حوارات
"وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران 139).
قال أحد الشعراء القدماء: "إنّ من الذلّة والإذعان، إكرام من يلقيك بالهوان"، وهو يشير، بالطبع، الى ضعف وهوان من يُكْرِم، أو يحترم من يتعامل معه بهوان وبإذلال.
ومن بعض أسباب إذعان بعض النفر لهذا النوع من الخزي والمذلّة على يد من يهينهم، ويحتقرهم، ويصغّرهم، نذكر ما يلي:
- هوان المرء على نفسه: لا يُكْرِم من يتعمّد إهانته وإذلاله سوى من فقد احترامه لنفسه، وضعف لديه تقدير الذّات، أو كاد يختفي، حتى وصل به الضعف الى درجة طأطأة رأسه لمن يحتقره، ولا يراه شيئاً.
- التربية الأسرية السيّئة: يرسخ في عقول بعض الأشخاص المهانة، و"قلّة القيمة" منذ الصغر بسبب تعرّضهم لتربية أسريّة سيئة على يد ولي أمر ضعف أمام الناس، وفقد احترامه لنفسه، وسعى الى تعويض نقصه عن طريق جلد أبنائه أو بناته، فيتحوّل الابن أو الابنة مع مرور الوقت الى أشخاص لا يحترمون أنفسهم، ويقبلون الهوان والاذلال على أيادي الآخرين، فلا عجب أن يُكْرِم هؤلاء من يلقاهم بالهوان.
- البيئة الفاسدة: ينشأ الانسان في بيئة فاسدة يكثر فيها أهل الدناءة، فيتطبّع بأطباعهم، وربما ينغرس في عقله وقلبه الرضا بالهوان، فلا يتأفّف هذا النفر من الاهانات المباشرة الموجهة إليهم، فيُكرِمون من يذلّهم، وربما يودّونه.
- الجُبن: يخاف المرء من الإِقدام، ويجبن عن فهل أشياء كثيرة في حياته، وربما ينغرس الجبن في قلبه، فيبدأ يُكرم من يهينه مخافة غضبه، والجبن مرض روحيّ يمكن التخلّص منه إذا توافرت الإرادة، فإمّا أن يعيش الفرد حياة كريمة خالية من الهوان، أو يقوّي قلبه على مواجهة ما يخاف منه، أو يتصنّع الشجاعة حتى يتقنها، وفي الحديث الشريف: "شرُّ ما في رجُلٍ شُحٌّ هالعٌ، وجُبنٌ خالعٌ".
- إهانة النفس: يهين بعض الناس أنفسهم باختيارهم عبر وضعها في مواقف وظروف مهينة، إمّا بتودّدهم المفرط الى من يعلمون في دواخلهم أنه ينظر إليهم بدونيّة، أو بقبولهم لتجرّؤ سفلة القوم عليهم، وتفادي زجرهم بحجج الأدب والتهذّب المزيّف.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@
0 تعليق