عربي ودولي
16

سعادة الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط
الدوحة - قنا
كشفت سعادة الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، عن تعاون المنظمة مع دولة قطر في عدد من المبادرات الرائدة للنهوض بعدة قطاعات صحية هامة في إقليم شرق المتوسط، ومنها تطوير البنية التحتية الصحية، وتعزيز التعليم الطبي لتأهيل الكوادر الصحية، ومكافحة الإدمان، وطب الطوارئ.
وثمنت سعادتها الدعم الكبير الذي تقدمه دولة قطر لصالح أعمال المنظمة، سواء داخل إقليم شرق المتوسط أو على مستوى العالم مما ساهم في نجاح العديد من المشاريع الصحية في دول الإقليم سواء من خلال منظمة الصحة العالمية أو من خلال الدعم المباشر للدول.
وأكدت، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية قنا بمناسبة زيارتها للدوحة، أن دولة قطر تعد داعما رئيسيا لمبادرات منظمة الصحة العالمية في الإقليم، وأن الزيارة الحالية تهدف إلى استكشاف مجالات تعاون جديدة، وإمكانية دعم مبادرات إضافية تسهم في تعزيز الصحة العامة في المنطقة.
كما أشادت الدكتورة حنان بلخي بالدور الإيجابي لدولة قطر، حيث استضافت بنجاح كبير الدورة الحادية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في الدوحة عام 2024.
وأوضحت أن مبادرة "الرياضة والصحة" التي أطلقتها قطر ومنظمة الصحة العالمية بمناسبة استضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 كانت من بين أبرز المبادرات الناجحة، مؤكدة رغبة المنظمة في الاستفادة من التجربة القطرية في هذا المجال في البطولات الكبرى المقبلة.
كما نوهت بأهمية مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش"، والذي تستضيفه قطر منذ سنوات عديدة، مشيرة إلى وجود تعاون وثيق بين المنظمة والمؤتمر، وسعي الجانبين لتعزيز هذه المبادرة بشكل أكبر.
وأكدت الدكتورة حنان بلخي أن دولة قطر تلعب دورا محوريا في التصدي للأوبئة والأمراض المعدية، وتعزيز الأمن الصحي على المستويين الإقليمي والعالمي،
مبرزة أن التعاون مع قطر في هذا المجال يشمل الدعم المادي والتقني لعدد كبير من دول الإقليم.
وأوضحت أن أرقام الدعم المادي الذي تقدمه قطر تعكس التزامها العميق بمساندة الجهود الصحية الدولية، ما يعزز قدرات الدول في مواجهة التحديات الصحية المختلفة.
وتطرقت إلى الجهود التي تبذلها دولة قطر لدعم الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة، حيث تعاونت جمعية الهلال الأحمر القطري مع منظمة الصحة العالمية والمجموعة الصحية لتوزيع الإمدادات الطبية على المنشآت الصحية في رفح، بالإضافة إلى توفير الإمدادات الطبية لمستشفى القدس الميداني من قبل جمعية الهلال الأحمر القطري لصالح جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في رفح.
وأضافت أن قطر قامت أيضا باستضافة قرابة 1500 من الجرحى الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة لا تتوفر في غزة، وذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية ووكالة الأونروا، مثمنة الدور القطري في توفير العلاج، بما في ذلك تركيب الأطراف الاصطناعية وإعادة التأهيل الطبي للمرضى.
وأشارت إلى أن هناك تعاونا كبيرا بين منظمة الصحة العالمية وعدد من الجهات القطرية، مثل الهلال الأحمر القطري وقطر الخيرية وصندوق قطر للتنمية ومؤسسة قطر والتي تساهم بجهود ملموسة على أرض الواقع في دعم القضايا الإنسانية الصحية.
كما أوضحت الدكتورة حنان بلخي أن منظمة الصحة العالمية تعمل على تعزيز التعاون بين الدول، مشيرة إلى أن هناك تعاونا ثنائيا بين بعض الدول في الإقليم، وأكدت أن المنظمة تسعى دائما إلى دعم هذه الجهود وضمان التنسيق الفعال بين مختلف الجهات الفاعلة، لضمان استجابة صحية أكثر كفاءة وقدرة على مواجهة التحديات.
ولفتت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، والتي تولت منصبها في بداية فبراير 2024، إلى أهمية تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الصحية التي تواجه المنطقة، موضحة أن إقليم شرق المتوسط هو أحد الأقاليم الستة لمنظمة الصحة العالمية، ويضم 22 دولة تتضمن دولا عربية وباكستان وأفغانستان وإيران.
وقالت سعادتها: "إن هذا الإقليم يعد من أكثر الأقاليم تأثرا بالكوارث الطبيعية والصراعات، حيث يضم أكبر عدد من الدول التي تعاني من النزاعات، وأكبر عدد من النازحين داخليا واللاجئين عالميا، وهو موطن لـ 40 بالمئة من سكان العالم الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، كما يستضيف 55 بالمئة من لاجئي العالم".
كما أوضحت أن العديد من دول الإقليم تواجه تحديات إضافية تتعلق بالعقوبات الاقتصادية والسياسية، ما يؤثر بشكل مباشر على أولويات الصحة العامة، حيث تنهار المنظومات الصحية الهشة في مواجهة تداعيات مثل الصراعات والكوارث، لافتة إلى أن تحقيق السلم يأتي في المقام الأول لتحقيق الاستقرار الذي يدعم أولويات الصحة العامة.
وأضافت أن توليها هذا المنصب جاء بعد قرابة خمس سنوات قضتها في جنيف كمساعدة للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، حيث عملت على قضايا مقاومة المضادات الحيوية على المستوى العالمي. لكنها أكدت أن مسؤولياتها الحالية في إدارة كافة الأجندات الصحية لإقليم شرق المتوسط تشكل تحديا أكثر تعقيدا.
وتحدثت سعادة الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط عن رؤيتها للعمل في الإقليم، والتي تقوم على مبدأ "من الإقليم إلى الإقليم"، بهدف تعزيز الاعتماد على الذات بين دول المنطقة، سواء على المستوى الوطني أو عبر التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، مشيرة إلى أهمية وجود دول قوية قادرة على تقديم الدعم التقني والمادي والسياسي، ما يسهم في تحقيق نهضة شاملة في المنطقة.
وبينت أن الهدف من زيارتها للدوحة في المقام الأول هو تقديم الشكر لدولة قطر على دعمها المستمر للإقليم ولمنظمة الصحة العالمية، لا سيما في مجالات التعليم الطبي، حيث شملت الزيارة لقاءات مع عدد من الجهات الفاعلة والمسؤولين لمناقشة عدد من المبادرات الهامة.
وأضافت أن النقاشات تمحورت حول مبادرات جديدة تتعلق بتوفير الرعاية الصحية، والمعدات الطبية والأدوية، وتعزيز الأمن الدوائي في الإقليم عبر الاعتماد على الاكتفاء الذاتي للدول بشكل أكبر، مشيرة إلى أن المنظمة تسعى إلى دعم الدول الأعضاء في بناء مصانع محلية للأدوية والمستلزمات الطبية، تحقيقا للاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات.
وتطرقت إلى عدد آخر من المبادرات الجديدة التي تتم مناقشتها مع قطر، ومنها تعزيز برامج طب الطوارئ، وزيادة أعداد الكوادر الطبية المدربة، وإجراء بحوث علمية حول مكافحة الإدمان، مشيدة بجهود قطر في المجال الصحي، ومعتبرة أن تجربة الدولة في اعتماد جميع بلدياتها والمدينة التعليمية كمدن صحية يمكن أن تكون نموذجا يحتذى به.
وسلطت المديرة الإقليمية للمنظمة الضوء على الجهود المبذولة للقضاء على شلل الأطفال، مؤكدة أن أفغانستان وباكستان هما الدولتان الوحيدتان المتبقيتان عالميا اللتان لا يزال سريان فيروس شلل الأطفال البري نشطا فيهما.
وشددت على أن الوصول إلى الأطفال في المناطق النائية والجبلية وما يحف هذه المهام من مخاطر أمنية يشكل العقبة الأكبر أمام القضاء على هذا المرض، حيث إن التحديات الجغرافية وليس التمويل هي العائق الأساسي أمام استئصال المرض نهائيا في هاتين الدولتين.
وأشارت إلى أن جزءا من زيارتها لقطر كان مخصصا لمناقشة سبل دعم هذه الجهود، لا سيما فيما يتعلق بتقوية البنية التحتية الصحية في المناطق النائية لضمان وصول التطعيمات الأساسية للأطفال.
وأضافت أنها ناقشت مع المسؤولين في قطر قضايا أخرى، مثل تعزيز طب الطوارئ من خلال تدريب الكوادر الصحية، واستضافة حوار استراتيجي لزيادة أعداد الكوادر الطبية في الإقليم، بالإضافة إلى التعاون في مكافحة إدمان المخدرات عبر البحوث العلمية ووضع استراتيجيات للحد من انتشار هذه الظاهرة التي تؤثر على رفاهية وإنتاجية الشعوب.
وشددت على أن تحقيق الأمن الصحي في الإقليم يتطلب تكاتف جميع الدول، من خلال التعاون الإقليمي في بناء أنظمة صحية قوية قادرة على مواجهة التحديات وضمان مستقبل صحي أفضل لشعوب المنطقة.
وفيما يتعلق بالاستعداد للأوبئة، أكدت المديرة الإقليمية أن الأوبئة ستظل جزءا من واقعنا، وأن بناء القدرات والاستثمار في المختبرات والرعاية الصحية والتثقيف الصحي ضروري لمواجهة أي جائحة مستقبلية.
وأشادت بتجربة قطر في إدارة جائحة (كوفيد-19)، وبالإجراءات الصحية التي اتخذتها خلال استضافتها الناجحة لكأس العالم 2022.
وشددت من جهة أخرى على أن منظمة الصحة العالمية ستواصل العمل مع دول الإقليم لتعزيز الجاهزية والاستجابة الصحية، مؤكدة أن الاعتراف بوجود الأوبئة واتخاذ التدابير المناسبة مثل العزل والوقاية هو الأساس لمكافحة انتشار الأمراض المعدية في المستقبل.
وفيما يتعلق بالوضع الصحي في قطاع غزة، أكدت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أن قطاع غزة، الذي لم يشهد تسجيل أي حالات شلل أطفال على مدى عقدين من الزمن، يواجه اليوم تحديات صحية كبيرة بسبب الانهيار التام في بنيته التحتية في أعقاب الحرب الأخيرة.
وأوضحت أن خطورة تفشي المرض مجددا تتلخص دواعيه في تلوث المياه والمجاري المنتشرة في الشوارع، إلى جانب الانخفاض الحاد في معدلات التطعيم منذ 7 أكتوبر 2023، مما أدى إلى تراجع مناعة الأطفال بشكل خطير.
وقالت سعادتها: "قمنا بحملة تطعيم واسعة ضد شلل الأطفال في غزة خلال شهر يوليو الماضي، ورغم الصعوبات الكبيرة، تمكنا من تنفيذها، كما أطلقنا حملة أخرى الشهر الماضي في محاولة للحد من انتشار المرض ومع ذلك، فإن استمرار هذه الظروف يسهم في عودة الأوبئة القديمة، إلى جانب إمكانية ظهور أمراض جديدة لم نكن نعرفها من قبل".
وفي ردها على سؤال آخر حول آليات رصد الأوبئة قبل أن تسبب صدمة للعالم على غرار وباء (كوفيد-19)، أكدت المديرة الإقليمية أن المنظمة تعتمد على شبكة من "نقاط الاتصال" في كل دولة، وهي مسؤولة عن الإبلاغ الفوري عن أي تفش للأمراض وفقا للوائح الصحة العالمية، التي تلتزم بها جميع الدول الأعضاء في المنظمة.
وأوضحت قائلة: "لدينا فرق متخصصة في المكتب الإقليمي بالقاهرة والمكتب الرئيسي في جنيف تعمل على مراقبة التقارير الواردة من الدول بشأن انتشار الأمراض ونتابع عن كثب أي تفش جديد ونقيم مدى خطورته، سواء كان انتشارا محدودا أو تهديدا عالميا، كما نركز على أمراض بعينها مثل الكوليرا، والإنفلونزا، والحمى الشوكية، وجدري القردة (إمبوكس)".
وأشارت إلى أن نجاح جهود المنظمة يعتمد على مدى التزام الدول بالإبلاغ الفوري عن أي تفش للفيروسات، منبهة إلى أن بعض الحكومات تتردد في الإعلان عن وجود أوبئة لأسباب سياسية أو اقتصادية.
وأضافت: "هناك حالات تأخير في الإبلاغ تؤدي إلى تفاقم الأزمة، ولو كان هناك تعاون كامل وشفافية بنسبة 100%، ربما لن نشهد أوبئة واسعة النطاق مجددا.. التقاعس عن الإبلاغ قد يكون له أسبابه أيضا، مثل التحديات اللوجستية أو عدم توفر الإمكانيات اللازمة لرصد الأمراض سريعا، ومع ذلك، فإن الاستجابة السريعة والشفافية في الإبلاغ تظل العامل الأهم في احتواء أي تفش قبل أن يتحول إلى جائحة عالمية".
وفي ختام حوارها مع وكالة الأنباء القطريةقنا جددت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط شكرها الخاص لدولة قطر على دعمها المستمر لجهود المنظمة.
وقالت الدكتورة حنان بلخي "أود أن أعبر عن امتناني العميق لدولة قطر ولكل شركائنا داخلها على دعمهم السياسي، واللوجستي، والتقني، والمادي، سواء من خلال منظمة الصحة العالمية أو عبر دعمهم المباشر لدول الإقليم وأن هذه الشراكات والتعاون المشترك هي السبيل الوحيد لإعادة بناء قدرات إقليم شرق المتوسط واستعادة مجده الصحي".
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
0 تعليق