عربي ودولي
8

غزة - قنا
يتواصل لليوم السابع على التوالي إغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي لجميع المعابر مع قطاع غزة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية إليه، ما ألقى بظلال ثقيلة على سكان القطاع الذين ما زالوا يضمدون جراح العدوان الإسرائيلي غير المسبوق والذي استمر أكثر من 15 شهرا وخلف عشرات آلاف الشهداء والجرحى.
وتزامن إغلاق المعابر مع دخول شهر رمضان المبارك، ما فاقم معاناة السكان، وجعل المشهد يبدو أكثر تعقيدا ومأساوية على صعيد توفير متطلبات الشهر الفضيل.
ومع مضي اليوم الثامن من شهر رمضان على سكان قطاع غزة، واستمرار منع دخول المواد الغذائية وما يصاحبها من احتياجات، فإن كثيرا من طقوس الشهر الفضيل وتقاليده وعاداته بدأت تختفي أو تتراجع من حياة الغزيين، مع تخوفات من عودة شبح المجاعة مجددا، واختفاء المواد التموينية الأساسية التي يكثر استهلاكها لدى سكان القطاع في شهر رمضان، مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق المعابر.
وبدت الحركة الشرائية في أسواق غزة ضعيفة، في ظل شح المواد الأساسية، وغلاء أسعار المعروض منها، حيث اختفت سلع وبضائع لعدم دخولها إلى القطاع، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية المستهلكة في رمضان مثل السكر والزيت والأرز، والخضروات والفواكه، ولم تعد معظم الأسر الفلسطينية قادرة على شراء ما تحتاجه.
ورصد مراسل وكالة الأنباء القطرية /قنا/ أثناء جولة في بعض أسواق القطاع، خلوها من أصناف اللحوم و الدواجن، والتي كانت تدخل غزة من خلال التجار المستوردين للحوم المجمدة، في ظل انعدام اللحوم الطازجة، حيث قضى العدوان الإسرائيلي على معظم مزارع الأبقار والدواجن التي كانت تزود السوق المحلي باللحوم طيلة العام، وفي شهر رمضان خصوصا.
وأكد شاهر الحلو أحد تجار ومستوردي اللحوم، أن اللحوم المجمدة اختفت من الأسواق عقب إغلاق الاحتلال معبر كرم أبو سالم، ومنع إدخال البضائع، وأن ما تبقى منها أسعاره مرتفعة جدا وليست في متناول السكان الذين أرهقتهم الحرب، وخرجوا منها بواقع اقتصادي ومالي سيئ جدا.
وقال في حديث لمراسل وكالة /قنا/: "عادة في شهر رمضان يكثر الطلب على اللحوم، حيث تقوم الأسر بأعداد أطباق متنوعة من اللحوم الحمراء او البيضاء، إضافة إلى الولائم والعزائم التي تعتاد الأسر الغزية على تنظيمها لبعضها خلال الشهر الفضيل، لكن اختفاء اللحوم من الأسواق عقب إغلاق المعابر حرم الناس من التغذية السليمة، ومنعهم متعة وأجر الشهر الفضيل في إفطار الصائمين".
كما أدى إغلاق المعابر إلى انعدام الوقود وغاز الطهي تحديدا، وهو ما أصاب معظم المطاعم والمطابخ الشعبية والتكيات الخيرية بالشلل، وإعلان إغلاق بعضها لعدم توفر المواد الغذائية الأساسية لتشغيلها، وانقطاع غاز الطهي.
وفي هذا السياق قال محمد شاهين، أحد القائمين على تنفيذ تكيات خيرية توزع الطعام على النازحين، والأسر الفقيرة والمحتاجة في غزة، : "بمجرد توقف توريد غاز الطهي بعد إغلاق الاحتلال المعابر، تولدت لدينا أزمة غاز الطهي الذي كنا نستخدمه لطهي كميات كبيرة من الطعام في التكيات الخيرية وتوقف عملنا مباشرة".
وأضاف : "تمكنا بتأمين بعض كميات الغاز منذ فتح المعابر بعد وقف إطلاق النار، لكنها نفدت جميعها، ومع دخول شهر رمضان حيث نستهلك كميات أكبر، وتزامن ذلك مع منع إدخال غاز الطهي، تولدت لدينا مشكلة في عدم قدرتنا على طهي ما يتوفر من طعام، خاصة في ظل انعدما الأخشاب وارتفاع أسعارها وعدم القدرة على الطبخ على الحطب بسب ارتفاع سعره وسوء الأحوال الجوية، وهو ما دفعنا للإعلان عن إغلاق عدد من التكيات الخيرية".
وأكد شاهين أن إغلاق "التكيات" يزيد الحياة صعوبة على الأسر والأهالي خاصة في مراكز الإيواء والنازحين الذين يعتمدون بشكل أساس في وجباتهم خلال رمضان على ما تقدمه لهم، في ظل شح المواد الغذائية وارتفاع أسعار ما يتوفر منها".
ومن ناحيته، أكد سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن استمرار قرار الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المعابر ومنع المساعدات من الدخول لقطاع غزة لليوم السابع، أثر بشكل كبير وملموس على الواقع الإنساني خاصة خلال شهر رمضان المبارك.
وقال في حديث لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ :"جريمة الحرب والجريمة ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال بمنع المساعدات تطال بتأثيراتها كل سكان قطاع غزة، وتمنع توفير لقمة الغذاء، حيث يعتمد سكان القطاع بشكل كامل في توفير غذائهم على المساعدات والطرود الغذائية التي توفرها القطاعات الاغاثية المختلفة، في ضوء توقف كل قطاعات العمل والانتاج بسبب العدوان".
وأضاف "كما تطال تأثيرات المنع والقرار الإسرائيلي قطاع المياه في غزة والتي يزداد استهلاكها في شهر رمضان لحاجة الأسر للطهي والتنظيف بعد وجبات الإفطار والسحور، وقد توقفت البلديات عن توفير المياه للمواطنين، سواء للاستخدام المنزلي من خلال عدم قدرة البلديات على تشغيل الابار التي تعمل بالوقود، أو توفير المياه الصالحة للشرب من محطات التحلية التي أيضا تعتمد في تشغيلها على الوقود".
وكان الكيان الإسرائيلي وعقب انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، قرر يوم 2 مارس، إغلاق معبر كرم أبو سالم، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهو ما سبب معاناة وأزمة إنسانية متجددة لسكان القطاع، عقب توقف دخول المساعدات الغذائية والإيوائية والخيام، وتوقف توريد الوقود ما عطل معظم المشاريع الإغاثية التي عملت المؤسسات المحلية والدولية على تنفيذها لإغاثة السكان عقب العدوان الإسرائيلي الذي استمر 15 شهرا على القطاع.
وشن الكيان الإسرائيلي حرب إبادة جماعية ضد قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023، دمر فيها البنية التحتية، وقضى على المنشآت الاقتصادية والتجارية والصناعية، والمؤسسات الحكومية والمجتمعية، وقتل وأصاب نحو 160 ألف بين شهيد وجريح، فيما بقي نحو 11 ألف آخرين في عداد المفقودين تحت الركام وأنقاض المنازل.
يذكر أنه في 19 يناير الماضي وبوساطة قطرية ومصرية وبدعم أمريكي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة /حماس/ والكيان الإسرائيلي، الذي انتهت مرحلته الأولى بعد انقضاء 42 يوما، ويرفض الاحتلال التفاوض لبدء المرحلة ثانية ثم ثالثة.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق