قصة الدراسة في شهر رمضان والغياب الكبير

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أصحبت قصة كل سنة بين المطالب المشروعة في تعليق الدراسة خلال شهر رمضان المبارك وبين المسؤولية العظيمة في صناعة جيل المستقبل واستمرار عملية التعليم دون انقطاع أو فاقد تعليمي، بين الرغبة الجامحة والملحة النابعة من المشقة والمعاناة في مسوغ مطلب تعليق الدراسة خلال شهر رمضان الكريم من أطياف المجتمع كافة حتى ربات البيوت، فضلا عن الموظفين، أملا وتخفيفا لمشقتهم في مواجهة الزحام المروري، فهم وإن كانوا ليسوا ضمن منسوبي الميدان التعليمي ولكنهم مشاركون في المطلب نفسه، وبين تجاهل المسؤولين في التعليم وعدم النظر أو محاولة إيجاد حلول لهذه القضية السنوية.

استمرار الدراسة حضوريا فقط بالروتين اليومي نفسه والخطة الدراسية نفسها والأوقات الصعبة السابقة نفسها في رمضان، هذا سيكرر القصة نفسها؛ حضور أول الأيام ثم يبدأ الغياب الكبير بالتدريج، والسؤال: هل هذا هو النجاح في إدارة هذه الأيام الدراسية في رمضان، أم هو هدر للأوقات وللجهود وزيادة الفاقد التعليمي؟ هل فعلا الموضوع صعب والقضية صعبة جدا ولا يوجد لها حلول في إدارة هذه الأيام المعدودة بالشكل الأمثل بما يضمن نجاح سير العملية التعليمية، أم يجب علينا أن نفقد الأمل دون حلول ناجعة؟

أعتقد كلما اقتربنا من الواقع ومن فهم أنفسنا أولا وفهم الناس بشكل موضوعي وصادق وعقلاني ومنسجم مع عادات المجتمع وتقاليده ذلك يساعدنا بشكل كبير على إيجاد الحلول؟! رمضان فريضة ربانية، وركن من أركان الإسلام، وبالتالي المجتمع كله سيكون صائما قطعا، ورمضان يأتي مرة في السنة وهي فرصة سانحة لاجتماع الأهل والأحباب حول موائد الإفطار وتعلم الكثير من العادات الاجتماعية الحسنة، وأن نعيش الأجواء الرمضانية الجميلة في هذا الوطن بكل تفاصيلها، ناهيك عن تغير أوقات النوم بسبب وجبة السحور وصلاة الفجر وواقع المجتمع والأسرة في هذا الشهر بتأخر النوم حتى بعد صلا الفجر وإن جاز التعبير هو (السهر الإيجابي) بطبيعة أنشطة رمضان، ليبدأ من غده صباحا جديدا وبعد فترة وجيزة من وقت صلاة الفجر اليوم الدراسي وهم صائمون، وهذا بلا شك عكس القدرة البشرية في عدم أخذ القدر الكافي من الراحة ويحدث خللا في توازنهم، وتفكيرهم، ونشاطهم، كل حسب فئته العمرية ومرحلته التعليمية كل ذلك يجعل الوضع صعبا جدا على الجميع، خاصة مع استمرار الدراسة حضوريا في هذا الشهر الكريم.

وهذا مشاهد ومنعكس على الواقع التربوي فيما يواجهه الميدان التربوي والمعلمون أثناء اليوم الدراسي في رمضان من نسب الغياب ونعاس الحاضرين خلال حصصهم، وبالتالي انخفاض مستوى الاستيعاب والنشاط، وهو مؤشر على عدم حصولهم على قسط كافٍ من النوم بسبب السهر والالتزامات أو النشاطات الأسرية الرمضانية، وفي الوقت نفسه سيكون المردود من الدراسة في رمضان دون المستوى المطلوب بالنسبة للطلاب، ويسبب بكل تأكيد فاقدا تعليميا، وقد تزيد هذه الإشكاليات في حالة عدم معالجتها في ظل واقع يعيشه الجميع، ويجب الاعتراف بها وعدم المكابرة عليها أو تجاهلها والاصطدام مع المجتمع، أو نفرض عليه جوانب نظرية دون النظر بموضوعية للواقع المعايش ودون إيجاد الحلول المناسبة والمقبولة إذا أردنا بشكل جاد النظر فيها.

أعتقد أننا بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق، وأن نخرج بأفكار جديدة ابتكارية لكي نحاول أن نحل هذه المعادلة الصعبة (ونرحم إكس (تويتر سابقا) خلال الأيام القادمة من حجم التغريدات بتعليق الدراسة في شهر رمضان.

والغريب جدا أنهم حتى هذه اللحظة مع طول الفترة لم يصلوا لحل؟! يرضي الأطراف كافة، ويلبي رغبة المجتمع في تعليق الدراسة حضوريا من جهة ولو جزئيا، ويحقق دور المؤسسة التعليمية في استمرار التعليم من جهة أخرى مع استثمار هذه الأيام القليلة بشكل أمثل، أعتقد أنه من الضروري أن تخصص لهذه الأيام خطة دراسية مختلفة ومخصصة لهذه الشهر الفضيل تكون بين الحضوري «وعن بعد» وبين الأنشطة الطلابية والمهارية الفترة المسائية، وخاصة في آخر الأيام، لاستغلال نشاط أبنائنا الطلاب الهائل في الفترة المسائية.

العملية التعليمية ليست (س+ص=2) فقط، وليست ما هي مكونات الخلية الحيوانية أو ما هو التفاعل الكيمائي والمبتدأ والخبر؟ العملية التعليمية والتربوية كذلك قيم ومهارات وأنشطة، ونحن نتعامل مع نفوس بشرية قد تمل، لذا من الجيد أن تصمم دورس ونشاطات بشكل شيق وجذاب تعكس ما وصلت إليه التقنية من تقدم وإبداع يتناسب مع روحانية هذا الشهر الفضيل وتكون «عن بعد»، غير متزامن عبر هذه المنصات التعليمية، وهي في الوقت نفسه فرصة لتعزيز قيم دينية، وبر الوالدين، والإحسان والاحترام، وجماليات هذه الشهر الفضيل في هذا الوطن العزيز مع نشاطات ثقافية وفنية ورياضية خلال الفترة المسائية للراغبين من الطلاب، وحثّهم على الاستفادة منها في تنمية قدراتهم ومواهبهم وتحقيق شغفهم الفني والثقافي.

3OMRAL3MRI@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق