أعرب السفير الروسي لدى البلاد فلاديمير جيلتوف عن استغرابه لـ «الكلام التصعيدي الذي صدر عن السفير الفرنسي لدى البلاد أوليفييه غوفان»، والذي قال فيه الأخير إن بلاده وشركاءها «مصممون على تقديم كل الدعم اللازم لأوكرانيا، لمواجهة العدوان الروسي، وعلى موسكو أن تفهم أننا سنظل صامدين ما دام كان ذلك ضرورياً».
وقال جيلتوف في تصريح لـ «الجريدة»: «ما أثار استغرابنا أخيراً هو ما قرأناه في عدد صحيفة (الجريدة) الصادر يوم الثلاثاء الماضي، مع التأكيد على احترامي لحرية الصحافة في الكويت، حيث تربطنا علاقات جيدة مع الكثير من وسائل الإعلام الكويتية»، مستدركاً: «ولكن ما دامت هنالك تصريحات من السفير الفرنسي في الكويت، فأنا كسفير لروسيا أود أن أرد على ما ورد على لسانه في المقال المنشور في صحيفتكم في 4 مارس».
وأضاف أن «هذا المقال من حيث الكلام التصعيدي يثير الشكوك في احترافية سفير يدلي بمثل هذه التصاريح في دولة اعتماده، وهي الكويت التي تمارس قيادتها الحكيمة سياسات متزنة وبراغماتية ومحايدة»، متسائلاً: «لماذا لجأ السفير الفرنسي الى المنصة الصحافية في أيامنا هذه؟ أما الجواب فهو واضح: ما دفعه الى هذه التصريحات الإعلامية هو أن التحوّلات الأخيرة في العلاقات الروسية - الأميركية أثارت هستيريا وضجة في العواصم الأوروبية، ومن بينها باريس، حيث تفتقد السياسات الفرنسية المتعصبة إزاء الأزمة الأوكرانية منطق السلام العادل للجميع، في حين تسعى واشنطن وموسكو إلى إعادة الأجواء الى الحكمة والعقلانية، وبالتالي، فإن التصريحات التي أدلى بها السفير الفرنسي لا تنسجم مع الوقائع والحقائق، والإحساس هو كأنه يعيش بعيداً كل البعد عما يحصل».
وأضاف جيلتوف أن «العالم شاهد ما حصل في البيت الأبيض خلال اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والتعليقات على هذا المشهد مليئة بالسخريات، فالزعيم الأوكراني في أثناء زيارته الفاشلة، طُرد من واشنطن بخجل، وكل تصرفاته أتت خلافاً للمنطق، وخلافاً لروح الوصول إلى السلام الحقيقي الذي يرضي جميع الأطراف، كما أن لقاء البيت الأبيض أظهر حقيقة شخصية الزعيم الأوكراني المنتهية ولايته، وأظهر كذلك طموحاته الحقيقية. فكلمة السلام لم تكن موجودة جملة وتفصيلاً لديه، بينما غلب منطق استمرار الحرب على حساب الدعم الخارجي، حيث إن زيلينسكي يقود الدولة الأوكرانية إلى الجحيم بسياسته وتصرفاته».فلاديمير جيلتوف:
• زيلينسكي طُرد من واشنطن بخجل... ويقود الدولة الأوكرانية إلى الجحيم بسياسته وتصرفاته
• كل حروب أوروبا اندلعت من غربها إلى شرقها... ونتائجها معروفة للجميع
• منطق الانتقام تجذّر في عقول القادة الأوروبيين... وعليهم أن يتعلموا من دروس الماضي
وقال السفير الروسي «إن أوكرانيا هي دولة جارة لنا، والشعب الأوكراني هو شعب شقيق، حيث كنّا نعيش معا في بلد واحد على مدى قرون، وهنالك الكثير من الأوكرانيين لديهم جذور روسية، وبالعكس».
وتابع: «على كل حال، يبدو أن السفير الفرنسي متأثر جداً بما حصل في لقاء البيت الأبيض الأخير، وأراد من خلال إطلالته عبر «الجريدة»، أن يُعبّر عن مواقف دولته التي تُجدد قيادتها الحالية التصريحات والعبارات النابوليونية (في إشارة إلى القائد الفرنسي نابليون بونابارت) في جو من الهستيريا والمخاوف من تحقيق سلام عادل ينهي الأزمة حول أوكرانيا من دون أي دورر لباريس».
وتمنّى السفير الروسي «ألا يُكرر السفير الفرنسي مثل هذه التصريحات التي تخرج عن إطار العمل الدبلوماسي في دولة الكويت التي تمارس سياسات حكيمة براغماتية غير منحازة، وخصوصاً في الوقت الذي نشهد فيه آمالاً متواضعة في العلاقات الروسية - الأميركية».
ولفت جيلتوف إلى أن «الطريق ما زال طويلاً ومليئاً بالعوائق وبالمطبّات غير الاصطناعية، أما فرنسا فهي الدولة التي ساهمت بوضع هذه العقبات في الطريق إلى السلام الحقيقي».
وتابع «إن وضعي الدبلوماسي لا يسمح لي بإهانة شخص ما، إنما نصيحتي لنظيري الفرنسي تكمن في الالتزام بأعراف وقواعد الدبلوماسية الحقيقية وليس عبر المنصات الصحافية أو أمام مكبرات الصوت».
وقال إن «الرئيس ترامب يُعبّر عن مصالح الشعب الأميركي الذي يحتاج إلى قادة مثله لتلبية تطلعاته ومتطلباته، وهي عديدة. ولكن هذا الأمر يخص الولايات المتحدة فقط، ونحن لا نتدخل في الشؤون الأميركية مهما تداولت الروايات الإعلامية»، لافتاً إلى أن «وصول ترامب مجدداً إلى السلطة قد خلط أوراق القادة الأوروبيين، حيث اجتاحت الهستيريا العواصم الأوروبية، وخير دليل على ذلك، تلك الضجة التي أثارها قرار ترامب بالعودة إلى الجنسين (ذكر وأنثى)، بدلاً من نحو 50 جنساً حسب التوصيفات الأوروبية».
وختم جيلتوف تصريحه: «أخيرا، لا تنسوا أن كل الحروب في أوروبا اندلعت من غربها إلى شرقها ونتائجها معروفة للجميع بما فيها الهجوم الفرنسي الفاشل تحت قيادة الإمبراطور نابليون بونابارت ضد روسيا عام 1812، ويؤسفنا أن نشير إلى أن منطق الانتقام تجذّر في عقول الجيل المعاصر للقادة الأوروبيين، وعليهم أن يتعلموا من دروس الماضي».
0 تعليق