محليات
16
الصيام يفكك الدهون ويحولها لمصدر للطاقة..
أميرة خالد نزال أخصائية التغذية العلاجية في مركز جامعة قطر الصحي التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية
الدوحة - الشرق
يأتينا شهر رمضان المبارك محمّلًا بالخيرات والبركات، فهو ليس فقط شهر الطاعات والتقرب إلى الله تعالى، بل يمثل أيضًا فرصة ذهبية لتحسين الصحة الجسدية وتصحيح العادات الغذائية. يسهم الصيام في مساعدة الجسم على التخلص من السموم المتراكمة نتيجة الأنماط الغذائية غير الصحية طوال العام، مما يعزز جودة الحياة ويُحسن من أداء الأجهزة الحيوية. يقول الله تعالى: "وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة: 184)، في إشارة إلى الخير الذي يحمله الصيام للنفس والجسد معًا.
وتقول أميرة خالد نزال أخصائية التغذية العلاجية في مركز جامعة قطر الصحي التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية انه خلال ساعات الصيام الأولى، يعتمد الجسم على الطاقة القادمة من الكربوهيدرات المخزنة من الوجبة الأخيرة، وتُمتص العناصر الغذائية من الطعام في الأمعاء. وعند نفاد مخزون الجلوكوز يبدأ الجسم في استخدام الدهون كمصدر بديل للطاقة، وهو ما يساهم في فقدان الوزن وتنظيم عمليات الأيض، إلى جانب دوره في تعزيز الصحة العامة.
تنوع مصادر السموم
وتتنوع مصادر السموم التي تتراكم في الجسم، فمنها ما يأتي من البيئة المحيطة كالماء والهواء الملوثين، ومنها ما يدخل الجسم عبر الأطعمة المصنعة والمحتوية على المبيدات الحشرية، المواد الحافظة، النكهات والألوان الصناعية. كما يمكن أن تتراكم السموم نتيجة التعرض المستمر للفيروسات، الجراثيم، وحتى بعض الأدوية التي قد تترك بقايا ضارة داخل الجسم. إن هذه السموم من أبرز مسببات الأمراض المزمنة، لكن الصيام يمنح الجسم فرصة ذهبية للتخلص منها.
ويساعد الصيام في التخلص من السموم الذائبة في الدهون، حيث يستغل الجسم فترة الصيام لتفكيك الدهون واستخدامها كمصدر طاقة، مما يؤدي إلى تحرير السموم المختزنة وإخراجها من الجسم. كما أن الصيام يمنح الجهاز الهضمي فترة راحة يحتاجها لإعادة التوازن البكتيري المفيد، ويتيح للكبد فرصة للتركيز على إتمام عمليات البناء وتجديد الخلايا، بدلًا من الانشغال الدائم بإنتاج العصارة الصفراوية للهضم.
نظام غذائي صحي
يُسهم الصيام أيضًا في توفير الطاقة التي تُستهلك عادة في هضم الطعام، مما يسمح للجسم باستخدام هذه الطاقة في دعم أجهزة الإخراج وتعزيز عملية التخلص من السموم، إلى جانب تنشيط جهاز المناعة وتجديد الدم من خلال بناء خلايا دم جديدة وإنتاج إنزيمات تساعد على تحسين وظائف الأعضاء.
لزيادة كفاءة الجسم في التخلص من السموم أثناء الصيام، يُنصح باتباع نظام غذائي صحي خلال ساعات الإفطار. ومن العادات المفيدة التي تُعزز صحة الجهاز الهضمي وتُساعد على طرد السموم:
• ممارسة الرياضة الخفيفة أو المشي قبل الإفطار، مما يُحفز الدورة الدموية ويساعد الجسم على التخلص من السموم المتراكمة.
• بدء الإفطار بتناول التمر مع كوب من الماء أو اللبن، يُشرب ببطء لتهيئة المعدة لاستقبال الطعام، مع أداء صلاة المغرب قبل تناول الوجبة الرئيسية.
• تناول طبق من الشوربة في بداية الإفطار، لتليين المعدة وتقليل فرص الإصابة بعسر الهضم أو اضطرابات القولون.
• مضغ الطعام ببطء لتسهيل عملية الهضم ومنح المعدة الوقت الكافي لاستيعاب الطعام دون إرهاق.
• الحد من تناول الحلويات التي تزيد الشعور بالعطش، واستبدالها بالفواكه الغنية بالماء والألياف.
التدخين والكافيين
بالإضافة إلى ذلك، تقول الاخصائية اميرة نزال: هناك نصائح غذائية يمكن اتباعها على مدار العام للمساهمة في تقليل السموم الداخلة إلى الجسم، مثل التركيز على تناول الخضراوات والفواكه الطازجة، تجنب الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات البسيطة، الحد من استهلاك الأغذية المصنعة والمعالجة، والحرص على شرب كميات كافية من الماء يوميًا (من 2 إلى 3 لترات). كما يُنصح بالابتعاد عن التدخين والكافيين، والحفاظ على نظافة الطعام، والتأكد من صلاحيته قبل تناوله، إلى جانب ممارسة النشاط البدني بانتظام لدعم صحة القلب والأوعية الدموية.
إن شهر رمضان يُمثل فرصة حقيقية لتطهير الجسد من السموم، وتجديد الطاقة الجسدية والروحية. ومع اتباع نظام غذائي متوازن وعادات صحية سليمة، يمكن للصيام أن يكون وسيلة فعالة لتعزيز الصحة العامة، وتحقيق التوازن الداخلي، مما يُمكّن الجسم من استعادة نشاطه وحيويته ليُكمل رحلته بقوة ونقاء.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
0 تعليق