صرح ثقافي يتلألأ مجدداً في الدوحة.. رئيس مجلس الوزراء يدشن دار الكتب القطرية بحلتها الجديدة

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


د. غانم العلي: هناك مشروعات رقمية تهدف إلى إتاحة المخطوطات والكنوز الوثائقية للجمهور
 إبراهيم السيد: الدار تضم أكثر من 400 ألف كتاب و1200 من المخطوطات والكنوز النادرة
سعد الرميحي: إعادة افتتاح الدار تعكس اهتمام الدولة بحفظ المخطوطات والكتب النادرة

 

دشن معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، مساء أمس، دار الكتب القطرية بحلتها الجديدة، وذلك بعد تطويرها وصيانتها بالكامل. حضر حفل التدشين سعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، وعدد من أصحاب السعادة وكبار المسؤولين في الدولة. وتضمن حفل التدشين إقامة معرض «دور النشر القطرية»، إلى جانب معرض داخل المبنى يحتوي على كتب نادرة ومخطوطات، بالإضافة إلى كتب أخرى توثق تاريخ دار الكتب القطرية.
وتعد دار الكتب القطرية أقدم دار كتب وطنية في دول الخليج العربية، وجاء تدشينها بعد انتهاء عملية ترميم شاملة حافظت خلالها الدار على الطابع التاريخي للمبنى مع إضافة تحديثات تكنولوجية، ما يعكس الحرص على المحافظة على الإرث الثقافي والمعرفي لدولة قطر.

 وفي كلمته الافتتاحية قال الدكتور حسن النعمة رئيس مجلس أمناء جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي:
يطيب لي في هذه المناسبة العزيزة علينا جميعًا، والتي تتجدد في وطن تعز فيه الحكمة، وتلتئم فيه أطياف الألفة والتآلف، وتُعزز فيه قيم الثقافة والأدب والتاريخ والعرفان..
إنها، ولا عمري، مناسبة تُثير في نفسي عاطفة لا أستطيع كتمانها، فإن هذه الدار العزيزة على قلبي قد احتضنتني، وحمتني، وشدت من أزري، فأنا مدين لها، وللقائمين عليها بالكثير. لقد حييتُها في يوم افتتاحها، في ذلك الزمن، فلقد ألقيت قصيدة في يوم افتتاح تلكم الدار في تلكم السنوات المنصرمة واليوم ألقي قصيدة مع إعادة التأهيل والتجديد والذي يدل على اهتمام القيادة الرشيدة بدعم مصادر المعرفة والثقافة في قطر.

نشر المعرفة
وأكد الدكتور غانم بن مبارك العلي المعاضيد، الوكيل المساعد للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /‏قنا /‏ أن إعادة افتتاح دار الكتب القطرية تأتي في إطار إستراتيجية الوزارة لدعم الكتاب ونشر المعرفة، مشيرًا إلى أن الدار تُعدّ أول مكتبة وطنية في منطقة الخليج العربي، وستواصل دورها الرائد في حفظ التراث ونشر الثقافة.
وأوضح الدكتور المعاضيد أن الافتتاح الحالي يُعدّ بمثابة تشغيل تجريبي، على أن يتم تدشين الدار بشكل كامل قريبًا، مشيرًا إلى أن التطوير الذي شهدته الدار يعزز من قدرتها على استقبال القراء والباحثين بانتظام، ويوفر لهم إمكانية الاطلاع على مجموعاتها الغنية من الكتب والوثائق.
وأضاف أن الدار ستتيح عضويات للراغبين في الاستفادة من خدماتها، كما أنها ستنظم مجموعة من الفعاليات الثقافية، من بينها ندوات وورش عمل، بالإضافة إلى معرض مصاحب يُبرز جانبًا من مقتنياتها القيمة. وأشار إلى أن هناك مشروعات رقمية تهدف إلى إتاحة المخطوطات والكنوز الوثائقية للجمهور بعد إتمام عمليات الصيانة والترميم، وذلك ضمن جهود الوزارة في تحديث المكتبات وتوسيع نطاق الوصول إلى المعرفة. وفيما يتعلق بدور الدار في حفظ التراث والمخطوطات
وأوضح أن دار الكتب القطرية ستشارك في معرض الدوحة الدولي للكتاب، حيث ستعرض مجموعة من أبرز إصداراتها، وستكون لها أيضًا برامج ثقافية تعزز من الحراك الثقافي، من خلال ملتقيات تجمع المؤلفين والناشرين، بالإضافة إلى افتتاح قاعة استقبال جديدة ومتجر لبيع الكتب يخدم جمهور القراء والمثقفين.

منارة للمعرفة
من جهته قال السيد إبراهيم عبدالرحيم البوهاشم السيد، مدير عام دار الكتب القطرية، في تصريح لـ «العرب»: تُعَدُّ دار الكتب القطرية من أقدم المكتبات الوطنية في منطقة الخليج العربي، حيث تأسست عام 1962، لتكون منارة للمعرفة والثقافة في قطر. وقد شهدت الدار مؤخرًا عملية إعادة تأهيل شاملة، بهدف تعزيز دورها كمركز ثقافي متكامل يلبي احتياجات الباحثين والمهتمين بالتراث.
 وأضاف: تضم الدار مجموعة غنية من الكتب والمخطوطات النادرة، بما في ذلك أكثر من 1200 مخطوطة في مجالات متنوعة مثل الفلك، والحساب، والطب، والكيمياء، مكتوبة باللغات العربية، والفارسية، والتركية. كما تحتوي على دوريات قديمة منها أول إصدارات للصحف وخاصة صحيفة العرب وخرائط تاريخية، مما يجعلها مصدرًا ثمينًا للباحثين والمهتمين بالتراث.
وقال إن دار الكتب سوف تقدم العديد من الخدمات للباحثين والمثقفين منها الإعارة الخارجية: تمكين الأعضاء من استعارة الكتب للاطلاع الخارجي، توفير قاعات مجهزة للقراءة والبحث داخل الدار، خدمة التصوير: إتاحة نسخ من المواد للباحثين والمهتمين، لافتا إلى أن قاعة الدوريات تعرض المجلات والصحف القديمة والحديثة للاطلاع فقط، إلى جانب المخطوطات والكتب النادرة: إتاحة الوصول إلى المخطوطات والكتب النادرة للباحثين، توفير مجموعة من الرسائل الجامعية للطلاب والباحثين، مشيرا إلى أن الدار تسعى إلى رقمنة محتوياتها، بهدف تسهيل الوصول الإلكتروني إلى مواردها، وضمان حفظها للأجيال القادمة.
وأشار البوهاشم إلى الحاجة الماسة لتوسعة الدار، التي تضم 400 ألف كتاب بخلاف المخطوطات والدوريات، مؤكدًا أنه يتم حاليًا العمل على ترميم ومعالجة الكتب وتجديد تجليدها، كما كشف عن استعداد الدار للانتقال إلى مرحلة الرقمنة، حيث سيتم الاعتماد على تقنية رقمنة الميكروفيلم لضمان استدامة المحتوى الثقافي.
وأضاف أن دار الكتب القطرية تطمح إلى أن تكون مركزًا ثقافيًا يجمع الكتّاب والمثقفين والمبدعين، من خلال تنظيم الفعاليات والندوات والمعارض التي تعزز التواصل الثقافي والفكري. كما تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية التراث والمحافظة عليه، وتشجيع الأجيال الجديدة على الاستفادة من هذا الإرث الثقافي الغني.

صون التراث
ومن جهته أعرب سعادة السيد سعد بن محمد الرميحي، رئيس المركز القطري للصحافة، عن سعادته بإعادة تأهيل دار الكتب القطرية، مؤكدًا أنها تُعدّ واحدة من أعرق وأهم دور الكتب في منطقة الخليج العربي، وأول مكتبة وطنية في المنطقة، مما يعكس اهتمام دولة قطر، منذ عقود طويلة، بحفظ المخطوطات والكتب النادرة وصون التراث المعرفي العربي.
وأشار الرميحي إلى أن دار الكتب القطرية تحتضن مجموعة فريدة من الكتب والمخطوطات التي يعود تاريخ بعضها إلى قرون مضت، ما يجعلها إرثًا ثقافيًا عربيًا خالدًا. كما ثمّن جهود وزارة الثقافة، بقيادة سعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، في إعادة تأهيل الدار لتكون أكثر من مجرد مكتبة، بل لتصبح منارة إشعاع فكري وثقافي للأجيال القادمة.
وأضاف الرميحي أن افتتاح دار الكتب القطرية بحلتها الجديدة استرجع لديه ذكريات سنوات طويلة، حيث كان، في سبعينيات القرن الماضي، يرتاد دار المطالعة داخل المكتبة، والتي كانت آنذاك تعج بالشباب القطريين المتعطشين للمعرفة والمطالعة. وأوضح أن الدار، عبر تاريخها، كانت ملتقى للثقافة والفكر، ومصدرًا للمعرفة التي استقطبت رواد الفكر من مختلف الأجيال.

أقدم مكتبة في المنطقة
ومن جهته قال السيد محمد سعيد البلوشي خبير التراث في وزارة الثقافة في تصريح لـ»العرب» إن إعادة افتتاح دار الكتب القطرية بحلتها الجديدة، هذا الصرح الثقافي العريق الذي تأسس عام 1962، والذي يُعد من أقدم المكتبات الوطنية في المنطقة، لقد كانت دار الكتب القطرية منذ إنشائها منارة للعلم والثقافة، وبيتًا للمعرفة يحتضن بين جدرانه تراثنا الفكري والأدبي. واليوم، ونحن نعيد افتتاحها بعد أعمال الترميم والتطوير التي نفذتها هيئة الأشغال العامة، نؤكد التزامنا بالحفاظ على هذا الإرث الثقافي وتعزيزه للأجيال القادمة.
إن إعادة افتتاح دار الكتب القطرية ليست مجرد حدث احتفالي، بل هي تأكيد على دورها المحوري في تعزيز الهوية الوطنية، وتوفير بيئة ملائمة لمحبي القراءة والمطالعة. كما أن ترشيح مبنى الدار كصرح ثقافي للتسجيل في قائمة اليونسكو للتراث العالمي يعكس التقدير العالمي لأهمية هذا المعلم الثقافي.
 وثمن البلوشي الجهود المبذولة لإعادة ربط الدار بالمجتمع، سواء من خلال الأنشطة والبرامج الثقافية المتنوعة أو عبر تبني الأنظمة الإلكترونية الحديثة التي تسهل وصول الجمهور إلى مصادر المعرفة.
جدير بالذكر أن دار الكتب القطرية في حُلتها الجديدة، ستضم قاعتين، الأولى تحمل اسم الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني، حاكم قطر الأسبق، رحمه الله، والذي وجه بإنشاء دار الكتب القطرية، بينما ستحمل القاعة الأخرى اسم الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، أول وزير للتربية والتعليم في قطر.
 وتقدم الدار برنامجا ثقافيا اليوم (الثلاثاء)، ويستمر حتى السبت المقبل، ويتضمن معرضا للكتاب، تشارك فيه دور النشر القطرية، والتي ستعرض أحدث إصداراتها في مجالات المعرفة المختلفة، وسيقام في حديقة «اقرأ»، المحيطة بمبنى الدار، ما يعكس حرص الدار على أن تكون مصدر إشعاع ثقافي وفكري في المجتمع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق