في خطوة تعكس استمرار الاحتلال الإسرائيلي في التهرب من التزاماته، أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن موافقة إسرائيل على مقترح أمريكي لوقف مؤقت لإطلاق النار خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي.
ويعد مقترح نتياهو الجديد الذي أعلن عنه في بيان صادر عن مكتبه، حلقة جديدة من المراوغة الإسرائيلية، حيث يتضمن البيان شروطًا غامضة تمهد لتنصل الاحتلال من تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل إطلاق سراح المزيد من الأسرى الفلسطينيين ووقفًا دائمًا للحرب.
تنصل إسرائيلي
أخبار تهمك
البيان الصادر عن مكتب نتنياهو يضع التهدئة ضمن إطار زمني مشروط، حيث ينص على أنه يمكن للاحتلال استئناف القتال بعد 42 يومًا إذا لم تكن المفاوضات “فعالة”. هذا البند، الذي يحظى بدعم أمريكي، يكشف نية إسرائيل في استخدام التهدئة لكسب الوقت دون تقديم أي التزام حقيقي بتنفيذ المرحلة الثانية.
في الوقت الذي تتحدث فيه إسرائيل عن وقف مؤقت لإطلاق النار، تتجاهل بشكل متعمد الاستحقاق الأساسي للمرحلة الثانية، وهو وقف كامل للحرب وانسحاب كامل من قطاع غزة وبدء إعادة إعمار غزة إلى جانب إطلاق سراح مزيد من الأسرى الفلسطينيين.
سياسة المراوغة
هذا التجاهل يؤكد أن الاحتلال لا يزال يستخدم سياسة المراوغة للتهرب من التزاماته، ويستغل ملف الأسرى كأداة ضغط، في محاولة لفرض شروط تخدم مصالحه العسكرية والسياسية، دون أي نية لإنهاء العدوان بشكل كامل.
فسياسات إسرائيل تظل قائمة على المراوغة والمماطلة في تنفيذ بنود الاتفاق، مما يضع مستقبل المرحلة الثانية والثالثة في خطر وترقب دائم.
ولا يأتي هذا التلاعب الإسرائيلي الدائم في استكمال باقي مراحل الاتفاق من فراغ، بل هو نتيجة لاستراتيجيات سياسية تسعى إلى استغلال الاتفاق لتحقيق مكاسب داخلية وشخصية، على حساب المدنيين في القطاع والتزامات المجتمع الدولي.
على الرغم من الجهود التي بذلها الوسطاء لتأمين استقرار الوضع وتفعيل جميع بنود الاتفاق، فإن التماطل الإسرائيلي يترك انطباعاً بأن الهدف الأساسي لا يزال تحقيق مكاسب شخصية وسياسية على حساب استقرار الوضع.
استمرار الاحتلال الإسرائيلي
إذ يبدو أن هناك توجهًا واضحاً نحو استغلال الوضع الراهن لتأخير أي خطوة قد تؤدي استمرار الاتفاق وصموده ومن ثم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وباقي المحتجزين الإٍسرائيليين وعودة الإعمار.
منذ بداية تطبيق الاتفاق، تبرز حالات واضحة من التأخير في فتح الممرات الحيوية للمساعدات الإنسانية، مع استمرار الانتهاكات التي تزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
فدائماً تبرز مؤشرات على أن الحكومة تتلاعب بالوضع لتأخير تنفيذ إجراءات أساسية مثل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وفتح الممرات اللازمة لإيصال المعونات.
هذا التماطل يشكل عاملاً رئيسياً في خلق حالة من عدم الثقة بين الأطراف، ويترك مستقبل المفاوضات مع الفصائل الفلسطينية مجهولاً، مما يزيد من احتمال عودة التصعيد والصراع.
فالانتهاكات المتكررة لبنود الاتفاق، سواء من خلال تعطيل تدفق المساعدات الإنسانية أو تأخير الإجراءات المتعلقة بإفراج المحتجزين، تؤكد على عدم جدية إسرائيل في الالتزام ببنود الاتفاق.
وقد أثار هذا الموقف انتقادات واسعة من قبل الوسطاء الدوليين والإقليميين، الذين يرون في مثل هذه الإجراءات انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وإهداراً للثقة التي يجب أن تسود بين الأطراف المتفاوضة.
ومع ذلك، تبقى الضمانات التي قُدمت خلال المرحلة الأولى ضعيفة في وجه سياسات التراوغ، مما يجعل من مستقبل المفاوضات مسألة شائكّة تحتاج إلى تدخل دولي جدي وعاجل.
في ظل هذا المشهد، يتضح أن استمرار إسرائيل في تماديها في التراوغ والتماطل قد يؤدي إلى تفكك الاتفاق وإعادة فتح باب النزاع، مما يزيد من معاناة المدنيين في غزة ويفتح آفاقاً جديدة للصراع.
ومن هنا تنبع الحاجة الماسة إلى تجديد الثقة بين جميع الأطراف، وتعزيز دور الضمانات الدولية لضمان التزام إسرائيل بتطبيق بنود الاتفاق بشكل فوري وفعّال.
تعقيد المشهد السياسي والأمني
فالموقف الأمريكي، الذي تبنى الخطوط العريضة لهذا الاتفاق، يساهم بشكل مباشر في إطالة أمد الحرب عبر دعم السياسات الإسرائيلية القائمة على التسويف.
فمن خلال منح الاحتلال الحق في استئناف القتال بعد 42 يومًا، يتم إعطاء إسرائيل غطاءً دبلوماسيًا للاستمرار في التنصل من التزاماتها، ما يعني أن الأسرى الإسرائيليين الذين ينتظر ذووهم عودتهم قد لا يعودون أحياء، بل في توابيت.
المماطلة الإسرائيلية، المدعومة أمريكيًا، ليست مجرد تكتيك تفاوضي، بل استراتيجية تهدف إلى إبقاء الأسرى الفلسطينيين رهائن لمصالح الاحتلال، وإطالة أمد الحرب دون حلول حقيقية.
هذا الأسلوب لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، إذ إن محاولات الاحتلال فرض شروطه بالقوة لن تثمر عن أي حل مستدام، بل ستزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
0 تعليق