المرض دائم والعلاج أمل! «وريف الخيرية نموذجاً»

جريدة عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في عصر الرؤية المباركة، عصرالحضارة والتنوير عصر الوفرة المالية والاقتصادية عصر التنمية والبناء وجودة الحياة.

رؤية قادرة على إدارة بوصلة الحياة وإعادة ترتيب شؤونها، أخذت على عاتقها تحريك الساكن، ليغدو ديناميكياً فاعلاً وهزّ الآسن، ليغدو دفقاً فوّاراً. ومسح القائم الشاخص بعين المستقبل المزهر، فيستحيل واقعاً باهراً، وإنجازاً مدهشاً، وحقيقة ماثلة.

إحياء سنة الأوقاف كان لها حق معلوم في متن هذه الرؤية المباركة، علمت أن هناك رابطاً بين التنمية الحضارية المطلوبة وبين شعيرة الوقف الإسلامي.

فتاريخ الحضارة الإسلامية عبر العصور المختلفة كان الوقف رائد هذه الحضارة وعمودها الفقري، بفضله بُنيت المستشفيات وشُقت الطرقات وعُمرت المساجد وشُيدت المدارس.

كرمت الهيئة العامة للأوقاف قبل أيام وريف الخيرية الذراع الخيرية لمستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث ضمن قائمة أكبر الصناديق الوقفية في وطن الخير ومملكة الإنسانية، وحصلت على جائزة المركز الثاني لأكبر رأس مال لصندوق استثماري وقفي على مستوى المملكة، وذلك خلال ملتقى نمو للاستدامة المالية، عن صندوقها المسمى بصندوق الإنماء وريف الوقفي أول صندوق استثماري وقفي في المملكة مفتوح ومطروح طرحاً عاماً، ليكون أداة تمويلية مستدامة تتيح للأفراد والمؤسسات فرصة المساهمة في دعم الرعاية الصحية، حيث يقوم على استثمار رأس المال الوقفي وتوجيه عوائده المالية لتمويل المبادرات الصحية المتخصصة.

في العام ٢٠١٨م شهدت وغيري من الكتّاب والمراسلين المؤتمر الصحفى لولادة صندوق (وريف الوقفي) والذي أكد فيه الدكتور ماجد إبراهيم الفياض الرئيس العام التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وهو يقود خطوات التحول الوطني بكل أبعادها الوارفة لخير المستشفى وأهدافه قائلاً (إن الصندوق هو صندوق استثماري وقفي مفتوح ومطروح طرحاً عاماً توقف وحداته لصالح مؤسسة وريف الخيرية بالشراكة مع شركة الإنماء للاستثمار، يهدف الصندوق إلى تعزيز الدور التنموي للأوقاف الخاصة في دعم الرعاية الصحية عبر تنمية الأصول الموقوفة للصندوق واستثمارها بما يحقق مبدأ التكامل الاجتماعي ويعود بالنفع على مصارف الوقف في سعيها لتكون رائدة العمل الخيري التطوعي لتقديم الرعاية الصحية التخصصية للمرضى من خلال رفع المعاناة عنهم وتوفير الخدمات الصحية التخصصية وترسيخ العمل التطوعي والخيري)، يومها حث المجتمع بكل أطيافه على المشاركة وتعزيز مدى التكافل والتضامن وتقوية النسيج المجتمعي وتلمس احتياجاته والمساهمة في تنمية ونهضة المملكة بدعم الشرائح المستحقة للمساعدة المادية والاجتماعية والصحية لتحقيق رؤية المملكة المستقبلية وبالذات في مساهمة القطاع غير الربحي.

اليوم وبعد مرور هذه السنوات استطاع الوقف الخيري لوريف أن يحقق مركزاً متقدماً في هذا المضمار يتلمس أثره في تحقيق رفاهية المريض وتحسين تجربته وتحقيق سعادته.

تعد صناديق الاستثمار الوقفية، أحد الأوعية النظامية لإدارة وتنمية الأوقاف بشكل مؤسسي، نظراً لما تتمتع به من إطار قانوني وسياسات خاصة بالشفافية والحوكمة، بالإضافة إلى كونها تخضع لإشراف جهات حكومية، وتتيح تلك الصناديق آلية لتنويع الاستثمارات بطريقة تضمن الاستفادة القصوى من الوقف، بما يحقق النفع لعين الوقف والواقف والجهة المستفيدة.

ونحن في شهر البر والإحسان لا نحتاج إلى من يذكرنا بأن خير الناس أنفعهم للناس وأن كل معروف صدقة وأننا يمكننا أن نتقي النار ولو بشق تمرة، تعليمات نبوية تشجع على عمل الخير والسعي الدؤوب إليه والمساهمة فيه.

فالقاعدة الصلبة التي قامت عليها أكثر المؤسسات المدنية في تاريخ الحضارة الإسلامية اعتمدت على الوقف فكلما زاد العمل الخيري وتعددت مصادره وزادت مؤسساته تعزز الاستقرار وتهيأت فرص الإبداع والابتكار وتعزز السِّلم الأهلي وتقَوَّت شبكة العلاقات التعاونية بين أبناء المجتمع.

مستشفيات كثيرة بُنيت في تاريخ الحضارة الإسلامية من أموال الوقف للمقعدين والعجزة وإمداد الأمهات الفقراء بالحليب والسكر وخاصة للمرضعات.

هي فرصة لأغنياء الوطن والمقتدرين منهم ليسهموا بمبادراتهم الإنسانية تجاه مجتمعهم ويكون لهم دور كبير في دعم العمل الخيري، فليس هناك أشد وطأة من المرض وآلامه وعذابه.

وريف وغيرها من الصناديق الوقفية فرصة لإحياء سنة الأوقاف وفق مقاصدها الشرعية وعظيم أثرها على رفاهية الفرد والمجتمع، ولعل الوقف طريقة إسلامية تقضي على تكدس الثروات في أيدي القلة واستئثارهم بها، يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام (تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان...).

فما ينفقه الإنسان الآن يجده حاضراً يوم ينقطع عمله فلا يبقى معه إلا ما أوقفه في حياته، ليس هناك أصدق وأنفع من وقف لا ينقطع ولعل مرض الإنسان وحاجته الدائمة للعلاج هو أنفع الأوقاف فهو بحكم العادة لا ينقرض فالمرض دائم والعلاج أمل.

نبارك لوريف والقائمين عليها هذا الفوز المستحق ونسأل الله أن يوفق المقتدرين على إحياء هذه السنة المباركة.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق