حسب الأنباء المتداولة، فإن الحكومة سمحت بمنح العراقيين فيزا سياحية، واعتقد ان هذه هي المرة الاولى التي تحدث بعد الغزو الظالم في الثاني من اغسطس 1990. واعتقد، وهذا رأيي، قد تأخر قرار فتح أبواب الزيارات بين البلدين، فالعراقيون يمنحون الكويتيين حالياً "فيز" زيارة سياحية او لزيارة العتبات المقدسة، او المناسبات الدينية، او زيارة عمل.
مهما حاولنا ان نعزل البلدين تبقى اسباب كثيرة تربطهما، فهناك الاسباب العائلية، وكذلك اسباب تجارية، فالكويت، وحتى تاريخ قصير، كان العراقيون يزورونها للتجارة، وكان الحجاج العراقيون ولا يزالون يمرون عبر الكويت للحج.
أما الكويتيون، فلا شك، لهم تاريخ جميل في مدن العراق كالبصرة وبغداد، والنجف وكربلاء، ومن الخطأ ان نكابر على بعضنا، لكن ايضاً من الخطأ ايضاً ان نتشكك، او نتكبر على بعضنا بعضاً، فهناك مشاركات كثيرة تربطنا، والفنون العراقية خاصة الغناء من الفنون التراثية التي تبقى قريبة ومحببة الى أذواق الكويتيين.
فتح ابواب البلدين الحل الامثل لكل المشكلات، التي لا تزال عالقة، وينبغي ان تعالج بنوايا اخوية، ولعل من حسن حظ العراقيين ان يأتيهم رجل في قامة السيد محمد شياع السوداني، الذي اثبت جدارته ونزاهته منذ توليه منصب رئاسة الوزراء. في عهده لوحظ تقدم عمراني وصناعي، واقتصادي، غير مسبوق، وهناك الكثير من القضايا العالقة بين الكويت والعراق ركبت قطار الحل.
في اعتقادي ان العراق يتقدم، بل لعله سيكون دولة منافسة في المنطقة، معوقات تقدم العراق في الظرف الحالي هي الميليشيات العسكرية والاحزاب الفوضوية وغير المنضبطة.
العراق يملك كل مفاتيح التقدم من أنهار وبحر ونفط وغاز وموقع يطل على جيران، يستطيع خلق تكتل صناعي وتجاري وسياحي، وتاريخ يمتد لآلاف السنين وشعب ذكي، واراضي لا تزال تنتظر من يصلحها، ثلث مساحة العراق لا تزال صحراء. أن يزور العراقيون او غيرهم الكويت للسياحة، ليست قضية، فالمسألة الاهم ماذا ينبغي ان نقدم لهم، هل نتوقف على سوق المباركية التراثي وكفى؟
السائح العربي لا تعنيه الآثار، لا هو في وارد صرف وقته لزيارة مدارس او مساجد قديمة، فعندهم اكثر، اما الاسواق فينبغي ان تقدم للسائح غير السلع المعروضة في أسواق بلدانهم.
مشكلتنا هنا حتى اليوم اننا لا نزال دولة منغلقة رغم ان الكويتيين اكثر شعوب المنطقة في السفر والسياحة، واول سياح اكتشفوا مناطق في العالم لم يصل اليها، او تجهلها شعوب المنطقة.
السائح يبحث عن اماكن يجد فيها الراحة والانس، وعن انواع من الفنون، غناء ومسرح وسينما، وكذلك يبحث عن المغامرات والتسلية.
كل هذه الامور محظورة، وان وجدت فخاضعة لرقابة المتزمتين، لذا عليكم ان تتخيلوا من هم هؤلاء، فيما الرقابة الحكومية لا تقل عن مراقبة المتزمتين.
لا ريب ان زيارة العراقيين للسياحة في الكويت قبل ان تكون سياحة هي انفتاح للقلوب بين شعبين جمعت بينهما الطباع الواحدة. إن الاجيال تتغير، والافكار تتغير، ولا ينبغي لكلا الجانبين، الكويت والعراق، ان يتجمدا عند مرحلة مؤسفة مطلوب تجاوزها، فهناك شعوب دخلت في حروب، وعادت العلاقات أقوى في ما بينهما.
صحافي كويتي
0 تعليق