'لن نسمح للديمقراطية أن تدمر الدولة'... أشرقت شمس العهد

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

"لن نسمح للديمقراطية أن تدمر الدولة"، هذه عبارة مفتاحية مرت في الأوبريت التي حضرها صاحب السمو الأمير خلال الاحتفالات الوطنية.

جملة مقتبسة من إحدى خطب سموه، ولها دلالات كثيرة في عهد أشرقت شمسه على الكويت، بعد صراع مرير أدى إلى تقويض مكتسبات تحققت في العقود الأولى للدولة، ما أورث تركة ثقيلة بعدما توقف قطارها عند مفترق المصالح والمغانم حتى على حساب الشعب والمصير.

في كل ذلك كانت هناك تشريعات تطبخ على نار "الهبش" من المال العام، والتعيينات الهادفة إلى الإمساك بمفاصل المؤسسات، كي يتمصلح منها نواب ومتنفذون، لذا وجدنا نحو 900 قانون، إما هرمت أو بقيت "على طمام المرحوم"، وإما عدلت لحاجات في "نفس يعقوب" وما أكثر "اليعاقبة" في مؤسساتنا، وكلها كانت قائمة على مبدأ "شيلني أشيلك".

التشريعات هذه استُغلت كي تُمارس كل الموبقات، أكان التلاعب بالهوية الوطنية، التي حسمها أمير العهد منذ اللحظات الأولى لتوليه زمام الحكم، لإدراكه أن أي إصلاح لا يمكن أن يستقيم إلا بالولاء الخالص للوطن، فالإنسان لا يمكنه أن يعيش بقلبين، وهناك الكثير من الدول تمنع الحصول على الجنسية بالتزوير أو التلاعب، أو الولاء المزدوج، مع التأكيد أن أحداً لن يظلم، لأن الظلم ظلمات.

في المقابل كان التعدي على المال العام مفخرة، ليس عاراً، وهذا تسويغ للسرقة والنهب، ولهذا سادت مقولة "من صادها عشى عياله" في المشاريع التنموية التي كانت تنوء تحت وطأة بدعة "الأوامر التغييرية"، لذا توقف الكثير منها لسنوات، وتأخر التنفيذ، لأن "المال السائب يثير شهوة الحرامية"، لذا صيغت المناقصات كي يكون أصحاب الحظوة وحدهم المستفيدين منها.

لذا كانت الخطوة الثانية في عملية الإصلاح، الطويلة والشاقة، إلغاء الوكيل المحلي، وهي أساس لإقفال صنابير الهدر المالي، والزمني، وهذه الأخيرة الأهم، لأن التأخير في التنفيذ يضيع على الدولة الكثير، خصوصاً إذا كانت في مشاريع كـ"المطار" أو "ميناء مبارك الكبير" أو "المدينة الجامعية"، أو المناطق الحرة، وحتى الأمن الغذائي، والطرق وسوء تنفيذ ترميمها.

أضف إلى ذلك أن شمس العهد أشرقت فكشفت الكثير من "الخمام" في موضوع التجارة بالبشر، الذي كان سُبة في جبين الكويت أمام المؤسسات الدولية، كما أنه تسبب بإقفال البلاد، لأن تجار الإقامات كانوا يسعون إلى الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المال الحرام، لهذا وضعوا العقبات أمام استقدام العمالة، وفرضوا "خُوات" على العامل الفقير، يدفعها سنوياً، فيما يرمى في الشوارع كي يواجه مصيره.

هؤلاء كانوا السبب في ارتفاع معدل الجريمة، لأن الجائع مستعد لفعل أي شيء كي يحصل على لقمته، فكيف إذا كان في غربة؟

ذلك كان يجري "عيني عينك"، لذا أمر العهد بإصدار قانون الإقامة الجديد الأكثر رحمة بالكويت، قبل أن يكون للوافدين والمقيمين.

أشرقت شمس العهد فأظهرت الكثير من المفاسد، أكان في معاشات استثنائية لشخصيات مهمة، وفساد وزراء ووكلاء، وغيرهم الكثير، ممن كانوا ينظرون إلى الكويت وكأنها قطعة جبنة من "هبش" أكثر منها اتقى شر الفقر، ما يعني أن أولئك لم يكونوا يؤمنون بالكويت وطناً وملاذاً، وهذا لا يؤسس ولاء وطنياً خالصاً يتماشى مع التضحيات الكبيرة التي بذلها الآباء والأجداد في سبيل الكويت.

كل هذا أدى إلى ناتج وطني ضعيف، والهدف كان القطع من اللحم الحي، لذا كثيراً قرعت مراكز الأبحاث المرموقة، الدولية والمحلية، أجراس الإنذار الاقتصادي للتخلص من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، لكن المثل الشعبي "عمك اصمخ" هو السائد لأن العزة بالإثم جعلت "النفس أمارة بالسوء".

لهذا هناك اختلال هيكلي كبير لم يلقَ أي علاج جوهري يؤدي إلى النهوض بالاقتصاد كما ينبغي، فيما المطلوب وجود عقول فذة قادرة على إدارة الاستثمارات، واستغلال الفرص، وتهيئة الأرضية لاقتصاد متين، وهي مهمة الحكومة وتنفيذ أوامر العهد.

نعم، أشرقت شمس العهد على الكثير مما تركته الأيام الخوالي من عبث سياسي واقتصادي واجتماعي، وثقافي كاد يذهب بالبلد إلى مهاوي لا يمكن احتمالها، فيما كانت اللازمة دائماً "الشق عود والعون من الله"، وكأن الكويت ليست ولادة، وليس لديها قدرات يمكن الاعتماد عليها، أو أن الكويت محرم عليها الاستعانة بخبرات عالية عالمية كما في دول كثيرة؟

كل هذا الواقع الذي كان سائداً لخصته عبارة صاحب السمو "لن نسمح للديمقراطية أن تدمر الدولة" كانت مفتاح الحلول، فبارك الله في هذا العلاج.

الأحلام الكثيرة لا بد أن يخالطها الصواب والخطأ، فالمهم أن نضع هذه الأحلام "على السكة" كما يقول أهل مصر، فالذي لا يعمل هو من لا يخطئ.

  • أحمد الجارالله
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق