- تجربة «الشيم» الأولى من نوعها بالمنطقة... وجودتها تعادل أسماك البحر
- استزراع «الصبيطي» و«الهامور» في مياه قليلة الملوحة يعرضها للأمراض
- يمكن استيراد أسماك غير متوافرة بمياه الخليج وزراعتها... مثل السيباس الاسترالي
- طعم الأسماك المستزرعة يعتمد على نوعية الأعلاف المستخدمة في الأحواض
- في الإمكان سدّ الحاجة المحلية والتصدير للخارج... إذا واصلنا الاستزراع بشكل جيد
- استمرارية الاستزراع ستجعل الإنتاج السمكي أحد مصادر الدخل في الكويت
- التحكم في بيئة الاستزراع من خلال جودة المياه وضمان خلو الأطعمة من الملوثات
أعلنت رئيسة مشروع استزراع أسماك الشيم، الباحثة في معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتورة أماني الياقوت، عن توجه جديد لزراعة أسماك الزبيدي في الكويت، إلى جانب أنواع أخرى من الأسماك سيعلن عنها المعهد لاحقاً، مؤكدة قدرة المعهد على استيراد يرقات لأسماك لا تتوافر في مياه الخليج وتربيتها لتصبح أمهات، ويمكن الحصول على صغارها طوال العام، لاسيما «السيباس» الأسترالية.
واستعرضت الياقوت، في حوار مع «الراي»، تفاصيل استزراع أسماك الشيم في الكويت ونجاحها، مؤكدة أن التجربة تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، مبينة أن طعم الأسماك المستزرعة يعتمد على نوعية الأعلاف المستخدمة في الأحواض، وأن جودة «الشيم» المستزرعة كانت تعادل جودة الموجودة منها في البحر من حيث الطعم والحجم.
وقالت إنه «يمكننا سدّ حاجة السوق المحلي والتصدير للخارج أيضاً، من الأسماك المستزرعة، في حال استمرار صناعة الاستزراع السمكي، الأمر الذي ستجعل الإنتاج السمكي أحد مصادر الدخل في الكويت».
وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
• كيف راودتكم فكرة استزراع الأسماك في الكويت؟
- للمساهمة الفعالة في توفير الأمن الغذائي، كان لابد من تطوير تقنيات استزراع الأسماك التي يمكن تربيتها وإنتاجها بكميات تجارية، باستخدام المياه قليلة الملوحة المتوفرة في مزارع الوفرة والعبدلي، وبكفاءة عالية وأقل مدة ممكنة، وذلك لتقليل التكلفة وزيادة الأرباح لضمان نجاح الاستثمارات في هذا المجال المهم، واستمرارية مشاريع الاستزراع السمكي، وبالفعل تم استقدام أسماك السيباس الأسترالي، الشهيرة بأنها من أفضل الأنواع المستزرعة عالمياً، بشكل تجاري ناجح.
• أما كان في الإمكان استزراع أسماك من الأنواع المحلية؟
- كان لدي حلم لاختيار أحد أنواع الأسماك المحلية سريعة النمو، من تلك التي تعيش وتنمو بشكل جيد في المياه قليلة الملوحة، وذلك لأن «الصبيطي» و«الهامور» يصعب استزراعها في مياه قليلة الملوحة (أقل من 15 جزءاً من الألف) ما يجعلها عرضة للإصابة بالأمراض وبالتالي يقل نموها، لذا فهي تحتاج المياه البحرية لتنمو وتصل للحجم التسويقي بعد 18 شهراً على الأقل من التربية والتسمين.
ومن خلال خبرات الباحث في معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور محسن الحسيني في مجال مصايد الأسماك، حصلنا منه على معلومات مهمة بخصوص «الشيم»، وأجريت دراسة على عدد قليل منها من خلال عضمة الأذن ومقارنتها مع الأحجام، وأكدت النتائج ما تم نشره من قبل في عدد من المنشورات العلمية العالمية، بخصوص سرعة نمو هذه الأسماك في المحيطات، ما يجعلها أحد الأنواع الجيدة للاستزراع، إضافة إلى أنها تعيش عند مصبات الأنهار، وهذا متوفر في الكويت عند خوارير جزيرة بوبيان.
• وهل نجحت التجربة؟
- فكرة المشروع الأساسية، كانت في الحصول على البيض الملقح من أمهات الأسماك ودراسة إمكانية تربية يرقات «الشيم» إلى حجم إصبعيات (3-5 غرام) فقط، ثم تربيتها للحجم التجاري، وتم الإعلان عن هذا النجاح في فبراير 2023، والذي كان الأول من نوعه في الشرق الأوسط.
• وأين وصل المشروع؟ هل توقفتم هنا؟
- لم نتوقف عند ذلك، بل دفعنا الطموح للعمل نهاراً وليلاً ودون توقف، لاستكمال النجاح، وتمت تربية الأسماك للحصول على أفضل الأمهات من «الشيم» في الآسر داخل الأحواض المغلقة، وتوفير كل ما تحتاجه من غذاء وعناية، حتى الحصول على البيض الملقح واليرقات وتربيتها، باستخدام الغذاء الحي، ومن ثم من بعد اتمامها مرحلة الحضانة، تبدأ عملية تغذيتها بواسطة الأعلاف التجارية المخصصة، ووصلت أحجام الأسماك الصغير الآن إلى نحو 200 غرام.
