توجه ولي العهد
وحول توطين صناعة المستحضرات الدوائيَّة، والأدوات المكتبيَّة في المملكة، كشف مجموعة من المسؤولين في برنامج «حكاية وعد» على قناة «mbc 1»، عن تفاصيل سؤال ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذي غيَّر منظومة الصناعة السعوديَّة بالكامل، والتشريعات، والتَّصدير، وكل ما يرتبط بالمحتوى المحليِّ، والتحدِّيات التي واجهت قطاع الأدوية خلال عمليَّة التَّوطين.ولفت وزير الاقتصاد والتخطيط -سابقًا- محمد التويجري -خلال اللقاء- إلى توجُّه ولي العهد منذ عام 2018 نحو تعزيز المحتوى المحليِّ، والصناعة الوطنيَّة، من خلال تساؤله عن إمكانيَّة تصنيع قلم يُستخدم يوميًّا محليًّا، حيث أثارت هذه الفكرة نقاشات حول تعقيدات التَّصنيع، والسِّياسات الاقتصاديَّة، وبدائل القلم الرقميَّة، إلَّا أنَّها قادت لاحقًا إلى دراسات معمَّقة حول المنظومة الصناعيَّة في المملكة.
وأوضح التويجري، أنَّ هذا التساؤل لم يكن متعلِّقًا بالقلم كمنتج بحدِّ ذاته، بل كان يهدف إلى تسليط الضوء على ضرورة تطوير قطاع التَّصنيع المحليِّ، وتعزيز التنوُّع الاقتصاديِّ، ودعم التَّشريعات والسِّياسات المرتبطة بالتَّوطين والتَّصدير، ما أسفر عن سلسلة من الإصلاحات الهيكليَّة، شملت فصل وزارة الطاقة عن وزارة الصِّناعة، وإطلاق بنك مخصَّص لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافةً إلى إصدار نظام جديد للمشتريات الحكوميَّة، يعزِّز من المحتوى المحليِّ.
محاولات توطين الإنسولين
كما أشار إلى أنَّ هذه المبادرات عزَّزت منظومة التَّوطين، والصِّناعة الوطنيَّة، حيث تمَّ تشكيل لجنة وطنيَّة كُبْرى برئاسة ولي العهد، تُعرف بـ»لجنة التَّوطين وميزان المدفوعات»، ويُتوقَّع أنْ تسهم هذه الإستراتيجيَّات في تحقيق أهداف رُؤية 2030، من خلال دعم التَّصنيع المحليِّ، والتوسُّع في عمليَّات التَّصدير، بما يعزِّز النموَّ الاقتصاديَّ للمملكة على المدى الطويل.
وقال الرئيس التنفيذي لهيئة المحتوى المحليِّ والمشتريات الحكوميَّة عبدالرحمن السماري، إنَّه مع انطلاق رُؤية 2030، كان المحتوى المحليُّ إحدى ركائزها الأساسيَّة؛ ممَّا استدعى العمل على تطوير مفهومه، وتحديد تعريفه وعناصره، إضافةً إلى استثناء بعض الجوانب، وبدأت بعد ذلك رحلة طويلة لوضع نموذج عمل واضح للمحتوى المحليِّ، يشمل آليَّات التَّطبيق ودمجها في عمليَّات الشراء الحكوميِّ، مع تحقيق توازن بين تمكين الصناعة المحليَّة، وضمان تنافسيَّة المنتجات في السوق.
بدوره، روى وزير الصحَّة فهد الجلاجل، قصَّة توطين دواء الإنسولين في المملكة، مؤكِّدًا أنَّ المملكة شهدت العديد من المحاولات قبل عام 2010، حيث تمَّ توقيع اتفاقيَّات متعدِّدة مع شركات مختلفة، إلَّا أنَّ معظمها لم يحقق نتائج ملموسة؛ بسبب الحاجة إلى تعديل الأنظمة، وإضافة حوافز استثنائيَّة، فيما اختلف النهج هذه المرَّة بفضل الإرادة القويَّة، والتوجُّه الحازم نحو تحويل المعادلة التفاوضيَّة، من مجرَّد اتفاقيَّات، إلى التزام بالشِّراء، وتم اشتراط أنْ يكون الإنسولين المُباع في المملكة مُنتجًا محليًّا.
وأضاف الوزير الجلاجل: إنَّه بناءً على هذا النَّهج، فُتح باب التنافس أمام الشركات، وفق شروط واضحة دون قبول أيِّ استثناءات، أو تعديلات على الأنظمة؛ ممَّا أدَّى إلى تقدُّم عدَّة شركات للمنافسة، وتمَّ الاتفاق مع شركتين بعد مفاوضات مكثَّفة لتوطين إنتاج الإنسولين في المملكة، مع ضمان شراء الإنتاج لمدَّة 7 سنوات، بالإضافة إلى نقل أيِّ ابتكار، أو اختراع في هذا المجال إلى الصناعة الوطنيَّة؛ ممَّا يعزِّز الأمن الدوائيَّ للمملكة، ويدعم إستراتيجيَّات التَّصنيع المحليِّ.
محاولات إغراق سوق الدَّواء
وتحدَّث وزير الصناعة والثَّروة المعدنيَّة بندر الخريِّف، عن قضيَّة محاولة شركات عالميَّة إغراق قطاع الأدوية في السعوديَّة؛ بهدف إقصاء الشركات الوطنيَّة، لافتًا إلى أنَّ السوقَ السعوديَّ يُعدُّ سوقًا مستهدَفًا لكُبْرى الشركات العالميَّة، نظرًا لقوَّته الشرائيَّة العالية، وحجم الإنفاق الحكومي الكبير على القطاع.
وتابع الوزير الخريِّف، بأنَّه في إحدى الحالات المتعلِّقة بتوطين صناعة الأدوية، ظهر فارقٌ سعريٌّ كبيرٌ بنسبة 45% بين أحد الأدوية المهمَّة المستخدمة في علاج السَّرطان، والمُنتج محليًّا، ونظيره المستورد؛ ممَّا جعل الخيار الطبيعيَّ هو شراء الدَّواء من الشركة الأجنبيَّة، ومع ذلك، تقدَّم المصنع المحليُّ بملفٍّ متكاملٍ يوضِّح قدرته على الإنتاج وفق المعايير المطلوبة، وعُرضت القضيَّة على وزير الماليَّة؛ ممَّا أدَّى إلى اتِّخاذ قرار سريع بتعميد الشركة السعوديَّة، وهو ما شكَّل تحوُّلًا جوهريًّا في دعم الصناعة الدوائيَّة الوطنيَّة.
وأشار إلى أنَّ هذه الحالة أبرزت رسالة واضحة مفادها، أنَّ المملكة لنْ تتحمَّل فروق أسعار كبيرة دون مبرِّر، خاصَّةً إذا كان الهدف من المنافسة غير العادلة، هو إقصاء المصانع المحليَّة، وأكدت القراراتُ السريعةُ التي اتُّخذت بين الوزارات، أنَّ المملكة ستدعم التَّصنيع المحليَّ، وستتصدَّى لأيِّ ممارساتٍ قد تعيق نموَّه، بما يحقق التوازن بين جودة المنتجات، وتكلفة الإنفاق الحكوميِّ.
0 تعليق