- 100 مقاتلة شنت الغارة الأولى المفاجئة
- «حماس»: حرب غزة قارب نجاة لنتنياهو... «يضحي بالرهائن»
- إدانات واسعة للمجازر الإسرائيلية... «حرب على الإنسانية»
في اليوم الـ 58 من اتفاق الهدنة، انتقلت إسرائيل إلى مرحلة جديدة من سياسة «الإبادة الجماعية»، بسلسلة غارات جوية على غزة، أوقعت مئات الشهداء والجرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، وأدت إلى انهيار وقف إطلاق النار المتماسك منذ يناير الماضي، ما يجعل مصير 59 رهينة لا يزالون في القطاع مجهولاً.
ففي الساعات الأولى من ليل الإثنين - الثلاثاء، وبينما كان الفلسطينيون في غزة نائمين على افتراض أن وقف النار الهش صامد، شنّت 100 مقاتلة بصورة مفاجئة واحدة من أعنف عمليات القصف منذ بدء الحرب، وضربت مناطق مدنية بشكل عشوائي.
وتعد الضربات انتكاسة كبرى للهدنة التي بدأت 19 يناير بعد 15 شهراً من اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023. وتأتي الهجمات التي أثارت مواقف عربية ودولية منددة بالضربات «الهمجية والمجازر»، وسط تحذيرات من «تصعيد خطير» و«حرب على الإنسانية»، ودعوات لتدخل من المجتمع الدولي، في ظل تعثّر النقاش في شأن المراحل التالية من الهدنة.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أن الغارات أمر بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس عقب «رفض حماس المتكرّر إطلاق سراح رهائننا ورفضها لكلّ المقترحات التي تلقّتها من المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف والوسطاء».
وحذّرت من أنّ «إسرائيل ستتحرّك الآن ضدّ حماس بقوة عسكرية متزايدة»، فيما أكدت وزارة الدفاع أن عملية «الشجاعة والسيف»، ستتصاعد تدريجياً وبقوة كبيرة خلال الساعات المقبلة، ما يزيد من احتمالات استئناف القوات البرية القتال.
وقال كاتس أن الدولة العبرية لن تتوقف «عن القتال طالما لم تتم إعادة الرهائن إلى ديارهم ولم تتحقق جميع أهدافنا من الحرب».
ودعا الناطق باسم الجيش أفيخاي أدرعي، سكان أحياء بيت حانون وخربة خزاعة وعبسان الكبيرة والجديدة، إلى الجلاء الفوري عن أماكنهم والتوجه إلى غرب مدينة غزة ومدينة خان يونس.
كما أشار في بيان، إلى إغلاق معبر رفح، الذي كان يمر عبره 50 مريضاً وجريحاً يومياً من غزة إلى مصر، كجزء من اتفاق الهدنة الذي بدأ سريانه في 19 يناير.
وتحدثت وسائل إعلام، عن فتح الملاجئ بمناطق عدة في تل أبيب استعداداً لرد محتمل من «حماس» أو الحوثيين في اليمن.
واشنطن ترحب
من جانبه، أعلن البيت الأبيض أنّ إسرائيل «استشارت» إدارة الرئيس دونالد ترامب قبل أن تشنّ غاراتها على القطاع.
وقالت الناطقة كارولاين ليفيت لشبكة «فوكس نيوز»، أمس، «كما أوضح الرئيس ترامب، فإنّ حماس والحوثيين وإيران وكلّ من يسعى لترويع ليس إسرائيل فحسب، بل الولايات المتحدة أيضاً، سيدفع ثمناً باهظاً - أبواب الجحيم ستُفتح على مصراعيها».
وأعلن الناطق باسم مجلس الأمن القومي بريان هيوز، ان «حماس كان بإمكانها إطلاق الرهائن لتمديد وقف إطلاق النار، لكنها اختارت الرفض والحرب بدلاً من ذلك».
ورأت «حماس» في بيان أن «إقرار الإدارة الأميركية بأنها أُبلغت مسبقاً بالعدوان الصهيوني، يؤكد شراكتها المباشرة في حرب الإبادة على شعبنا»، معتبرة أن «واشنطن، بدعمها السياسي والعسكري غير المحدود للاحتلال، تتحمل المسؤولية الكاملة عن المجازر وقتل النساء والأطفال في غزة».
«انقلاب» على الهدنة
وأكدت الحركة انّ «نتنياهو وحكومته النازية يستأنفون العدوان وحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين العزل»، و«يأخذون قراراً بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول ويضحون بهم».
وطالبت الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالانعقاد العاجل لأخذ قرار «يُلزم الاحتلال بوقف عدوانه».
كما أكد قيادي، أن الحركة تعمل مع الوسطاء في اتفاق الهدنة، أي الولايات المتحدة وقطر ومصر، على «لجم عدوان الاحتلال».
إنسانياً، أفادت وزارة الصحة التابعة لـ «حماس» بأن حصيلة القتلى بلغت أكثر من 420 وما يزيد على 600 جريح، مؤكدة أن عائلات بأكملها استشهدت.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي، أن معظم الشهداء والمفقودين هم من النساء والأطفال والمسنين، «في سياق مستمر من جرائم الإبادة الجماعية التي تستهدف الإنسان والأرض والتاريخ الفلسطيني».
وأفادت مصادر فلسطينية ووثقت مقاطع فيديو، بأن القصف استهدف خيام النازحين ومدارس تؤوي مئات العائلات، إضافة إلى عدد من المساجد.
من ناحيته، ادعى مسؤول إسرائيلي، طالباً عدم نشر اسمه، أنّ الجيش «شنّ سلسلة ضربات استباقية استهدفت قادة عسكريين من رتب متوسطة، ومسؤولين قياديين، وبنية تحتية إرهابية تابعة لمنظمة حماس الإرهابية»، مؤكداً أن العملية «ستستمر ما لزم الأمر، وستتوسّع لأكثر من ضربات جوية».
وفي المستشفيات التي عانت من قصف على مدى 15 شهراً، تسنّت مشاهدة أكوام من الجثث ملفوفة بأغطية بلاستيكية بيضاء ملطخة بالدماء.
تنديد واسع
إلى ذلك، توالت المواقف المنددة بالغارات المتجددة.
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المجتمع الدولي إلى «إجبار» إسرائيل على وقف «العدوان» في غزة.
وأعربت السعودية عن «استنكارها بأشد العبارات لاستئناف قوات الاحتلال الإسرائيلية العدوان على قطاع غزة وقصفها المباشر على مناطق مأهولة بالمدنيين العزل، من دون أدنى اعتبار للقانون الدولي الإنساني».
ودانت قطر «بأشد العبارات» تجدد الغارات على غزة، محذرة من انتهاج الدولة العبرية سياسات تصعيدية تؤدي إلى «إشعال المنطقة». وشددت على ضرورة استئناف الحوار لتنفيذ مراحل الهدنة.
واعتبرت مصر أن الضربات «تنذر بعواقب وخيمة على المنطقة»، بينما دان الأردن تجدد الضربات «الهمجية»، مشدداً على ضرورة وقفها.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، أن استئناف إسرائيل «غاراتها الوحشية» عمل «مجرد من الإنسانية وتحدٍ للإرادة الدولية».
ورأت تركيا أن هذه الضربات هي «مرحلة جديدة في سياسة إبادة»، في حين دانت روسيا «بشدة أي تحرك يؤدي إلى مقتل مدنيين وتدمير بنى تحتية اجتماعية»، ودعت بريطانيا للعودة إلى وقف إطلاق النار «في أقرب وقت ممكن»، بينما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «صدمته».
وقال المفوض العام لوكالة «أونروا» فيليب لازاريني، إن «تأجيج الجحيم لن يجلب إلا مزيداً من اليأس والمعاناة ويجب العودة إلى وقف إطلاق النار فوراً».
«حماس» تنفي المزاعم بالاستعداد لهجوم جديد
أكدت حركة «حماس»، أن «الادعاءات التي أطلقها الاحتلال في شأن وجود تحضيرات من المقاومة لشن هجوم على قواته لا أساس لها من الصحة». وأضافت «أنها مجرد ذرائع واهية لتبرير عودته للحرب وتصعيد عدوانه الدموي، الاحتلال يحاول تضليل الرأي العام وخلق مبررات زائفة لتغطية قراره المسبق باستئناف الإبادة الجماعية». وفي وقت سابق، أعلن جيش الاحتلال أن الهجوم الواسع، أتى عقب معلومات عن استعداد الحركة لإعادة رص صفوفها، والتخطيط لتنفيذ هجمات جديدة.
اقتراح مصري... هدنة مقابل أسرى
أفادت مصادر «العربية/الحدث»، بأن القاهرة تتواصل مع مسؤولين من حركة «حماس»: لعقد اجتماع يناقش التطورات، بالتزامن مع اتصالات مكثفة مع الوسطاء لوقف التصعيد الإسرائيلي الحالي.
كما أكدت أن إسرائيل أبلغت الوسطاء رفضها وقف إطلاق النار حالياً. وكشفت عن محاولات من الوسطاء للإفراج عن عدد من الأسرى مقابل وقف فوري للنار.
ذكريات الأيام الأولى من الحرب
أعادت الغارات غير المسبوقة من حيث الكثافة والنطاق منذ سريان الهدنة، إلى سكان قطاع غزة ذكريات الأيام الأولى من الحرب التي ألحقت به دماراً هائلاً وأزمة إنسانية كارثية طالت سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون.
وقالت جيهان النحال (43 عاماً) التي تقيم في حي النصر في شمال غربي مدينة غزة «كنت أجهّز السحور للأولاد، وكنت أسمع طائرات إسرائيلية فوق غزة، وفجأة وقعت انفجارات ضخمة، وكأنها أول يوم في الحرب، وفي كل مكان صراخ ونيران تشتعل والغالبية أطفال».
وأضافت «لدينا شهداء وجرحى من أقاربي ولا يوجد دفاع مدني والقصف مستمر. إنّها حرب إبادة حقيقية. في كل مكان قصف. اليوم شعرت أنّ غزة جحيم حقيقي».
بدوره، روى رامز العمارين (25 عاماً) الذي يقيم في خيمة بمنطقة الزيتون في جنوب شرقي مدينة غزة أنّ «القصف من الطائرات الحربية والدبابات في كل مكان. فتحوا نار جهنم من جديد على غزة».
«خطة الجحيم»
في مطلع مارس الجاري، نقلت قناة «كان» العامة عن مصادر قريبة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه سينتظر ليرى ما إذا كان الوسطاء، أي قطر ومصر والولايات المتحدة، سيتمكنون من إقناع حماس بتمديد المرحلة الأولى تحت طائلة «استئناف القتال» في قطاع غزة.
وأفادت بأن نتنياهو يعتزم ممارسة «ضغوط قصوى» على الحركة وفق خطة من ثلاث مراحل تعرف باسم «خطة الجحيم».
ونفّذت إسرائيل إلى الآن بندين وردا في الخطة المفترضة، هما منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وقطع الكهرباء عنه.
وبحسب الخطة، فالمرحلة الثالثة هي استئناف الحرب واستخدام قنابل ثقيلة وفّرتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لإسرائيل.
مقتل أسير وإصابة اثنين
قتل أسير إسرائيلي وأصيب اثنان آخران، إثر العدوان الإسرائيلي المتجدد على قطاع غزة، بحسب «حماس».
واعتبر قيادي في الحركة، أن هدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرئيسي «التضحية بأسرى الاحتلال وحكم بالإعدام ضدّهم»، مضيفاً أنّ «نتنياهو قرّر استئناف حرب الإبادة بوصفها قارب نجاة له من الأزمات الداخلية».
وأكد أن «الحركة وافقت على مقترح المبعوث الأميركي بولر، ففوجئت بمقترح ويتكوف».
وفي القدس، تظاهرت عائلات الأسرى المحتجزين في غزة في ميدان قرب مقر الكنيست.
وحض منتدى عائلات الرهائن، نتنياهو، على «الكف عن قتل» أبنائها المحتجزين.يُذكر أن المرحلة الأولى من الاتفاق الذي بدأ سريانه في 19 يناير الماضي متضمناً 3 مراحل، انتهت في الأول من مارس الجاري، بعدما أطلقت الحركة 33 أسيراً إسرائيلياً مقابل أكثر من 1400 فلسطيني. بينما لا يزال 59 إسرائيلياً محتجزين في القطاع المدمر.
0 تعليق