• لكن هل كانت أسماك الشيم المستزرعة، بمستوى الطبيعية المتداولة في السوق، في الشكل والحجم والطعم؟
- طعم الأسماك المستزرعة، بشكل عام، يعتمد في مقامه الأول على نوعية الأعلاف المستخدمة وجودتها، ونوعية المياه في الأحواض ونقاوتها، لذلك كانت اسماك الشيم المستزرعة بجودة تعادل الأسماك الطبيعية من البحر.
• هل تعتقدين أن عملية الاستزراع قادرة على سدّ حاجة السوق المحلي؟
- اذا استمر نهوض صناعة الاستزراع السمكي في الكويت، بالشكل الصحيح، نستطيع القول إنه من الممكن سد حاجة السوق المحلي وردم الفجوة بين العرض والطلب، وأبعد من ذلك نستطيع التأكيد على إمكانية التصدير إلى دول الجوار أيضاً.
• هل قمتم باستزراع أنواع أخرى من الأسماك؛ مثل الصبور والحمرا والبني؟
- لم نقم باستزراع هذه الأنواع حتى الآن، لكن هناك خطط مستقبلية للتركيز على استكمال حلقة استزراع «الزبيدي»، إضافة إلى خطط لاستزراع أنواع جديدة سيتم الإعلان عنها مستقبلاً.
• هل من الممكن استيراد يرقات لأسماك أخرى ومن ثم استزراعها في المعهد؟ أعني أسماكاً لا تتواجد في مياه الخليج، مثل السيباس التركي؟
- بالطبع، وهذا ما حدث مع «السيباس» الأسترالي، الذي تم استيراد صغارها من الخارج وتربيتها لتصبح أمهات، والحصول على صغار «السيباس» ممكن طوال العام.
• أيهما الأفضل، برأيك، السمك الطبيعي أم المستزرع، ولماذا؟
- في الوقت الحالي، ومع زيادة الملوثات في بحار العالم ومحيطاته وأنهره، تعتمد جودة الأسماك على جودة المرعى وبعدهل عن مصادر التلوث في بيئتها الطبيعية، أما الأسماك والكائنات البحرية الأخرى المستزرعة، مثل المحار، فيمكن التحكم في بيئة استزراعها وجودة مياهها الحاضنة وضمان خلوها من الملوثات غير المرغوب فيها في الأطعمة البحرية.
• هل من كلمة أخيرة؟
- أتمنى أن يصبح الإنتاج السمكي في الكويت، أحد مصادر الدخل في القريب العاجل، من خلال نهضة واستمرارية صناعة الاستزراع السمكي الناجح في بلدنا الغالي.
خفض الضغط على المخزونات
قالت الدكتورة أماني الياقوت إن فكرة الاستزراع السمكي نبعت في أذهان العلماء في مجال توفير الأمن الغذائي حول العالم، استناداً إلى الزيادة السكانية الضخمة والمتزايدة بجميع القارات، والتي أدت بدورها إلى الضغط الشديد على المخزون الطبيعي للأسماك والقشريات ذات القيمة التجارية.
وذكرت أن العلماء توصلوا إلى أن تربية الأحياء المائية، أو الاستزراع السمكي، هي الحل الأمثل لتلبية الطلب المتزايد على المأكولات البحرية، وتخفيض الضغط على المخزونات السمكية العالمية.
«المُستزرع» يغطي 52 في المئة من الطلب العالمي
بيّنت الدكتورة الياقوت أن صناعة الاستزراع السمكي تنمو بشكل سريع جداً حول العالم، مقارنة بغيرها من قطاعات إنتاج الغذاء الرئيسية الأخرى، وبحسب آخر تقرير لمنظمة (FAO)، فإن هذه الصناعة المهمة توافر 52 في المئة من الطلب على الأسماك في الأسواق العالمية.
15 في المئة من الاحتياج المحلي يغطيها الاستزراع
ذكرت الدكتورة الياقوت أن الثروة السمكية المحلية مهددة بشكل كبير، بسبب عوامل عديدة، منها الصيد الجائر، والتلوث، وارتفاع نسبة الملوحة بسبب التغيرات في شمال الخليج العربي، وهدم الموائل الأساسية لصغار الأسماك والروبيان، والتطور الحضاري على السواحل والتغيرات المناخية.
وأكدت أن صناعة الاستزراع توافر نسبة 15 في المئة فقط من احتياج السوق المحلي من الأسماك والقشريات، ويتم استيراد 85 في المئة من الأسواق الإقليمية والعالمية، وأدى هذا الوضع غير المرغوب فيه، إلى ارتفاع كبير في أسعار المأكولات البحرية الطازجة.
«الشيم»... تجاري بامتياز
اعتبرت الدكتورة الياقوت أسماك الشيم من أهم الأنواع التجارية، حيث تنتشر في سواحل 30 دولة، تشمل الخليج العربي بداية من الكويت والعراق والبحرين وقطر، إلى إيران والسعودية وعمان والهند وسريلانكا وباكستان، وتايوان وغينيا واليابان وفيتنام وسنغافورا والفلبين وماليزيا، وغيرها من دول شرق آسيا والساحل الشمالي لقارة استراليا، مؤكدة أن لها قيمة اقتصادية عالية جداً في الكويت.
الوضع البيئي
بيّنت الدكتورة الياقوت أن تقييم الوضع البيئي للمخزون الطبيعي لأسماك الشيم، وضعها على القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض عالمياً، منذ العام 2014، مشيرة إلى أن هذه القائمة توضع بواسطة الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ومواردها (IUCN) التابع للأمم المتحدة.
وذكرت أنه تم التواصل مع المنظمة للاتفاق على التعاون مع «معهد الأبحاث»، من أجل الحفاظ على الشيم وضمان عدم اختفائه من مياه الخليج العربي.
0 تعليق