حوارات
قال أحمد بن طيفور (العصر العباسي) في إحدى قصائده: "وَلَم يَزَل ذو النَقصِ مِن نَقصِهِ، يَحسُدُ ذا الفَضل عَلى فَضلِهِ"، وهو ربما كان يشير الى ما يمكن وصفه اليوم بعقدة النّقص، أو الشعور بالدونيّة، وهي سلوكيّات سلبية تنتج بسبب ترسّخ مشاعر ذي النّقص بقلّة قيمته، وقصور نفسه.
وذو الفضل هو أي إنسان كريم الخلق، أو صاحب مروءة، أو ذو خلق، وأعتقد أن ذا النّقص يغلو في حسده لذي الفضل الى درجة شدّة المقت (البُغْض)، وهو معذور في كرهه فعندما يراه يذكّره بدونيّته وقصوره. ومن بعض علامات وأسباب وعلاج مقت ذي النّقص لذي الفضل في عالم اليوم المضطرب، نذكر ما يلي:
- العلامات: ينظر ذو النّقص بمؤخّر عينه، ويتضايق بشكل ملاحظ إذا تواجد من يعتبره عدّوه اللدود في المكان نفسه، إمّا بسبب تذكير ذي الفضل لذي النّقص بدونيّته، أو بسبب الغيرة الشديدة للأخير، ممن يتعارض معه في شخصيته وأسلوبه وسلوكيّاته، وسمعته الفاضلة.
بالطبع إن الموضوع المفضّل لذي النّقص في خلواته أو بين جلسائه الذين يشابهونه في الدونيّة هو المرء المحترم الفاضل، فيغتابه، ويسعى قدر ما يستطيع، أن يثلبه ويشتمه، ويشوّه سمعته.
والمفارقة في هذا السياق أنه ربما يزيد تألّق ذي الفضل في إسماع الآخرين عندم يغتابه ذو النّقص، فمن يشتم، أو يغتاب الآخر وهو غير موجود يكشف عن خوفه الشديد منه.
- الأسباب والعلاج: الشعور بالنّقص كان، وسيبقى دائماً سلوكاً اختيارياً، وحالة نفسيّة طوعيّة.
وبدلاً من أن يسعى من يشعر بالنّقص الى تعويض وإصلاح نقصه بالسّبل والوسائل النفسية، والسلوكيّة المتاحة، فهو يختار العكس، والشعور بالنّقص لا علاقة له إطلاقاً بمنبت أو أصل أو أسرة أو البيئة التي نشأ فيها ذو النّقص.
لكنه بسبب به سوء تقدير الذّات، وضعف الثقة في النفس الاختياري، والاختيارات الشخصية الغبية للإنسان، والمرء إمّا أن يختار إكرام نفسه والترفّع عن دناءة الطّبع، وإما يختار إذلال نفسه، ويمكن الشفاء، وربما التعافي من مرض النّقص، بالحرص على تكريس احترام الذّات، وباكتساب مهارات الاكتفاء الذّاتي والاعتماد على النفس، وتقدير الذّات.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@
0 تعليق