صراع المشاريع بين المشروع الصليبي والمشروع الإسلامي، وظهور المشروع المغولي على مسرح الأحداث، فقد لخص الفصل الأول الأيوبيين بعد صلاح الدين، فتحدث عن أقاليم الدولة والنزاع بين خلفاء صلاح الدين وبين الأخوين الأفضل والعزيز، وتآمر الملك العادل على الأفضل، وجهود القاضي الفاضل في الإصلاح بين البيت الأيوبي والتحالف بين الملك العادل والعزيز ابن صلاح الدين، وجهاد الملك العادل للصليبيين وتشجيع القاضي الفاضل له على التصدي للغزاة وتعرض الكتاب لعهد الملك العادل بالتفصيل فذكر الأحلاف السياسية ضد الأيوبيين في الجزيرة والعلاقات مع الزنكيين في عهد الملك العادل والعلاقات السلجوقية الأيوبية في عهد العادل والعلاقات بين الخوارزميين والأيوبيين، وبين الأيوبيين والفرقة الإسماعيلية، والعلاقات مع الخلافة العباسية وآثار الكتاب الحديث عن الحملة الصليبية الرابعة وسقوط القسطنطينية، وإلى جذور الصراع بين الإمبراطورية البيزنطية وبابا الفاتيكان، ومقتل الإمبراطور ميخائيل الثالث وتجدد العداء بين البابوية وبيزنطة والمشكلة الأنطاكية، وجهود البابا أنوسنت الثالث في الحملة الصليبية الرابعة، وبعض المصاعب والمشاكل التي أثرت في مسيرة الحملة، وسقوط القسطنطينية وإقامة إمبراطورية لاتينية والسياسة الخارجية للبابوية والحملات الصليبية، ومسؤولية سقوط القسطنطينية ونتائج الحملة الصليبية الرابعة، ومحاولة الصليبيين السيطرة على بلاد الشام، وفصل الكتاب مجريات الحملة الصليبية الخامسة وموقف أباطرة وملوك أوروبا من الحملة واستعدادات التجهيز، ونزول الصليبيين لدمياط، وبداية العمليات العسكرية والصراع على برج السلسلة ووفاة الملك العادل أخو صلاح الدين.

السياسة الأيوبية
وتكلمت عن السياسة الأيوبية الداخلية في عهد الملك الكامل ابن الملك العادل، وكيف تولى السلطة وما هي المحاولات التي بذلت لخلعه؟ كمؤامرة ابن المشطوب وتخوف الملك الكامل من الأمراء، وشرحت سياسة الملك الكامل الإدارية والأمنية والقضائية والاقتصادية والمالية وإصلاح النظام النقدي وسياسته التعليمية وأصول ثقافته الدينية، وترجمت لأبي محمد عبدالله بن أحمد بن قدامه من مشاهير عصر الدولة الأيوبية في عهد الملك العادل والملك الكامل، فذكرت علمه ومصنفاته وجهوده في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأشرت إلى الملك الكامل وسياسته العمرانية والحياة الاجتماعية وبعض رجالاته في الدولة وسياسته الخارجية مع الخوارزميين وسلاجقة الروم والأراتقة والتتار والخلافة العباسية.
وتحدثت حديثاً مستفيضاً عن الحملة الصليبية السادسة، وعن شخصية الإمبراطور فردريك الثاني وطموحاته وسير الحملة الصليبية السادسة والمفاوضات بين الملك الكامل والأمبراطور فردريك الثاني وصلح يافا وزيارة الإمبراطور بيت المقدس، وردود فعل الأمة الإسلامية من تسليم بيت المقدس ومعالجة الملك الكامل لموقف المسلمين الرافضين للصلح، وموقف الصليبيين من صلح يافا وذكرت نتائج الحملة السادسة وفي الفصل الثالث تكلمت عن عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب وماذا حدث بعد وفاة الملك الكامل ؟ وعن الأحلاف بين بعض الأيوبيين والصليبيين، والخوارزمية واسترداد بيت المقدس والصالح أيوب وتوحيد الدولة الأيوبية وعلاقة الملك الصالح أيوب بالخلافة العباسية، وتطوير الملك الصالح أيوب للجيش الأيوبي واهتمامه بتربية المماليك على تعاليم الدين الإسلامي ودخلت في المبحث الثاني من الفضل الثالث وتركت القارئ وجهاً لوجه مع الحملة الصليبية السابعة وسردت أحداثها بشيء من التفصيل مع وقفات تربوية واستخراج دروس وعبر وفوائد من هذا الحدث الكبير، كوقوع لويس التاسع في الأسر وشروط الصلح وأسباب هزيمة الحملة الصليبية السابعة.

وسائل الدعوة الإسلامية
لفت نظري أسلوب علماء الأمة في مناصرة الإسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد الحروب الصليبية ونحن في أشد الحاجة إليه بحيث تكون مناصرتنا لرسول الله شاملة وفق رؤية استراتيجية متكاملة، ونخرج من موقع المدافع إلى الهجوم حيث إنه خير وسيلة للدفاع، وهكذا ظهر هذا الكتاب إلى حيز الوجود ويمتاز بعدة ميزات منها: أن المؤلف آثر خطة الهجوم على خطة الدفاع، التي لا تزال أقوى وأكثر تأثيراً في النفس؛ فإنها تلجئ الخصم إلى أن يتخذ موقف الدفاع وأن يقف في قفص الاتهام ويدافع عن نفسه وينفي التهمة، لذلك لما طبع كتاب العلامة رحمة الله الكيرانوي أثار ضجة كبرى في الأوساط النصرانية والأوروبية ناهيك عما كتبته صحف إنجلترا تعليقاً على هذا الكتاب: لو دام الناس يقرأون هذا الكتاب لوقف تقدم المسيحية في العالم.
وقد اشترى القساوسة كميات كبيرة من طبعات الكتاب، وأتلفوها إحراقاً وإبادة، ليتغيب الكتاب عن السوق.
وفي المبحث الخامس والأخير، وقفت متأملاً ومتدبراً في أسباب سقوط الدولة الأيوبية والتي كان جامعها الابتعاد عن شرع الله في أمور الحكم، فقد وقع الظلم على الأفراد وتورط بعض السلاطين في الترف، وحدث بينهم نزاع عظيم، سفكت فيه الدماء بين المسلمين وأدى ذلك إلى زوالهم، فعندما يغيب شرع الله تعالى في أمور الحكم – كما حدث للدولة الأيوبية بعد وفاة صلاح الدين – يجلب للأفراد والدولة تعاسة وضنكاً في الدنيا وإن آثار الابتعاد عن شرع الله لتبدو على الحياة في وجهتها الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وإن الفتن تظل تتوالى وتترى على الناس حتى تمس جميع شؤون حياتهم قال تعالى « فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم» (النور، آية: 63).
ومن الملاحظ في دراسة أسباب سقوط الدول والحضارات بأنها لا تسقط بسبب واحد، كما لا تقوم بسبب واحد، بل تتجمع عدة أسباب لقيامها، وعدة أسباب لتدهورها وسقوطها، بعضها يعمل ببطء بينما يعمل البعض بسرعة أكبر، ولا تسقط الدولة أو الحضارة بضربة واحدة، بل يتظافر جملة من العوامل ، وهذا ما حدث للدولة الأيوبية التي زالت من الوجود في مصر عام 648ﻫ وأهم هذه الأسباب في نظري:
1- توقف منهج التجديد الإصلاحي.
2- الظلم.
3- الترف والانغماس في الشهوات.
4- تعطيل الخيار الشوري.
5- النزاع الداخلي في الأسرة الأيوبية.
6- موالاة بعض الأيوبيين للنصارى.
7- فشل الأيوبيين في إيجاد تيار حضاري.
8- ضعف الحكومة المركزية.
9- ضعف النظام الاستخباراتي.
10- غياب العلماء الربانيين عن القرار السياسي.
11- وفاة الملك الصالح أيوب وعدم كفاءة وريثه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق